أبرز الأخبار

العراق: المالكي: انا او «الجحيم»: موجات النزوح تتواصل، والاكراد يتحالفون اقليمياً لحماية الموصل

يبدو ان العراق دخل مرحلة جديدة من «دوامة» الصراع السياسي. وتتشكل هذه المرحلة من عناصر عدة، تمتد ما بين القضية الانسانية التي خلفها اعلان الدولة الاسلامية، وصراعات التقسيم، والفراغ السياسي الذي سببته الخلافات حول تشكيل الحكومة. في هذا السياق، هناك الكثير الكثير الذي يقال، والذي ترك اثراً سلبيا واضحا على مجريات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فبينما تدنى النشاط الاقتصادي الى مستوى الصفر، واقتصر على مجالات الاستهلاك فقط، بدأت هيئات ومنظمات رسمية وشعبية الصراخ طالبة التدخلات الدولية لمنع بعض الكوارث الانسانية، وتقديم عناصر الايواء والاعاشة لملايين الاشخاص الذين فروا من وجه مسلحي «الدولة الاسلامية»، املاً بالحفاظ على حياتهم وحياة اسرهم. ومثل ذلك من فروا من ويلات المواجهات التي لم تترك صغيراً ولا كبيراً من شرورها. بينما بدت المرأة وكأنها العنصر الاكثر استهدافاً في المعادلة الجديدة.
فالتقارير تتحدث عن قرارات «داعشية» بملاحقة النساء لفرض الزواج عليهن بطرق تتقاطع مع الثوابت الانسانية، وفرض الختان عليهن، والزامهن بنوع خاص من اللباس، ومنعهن من الخروج من المنازل الا بحماية «محرم».
وفي الاثناء تمسك الداعشيون بفرض الجزية على المسيحيين في منطقة الموصل وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرتهم.

نزوح الملايين
كل تلك العناصر، يضاف اليها اخطار المواجهات المسلحة، اسست لحالة نزوح قوامها ملايين الاشخاص الذين يبيتون في العراء، بعيداً عن اراضي الدولة الداعشية. الامر الذي اسس لكوارث انسانية استدعت تدخلات دولية.
ومما زاد من حدة الموقف تنامي قوة تنظيم داعش، الذي يشكل العنصر الرئيس في الدولة الاسلامية. والى الدرجة التي نجح مقاتلوها في طرد وحدات من البشمركة الكردية المكلفة بحماية حقول نفطية. ودفع بقيادة الاقليم الكردي الى التنسيق مع اكراد كل من تركيا وسوريا من اجل اقامة تحالف لحماية المصالح الكردية والوقوف في وجه الاطماع الداعشية.
وسط تلك الاجواء صعد نوري المالكي من لهجته الى مستوى التهديد بخلق الفوضى في حال لم يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، متمسكاً بما يعتقد انه حقه باعتباره زعيم الكتلة التي حصلت على اكبر عدد من الاصوات قياساً بالكتل الاخرى.
وفيما أشارت تقارير إلى وجود قائد فيلق القدس الإيراني المكلف بالملف العراقي الجنرال قاسم سليماني في بغداد حاليًا لمباحثات تحسم اختيار رئيس الحكومة العراقية، حذر المالكي من «أي تدخل خارجي» في هذا الأمر، مشيراً الى ما سيجره التدخل من نزاعات داخلية، مطالباً بتكليف كتلته باعتبارها الاكبر نيابياً بتشكيل الحكومة، ودعا المجتمع الدولي إلى حصر تنظيم داعش في العراق وسوريا لانهائه على اراضيهما.

المالكي يهدد
وفي السياق، قال المالكي، في كلمته الأسبوعية أنه من اجل استكمال العملية السياسية تحت سقف القانون والدستور فإنه لا بد من الالتزام بالاستحقاقات الدستورية لاختيار الرئاسات الثلاث للبرلمان والجمهورية والحكومة، حتى بلوغ أهدافها وينعم العراق بالاستقرار.
وشدد على ضرورة استكمال هذه الاستحقاقات الدستورية بعد اختيار رئيسي البرلمان والجمهورية من خلال تسمية المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة عبر احترام ارادة الشعب وعدم السماح لأي تدخلات خارجية في هذا الأمر، في اشارة إلى أنه يمثل الكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حصل فيها ائتلافه «دولة القانون» على 95 مقعداً من مجموع مقاعد مجلس النواب البالغة 328 مقعداً. محاولاً تجاهل بعض الانسحابات من كتلته.
وشدد المالكي على رفض أي تدخل داخلي خارج اطار الدستور، أو أي تدخل خارجي في موضوع اختيار رئيس الحكومة، محذراً أن مثل هذه التدخلات ستشكل مصادرة لإرادة الناخبين وتفتح ابواب جهنم على العراق وعلى تدخلات خارجية تسقط التجربة الديمقراطية وتزج بالبلاد في مرحلة من التصادمات والنزاعات السياسية الخطيرة. رافضاً اية «تبريرات» لتدخلات خارجية في اختيار رئيس الحكومة. وجدد مطالبته بتكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة وفق الاستحقاق الدستوري في اشارة إلى كتلته. كما جدد رفضه بأن تجري هذه العملية خارج السياقات الدستورية، ملوحاً بان ذلك سيفتح الأبواب امام «تجاوزات أخرى على بقية السياقات السياسية وتدخلات خارجية مرفوضة».
وجاء حديث المالكي قبيل لقاء يعقده قائد فيلق القدس الايراني المكلف بالملف العراقي الجنرال قاسم سليماني في بغداد، مع قادة التحالف الشيعي للاتفاق على اسم المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة واعلانه في جلسة مجلس النواب المقررة «اليوم الخميس».
ومن جهتهما، قال مسؤولان إيرانيان كبيران لـ «رويترز»، إن إيران تعتقد أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لم يعد قادراً على الحفاظ على وحدة بلاده وإنها تبحث عن زعيم بديل لمحاربة المتشددين السنة.
وقالا
إن طهران تتعاون مع فصائل عراقية لإيجاد بديل للمالكي، لكن هناك قلة من المرشحين المناسبين. غير انهما اكدا ان النتيجة التي تم التوصل اليها والتي يقرها السيستاني تؤكد أن المالكي لم يعد يستطيع الحفاظ على وحدة العراق.

تنسيق كردي
في سياق مواز، اعلن مسؤول حزبي عراقي كردي رفيع الاربعاء ان قوات البشمركة الكردية تنسق مع مقاتلي الاكراد السوريين والاتراك من اجل مواجهة الجهاديين الذين سيطروا على مناطق سنجار وزمار التي تقطنها الاقلية الايزيدية.
وقال هلو بنجوني رئيس تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في نينوى ان «مقاتلي حزب العمال الكردستاني (التركي) وصلوا الى جبال سنجار ويدافعون عن السنجاريين من هجمات داعش»، مشيراً الى ان مقاتلي هذا الحزب و«غرب كردستان (في سوريا) لديهم منطقة لمواجهة داعش هي ربيعة ومنطقة سنجار».
واضاف «نحن لدينا، محور زمار وباقي المناطق الاخرى شرق وشمال الموصل».
في الاثناء، دان مجلس الأمن الدولي الفظائع التي ارتكبها تنظيم «الدولة الاسلامية» بحق أقليات في العراق، ولا سيما بعد سيطرته على مدينة سنجار، معتبراً أن هذه الانتهاكات قد تشكل «جريمة ضد الانسانية».
وقال اعضاء مجلس الأمن الدولي الـ 15 في بيان رئاسي صدر بالاجماع إنهم «يعربون عن قلقهم العميق حيال مئات آلاف العراقيين، وبينهم كثيرون من افراد اقليات ضعيفة مثل الايزيديين، الذين هجروا بسبب هجمات» تنظيم الدولة الاسلامية.
وأضاف اعضاء المجلس أنهم «يدينون بأشد عبارات الادانة الاضطهاد الممنهج بحق أقليات، وبينهم المسيحيون»، ويدعون «كل الطوائف في العراق الى الاتحاد للتصدي له».
وتفيد تقديرات الامم المتحدة أن نحو 200 الف شخص فروا عندما اقتحم مقاتلو الدولة الاسلامية المدينة، وانسحبت قوات البشمركة الكردية التي كانت تسيطر عليها. وينتمي غالبية هؤلاء النازحين الى الطائفة الازيدية وتعود جذور ديانتهم الى اربعة آلاف سنة، وتعرضوا الى هجمات متكررة من قبل الجهاديين في السابق بسبب طبيعة ديانتهم الفريدة من نوعها.
وتعد مدينة سنجار المعقل الرئيسي للايزيديين في العراق، لكن هذه المدينة التي يقطن فيها نحو 300 الف نسمة سقطت بيد تنظيم الدولة الاسلامية الذي كان سيطر على مدينة الموصل في العاشر من حزيران (يونيو)، اضافة الى مناطق واسعة في شمال ووسط وغرب البلاد.
واذ ذكر مجلس الأمن بأن تنظيم الدولة الاسلامية سيطر على انحاء واسعة من سوريا والعراق، اكد أن هذا التنظيم «لا يشكل تهديداً لهاتين الدولتين فحسب وانما ايضًا للسلام والأمن والاستقرار الاقليمي».
وأعاد مجلس الأمن التذكير بأن هذا التنظيم المتطرف مدرج على القائمة السوداء للامم المتحدة للتنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة، مشدداً على أن الدول الاعضاء ملزمة بالتالي بتطبيق العقوبات المفروضة عليه بموجب هذا القرار والمتمثلة بفرض حظر على الاسلحة، وتجميد اموال، ومنع من السفر.
وأكد المجلس ايضاً أن «الهجمات الممنهجة ضد السكان المدنيين بسبب انتمائهم الاتني أو الديني أو بسبب معتقدهم يمكن أن تشكل جريمة ضد الانسانية يجب على المسؤولين عنها أن يحاسبوا عليها». وجدد المجلس كذلك دعمه للحكومة العراقية في جهودها لمواجهة «التهديد الارهابي»، مطالباً كل الجماعات السياسية في العراق بـ«العمل على تعزيز الوحدة الوطنية».

معصوم يطلب التجدة
في الاثناء، كشف الرئيس العراقي فؤاد معصوم خلال اجتماعه مع وفد يضم ممثلين عن المكونات العراقية، ومنها الطائفة الايزيدية، عن طلب تقدم به إلى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون لمساعدة بلاده في ايقاف نزيف الدم، «ونجدة النازحين الفارين من بطش الجماعات التكفيرية» عن طريق تقديم المساعدات الانسانية لهم بعد تصاعد عددهم إلى اكثر من مليون نازح.
وأضاف أنّه طالب السفير الأميركي في العراق بأن تقدم بلاده مساعدات انسانية عاجلة إلى النازحين، كما دعا رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق لايصال المساعدات للمنكوبين في أسرع وقت ممكن. واعرب عن قلقه البالغ، وقلق الحكومة العراقية لما يجري في مناطق سنجار الشمالية والمناطق الأخرى التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية «داعش».
وأشار معصوم إلى أنّه أجرى اتصالات مع مختلف القوى السياسية والحكومية وبالأخص وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة المركزية ووزارة البشمركة في حكومة إقليم كردستان من أجل التنسيق بين هذه المؤسسات لاستعادة السيطرة على المناطق التي اغتصبتها داعش ودحر قوى الارهاب والتكفير والقتل فيها.
وبحث الوفد مع معصوم التطورات الأخيرة الحاصلة في مناطق نينوى وكركوك وضرورة تنسيق الأجهزة الأمنية جهودها مع الجهات المعنية للتصدي لجماعة داعش ودحرهم خصوصاً في مناطق سنجار.
وشدد الوفد على أن عامل الوقت مهم جداً في هذه الظروف ولا بد من التدخل الفوري لتجنب سقوط المزيد من الضحايا ولإنهاء معاناة النازحين في جبل سنجار، وأعرب عن قلقه من زيادة الوفيات جراء الجوع والعطش والظروف المناخية القاسية التي يتعرضون لها. ودعا الرئيس إلى ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية والجهات المعنية في تلك المناطق.
وكانت النائبة الايزيدية فيان دخيل قد أكدت أن المكون الايزيدي يتعرض لإبادة جماعية من عناصر داعش التي استباحت دماء الاطفال والشباب وهتكت اعراض النساء بعد محاصرتهم في جبل سنجار منذ 48 ساعة وحتى الآن.
وأضافت في كلمة خلال جلسة مجلس النواب العراقي، وهي تجهش بالبكاء، أن نحو 500 ايزيدي قتلوا على ايدي زمرة داعش، فضلاً عن سبي 500 امرأة ايزيدية اخذتهن قوات داعش كجوارٍ، وهنّ مسجونات في اماكن قريبة من تلعفر، داعية الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم إلى تخليص الايزيديين من الوضع الانساني السيئ الذي هم فيه الان. وأشارت إلى تهجير 30 الف عائلة من قضاء سنجار مع وفاة 70 طفلاً و100 شيخ وامرأة بسبب الوضع الانساني السيىء الذي يعيشونه حالياً.

قصف المسيحيين
بالتوازي، شهدت مناطق مسيحية عدة شرق مدينة الموصل في شمال العراق موجة نزوح جماعي إثر تعرضها لعمليات قصف بقذائف الهاون أسفرت عن مقتل شاب على الأقل. وأفاد شهود عيان أن مناطق تلكيف وبرطلة وقرقوش والقرى المحاذية لمدينة أربيل التي لجأ إليها آلاف المسيحيين بعد أن فروا من مدينة الموصل، تتعرض لهجمات منذ سيطرة عناصر الدولة الإسلامية على بلدتي سنجار وزمار، شمال غرب العراق.
وقال مسؤول رفيع في قوات البشمركة الكردية لوكالة الصحافة الفرنسية «قتل ضابط برتبة رائد في قوات البشمركة وأُصيب 13 آخرون بانفجار سيارة عسكرية من طراز هامر مفخخة يقودها انتحاري استهدف قواتنا في قرية عالية رش التابعة لناحية برطلة» الواقعة على بعد 65 كلم شرق محافظة أربيل كبرى مدن إقليم كردستان العراق الشمالي.
وأكد رجال دين مسيحيون ومصادر في قوات البشمركة أن المناطق المسيحية الواقعة في شرق وشمال الموصل تعرضت لعمليات قصف منذ أيام عدة. وقال الكاردينال لويس ساكو إن شاباً مسيحياً واحداً على الأقل قتل في هذه الهجمات.
وقال ساكو «إن شاباً يدعى لجين حكمت وهو موظف يعمل في كنيسة القلب الأقدس في تلكيف توفي إثر جروح أُصيب بها جراء سقوط قذيفة هاون قرب الكنيسة».
وأضاف «أن بلدة برطلة شهدت نزوحاً لعائلاتها خلال الأيام الثلاثة الماضية، وبدأت عملية النزوح بعد تحشيدات لقوات البشمركه في المنطقة من أجل تحرير منطقة كوكجلي التي تقع غرب برطلة» الواقعة شرقي الموصل (350 كلم شمال بغداد).
وأُجبر آلاف المدنيين بينهم يزيديون وأقليات أخرى على النزوح من منازلهم نهاية الأسبوع الماضي، عندما انسحبت قوات البشمركة الكردية من مناطق كانت تسيطر عليها في شمال وغرب الموصل.
من جانب آخر، وجه ساكو رسالة إلى قداسة البابا فرنسيس وبطاركة الشرق رؤساء المجالس الأسقفية حذر فيه من كارثة إنسانية تواجه المسيحيين في العراق.
وقال «إن المسيحيين عزّل وخائفون أمام متغيرات متسارعة، يضعون كل الاحتمالات أمام أعينهم».

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق