لبنان المتخلف عن سداد ديونه يواجه تحدي الإصلاحات
تعهد لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة وأصبح الآن متخلفًا عن سداد ديونه، بدء سلسلة من الإصلاحات التي ستشكل اختبارًا أساسيًا للحكومة الجديدة، مع استمرار حراك شعبي غير مسبوق ضد الطبقة السياسية.
وقال مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر «السؤال الحقيقي، هل سيفعل السياسيون كل ما هو ضروري لحل المشكلة؟».
وأضاف محذراً «إذا لم يقترن التخلف عن السداد بالتزام واضح بالإصلاح، فسيؤدي ذلك إلى تسريع الانهيار».
وأعلن رئيس الوزراء حسن دياب السبت أن لبنان لن يكون قادرًا على سداد 1،2 مليار دولار من سندات يوروبوند، هي عبارة عن سندات خزينة صادرة بالدولار، وتحوز المصارف الخاصة والمصرف المركزي جزءا منها وتستحق في 9 آذار (مارس).
مع اول تخلف عن السداد في تاريخ البلاد، كشف دياب أيضًا السعي إلى إعادة هيكلة الدين عبر خوض مفاوضات مع الدائنين.
ويستمر الانهيار الاقتصادي منذ أشهر عدة، في بلد يعاني من ركود ويشهد انخفاضاً حاداً في عملته وقيوداً مشددة على عمليات سحب الدولار من المصارف.
ويرزح لبنان تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني «ستاندر اند بورز». وتعدّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.
ويعد الركود الاقتصادي أحد العوامل الرئيسية التي ادت إلى اندلاع الحراك الشعبي غير المسبوق في تشرين الأول (أكتوبر) ودفعت عشرات بل مئات آلاف من اللبنانيين للخروج الى الشارع مطالبين بإسقاط الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن حل الأزمة.
صندوق النقد
وأظهرت الحكومة، التي ابصرت النور في كانون الثاني (يناير) رغبتها في اصلاح المالية العامة وتبني الإصلاحات التي طال انتظارها.
لكن الخبراء يخشون المماطلة في بلد اعتاد اللجوء إلى المفاوضات السياسية التي لانهاية لها بين الأحزاب الرئيسية.
وطلب لبنان بالفعل مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي تمهيداً لتنفيذ «الإصلاحات» التي يؤمل ان تعيد الاستقرار والنمو.
وبطلب من السلطات اللبنانية، حضر وفد من صندوق النقد الدولي إلى بيروت الشهر الماضي، ولكن لم يتم الإعلان عن أي مساعدة من هذه المؤسسة إلى الآن. ولكن نظراً لحجم الأزمة فأن خطة انقاذ مالية لا بد منها، بحسب الخبراء.
واعتبر نادر «ان صندق النقد الدولي هو الخيار الوحيد للمضي قدماً».
ورأى مروان بركات، رئيس قسم الأبحاث في بنك عوده، أنّه يجب أن تضمن خطة الإصلاح التي ستضعها السلطات بشكل خاص «التقشف» في ما يتعلق بالإنفاق العام، بالإضافة إلى «تحسن في تحصيل الضرائب، وخفض خدمة الدين وإصلاح قطاع الكهرباء»، الذي يعد الثغرة المالية الاكبر.
ولا تزال الطبقة السياسية منقسمة بشدة حول المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي.
ويرفض حزب الله، الذي تهيمن كتلته مع حلفائها على البرلمان، هذا الخيار. وحذر في بيان الخميس من «الشروط» التي تفرضها «أي منظمة دولية»، خوفًا من «الوصاية الأجنبية».
«الإفلاس»
قالت صحيفة النهار الاحد «إن الحكومة أعطت الانطباع المسبق على اتجاهها الى هذه الخطوة (التخلف عن السداد) من دون وسيط دولي اساسي وضروري كان يمكن ان يساعد لبنان ويوفر له التغطية تجاه الدائنين الدوليين هو صندوق النقد الدولي».
وفي إشارة إلى خطر الإجراءات القانونية التي قد يواجهها، لفتت الصحيفة إلى أن لبنان يجب أن يجد «إجماعًا» مع دائنيه حول المفاوضات بشأن إعادة هيكلة الدين.
ونبه محمد فاعور، المتخصص في الشؤون المالية في جامعة كوليدج في دبلن ، إلى انه من اجل اجراء مناقشات مثمرة فأن «الشرط الرئيسي» هو «خطة إنقاذ اقتصادية مجدية وذات مصداقية».
وقال «من وجهة نظر الدائنين، من الأمثل أن يشكل ذلك جزءًا من خطة دعم صندوق النقد الدولي، ما سيمنح لبنان قوة في مفاوضاته».
وتعد الأزمة الحالية الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني السبت التزام حكومته بالإصلاحات التي جرى التعهد بها في مؤتمر مانحين دولي في 2018 لضمان 11،6 مليار دولار من المنح والقروض.
وفي ظل غياب أي اصلاح فعلي في لبنان، فإن هذه المبالغ لم تصل بعد.
وفي تسجيل مصور نشر على مواقع التواصل، انتقد وزير العمل الاسبق والأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت شربل نحاس السلطات وأعلانها التخلف عن السداد.
وقال «هذا ليس قراراً حقيقياً» مضيفاً «إنه مجرد اعتراف بحقيقة معينة، هي إفلاس الدولة والبنك المركزي والبنوك التجارية».
ا ف ب