الاقتصادمفكرة الأسبوع

الاتفاق التجاري مع الصين هدنة لترامب وناخبيه

يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء اتفاقاً يعلق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، موجهاً بذلك إشارة تهدئة في اتجاه قاعدته في مطلع سنة انتخابية تبدأ بآلية مدوية لعزله.
وسيتم التوقيع على الاتفاق في البيت الأبيض في الساعة 11،30 (16،30 ت غ) بحضور نائب الرئيس الصيني ليو هي، ما يبشر بهدنة مؤقتة في منازلة رهانها الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية على العالم.
وباشر ترامب الحرب التجارية في ربيع 2018 بهدف وضع حد للممارسات التجارية الصينية «غير النزيهة» برأي واشنطن، وتم في هذا السياق تبادل رسوم جمركية مشددة بين البلدين شملت مئات مليارات الدولار من البضائع.
وبرغم الاتفاق، يبقى تهديد الرسوم الجمركية مخيماً إذ حذر وزير الخزانة ستيفن منوتشين الأربعاء متحدثاً لشبكة «سي إن بي سي» قبل ساعات من مراسم التوقيع، أن واشنطن تبقى على استعداد لتشديدها إذا لم تحترم بكين التزاماتها.
كذلك دافع مستشار البيت الأبيض لاري كادلو عن استراتيجية الضغوط القصوى على الصين.
وقال لشبكة «سي إن بي سي» إن «الرسوم الجمركية شكلت عاملاً جوهرياً» للتوصل إلى هذا الاتفاق مضيفاً «دونالد ترامب كان على حق».
وتتوقع الإدارة الأميركية أن يعزز هذا الاتفاق نمو الاقتصاد الأول في العالم بمقدار نصف نقطة مئوية.
لكن الواقع أن الحرب التجارية انعكست بشدة على قطاعي الزراعة والتصنيع في الولايات المتحدة، وهما القطاعان اللذان أوصلا الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض في 2016.
وراهن ترامب على الحس الوطني للعاملين في الزراعة والصناعة، فطلب منهم أن يصبروا مبشراً بمستقبل أفضل، وقدمت إدارته الحرب التجارية على أنها شر لا بد منه لإعادة التوازن إلى المبادلات التجارية مع الشريك الصيني.
وردد ترامب الذي كان يدعي على الدوام أن الحروب التجارية يسهل كسبها، أن الاقتصاد الأميركي لم يتأثر بالرسوم الجمركية في حين سجل النمو الاقتصادي الصيني تباطؤاً.
لكن الواقع أن هذا الخلاف غير المسبوق من حيث حدته ومدته كبح المستثمرين وانعكس بالتالي على النمو العالمي كما على نمو الاقتصادين الصيني والأميركي.
كما أثارت الحرب التجارية الغضب وصولاً إلى اليأس بين المزارعين.
وفي مثال على ذلك، انهارت صادرات الصويا الأميركي الى الصين عام 2018 إلى 3،1 مليار دولار مقابل 12،3 ملياراً في 2017.
وفي أقل من عامين تراجعت الصين من المرتبة الثانية إلى المرتبة الخامسة لجهة تصدير المنتجات الزراعية الأميركية.
ولتخفيف وطأة الخسائر اضطرت إدارة ترامب إلى صرف مساعدات بقيمة 28 مليار دولار بين عامي 2018 و2019.
لكن ذلك لم يرض المزارعين الذين طالبوا بحل تفاوضي يسمح لهم باستئناف نشاطهم بدل أن يعولوا على المساعدات.

آلية العزل تطغى على حفل التوقيع

وإن كان منوتشين اعتبر الاتفاق «نصراً كبيراً» للشركات الأميركية والمزارعين الأميركيين، فضلاً عن أنه «انتصار سياسي» لترامب إذ يجسد وعداً انتخابياً قطعه في 2016، إلا أن مراسم التوقيع سيطغى عليها حتماً تحرك للنواب الديموقراطيين إذ يتوقع أن يسلموا مجلس الشيوخ الأربعاء البيان الاتهامي الذي صوت مجلس النواب على أساسه على عزل الرئيس.
ومن المؤكد أن إدارة ترامب ستحاول عرض تفاصيل الاتفاق مع الصين من منظور إيجابي.
وقال لاري كادلو «إنها خطوة كبيرة إلى الأمام» مضيفاً أنه «لم يتم إبرام (أي اتفاق) من هذا النوع حتى الآن».
من جهته أعلن منوتشين «للمرة الأولى لدينا اتفاق شامل حول المشاكل التكنولوجية والخدمات المالية والمشتريات» الإضافية من السلع الصينية وكذلك «آلية حقيقية لتطبيق» الاتفاق.
وسيدقّق الخبراء خصوصاً في أي إيضاحات حول المشتريات الإضافية من السلع الأميركية.
وبحسب واشنطن ستشتري بكين منتجات أميركية إضافية بقيمة 200 مليار دولار على فترة تمتد عامين مقارنة مع مستوى المشتريات في 2017.
وقال كادلو الأربعاء أن بإمكان الصين «امتصاص» هذه المشتريات الإضافية، ذاكرا 40 إلى 50 مليار دولار للزراعة و75 مليار دولار للصناعة التحويلية.
ومقابل التعهدات الصينية تنازلت إدارة ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على الصين وخفضت إلى النصف تلك التي فرضتها في الأول من أيلول (سبتمبر) على سلع صينية بقيمة 120 مليار دولار.
كما ستشدد الحكومة الأميركية على الشروع بشكل وشيك في المفاوضات للمرحلة الثانية من الاتفاق، مع التطرق إلى مسائل أكثر حساسية مثل الأمن المعلوماتي.
وأعلن ترامب أنه يعتزم زيارة بكين شخصيا لبدء المفاوضات.
وقال منوتشين «لن يخفض الرئيس الرسوم الجمركية إلا اذا كانت هناك مرحلة ثانية من الاتفاق».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق