مجلس النواب العراقي يطلب إنهاء تواجد قوات التحالف الدولي والقوات الاجنبية الاخرى
المتظاهرون العراقيون يهتفون: لا للاحتلالين الاميركي والايراني
صوت مجلس النواب العراقي الأحد في جلسة استثنائية بحضور رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن وإنهاء أي تواجد للقوات الأجنبية على الأراضي العراقية. من جهتها، أعربت الخارجية الأميركية عن «خيبة الأمل» إزاء هذا القرار داعية السلطات العراقية إلى إعادة النظر فيه.
أقر مجلس النواب العراقي الأحد في جلسة استثنائية بحضور رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قرارا يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء تواجد قوات التحالف الدولي وكذلك أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية، وذلك على خلفية مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية ببغداد.
وصوت مجلس النواب على قرار نيابي من 5 إجراءات منها إلزام الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». والعمل على إنهاء تواجد أي قوات أجنبية في الأراضي ومنعها من استخدام الأجواء العراقية لأي سبب كان.
وخلال جلسة طارئة للبرلمان، نقلت مباشرة عبر شاشة القناة الرسمية للدولة، وبحضور عبد المهدي، صادق النواب على قرار «إلزام الحكومة العراقية بحفظ سيادة العراق من خلال إلغاء طلب المساعدة»، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وفي كلمته في افتتاح الجلسة، حث رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي البرلمان على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء وجود القوات الأجنبية في أقرب وقت ممكن.
وأضاف عبد المهدي في كلمة أمام البرلمان «رغم الصعوبات الداخلية والخارجية التي قد تواجهنا، لكنه (القرار) يبقى الأفضل للعراق مبدئياً وعملياً». وأكد عادل عبد المهدي أن «من مصلحة كل من العراق وأميركا إنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق».
وانتقد عبد المهدي واشنطن معتبراً أنها «بدأت اتباع سياسة معنا أو علينا بعد انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران».
خيبة امل اميركية
وفي أول رد فعل أميركي رسمي على قرار البرلمان العراقي، قالت الخارجية الأميركية إن واشنطن تشعر بخيبة الأمل، وتحث السلطات العراقية بقوة على وضع أهمية العلاقة الاقتصادية والأمنية مع أميركا في الاعتبار وأهمية وجود التحالف بقيادة واشنطن لدحر تنظيم «الدولة الإسلامية».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية مورجان أورتاجوس في بيان «بينما ننتظر مزيداً من التوضيح بشأن طبيعة قرار اليوم وأثره القانوني، نحث بقوة الزعماء العراقيين على إعادة النظر في أهمية العلاقة الاقتصادية والأمنية بين البلدين والوجود المستمر للتحالف الدولي لدحر تنظيم داعش».
العراق يرفع شكوى إلى مجلس الأمن
من جهة أخرى، أرسلت وزارة الخارجية العراقية شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن الدولي بشأن الضربات الجوية الأميركية على أراض عراقية وقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وعدد من العسكريين العراقيين.
وأوضحت الوزارة في بيان أن الشكوى تتعلق «بالهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى على الأراضي العراقية».
ووصف البيان الهجمات بأنها «انتهاك خطير للسيادة العراقية وبمخالفة لشروط تواجد القوات الأميركية في العراق». وطالبت الوزارة مجلس الأمن الدولي بإدانة الهجمات.
بغداد تستدعي السفير الأميركي لديها
وفي وقت سابق الأحد، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الأميركي لدى العراق للتنديد بـ «انتهاك صارخ لسيادة» البلاد، بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد.
وأوضحت الوزارة في بيان أنها أبلغت السفير ماثيو تولر أن «هذه العمليات العسكرية غير المشروعة التي نفذتها الولايات المتحدة اعتداء وعمل مدان يتسبب في تصعيد التوتر بالمنطقة».
«لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»
في السياق خرج متظاهرون في مدن عدة في العراق الأحد وهم يهتفون «لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»، معدلين شعارهم للمطالبة بإبعاد بلدهم عن الصراع في ظل التوتر الذي بلغ أوجه بين طهران وواشنطن إثر اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضربة أميركية في بغداد.
وتتمتع طهران بنفوذ كبير داخل مؤسسة الحشد الشعبي والفصائل المنضوية تحت لوائها، فيما تنشر الولايات المتحدة جنوداً في قواعد عسكرية عراقية، ولها نفوذ لدى بعض القوات الخاصة العراقية التي تشرف على تدريبها.
وتنتشر قوة أميركية في العراق يبلغ عديدها 5200 جندي في العراق ، تعمل على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ضمن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية العام 2014، بناء على طلب من الحكومة العراقية.
ورفض المتظاهرون التدخلات الأميركية والإيرانية على حد سواء، مرددين هتافات ضدها في شوارع الناصرية والديوانية والكوت والعمارة، جنوب العاصمة.
وفي الديوانية، قال احد المتظاهرين «سنقف أمام الاحتلالين الأميركي والإيراني».
«ما رأت سلاماً»
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «سلام لأرض السلام، خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً»، تحت مروحيات الجيش العراقي التي تحلق فوق المحتجين.
ولطالما تجنب العراقيون الدخول في حرب بالوكالة بين طهران وواشنطن، لكن بعد عملية اغتيال سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وجد العراقيون أنفسهم عالقين وسط حرب محدقة قد تنفجر في أي لحظة.
ففي الناصرية، وقعت مواجهات بين محتجين رفضوا دخول مسيرة جنائزية لتشييع رمزي لسليماني والمهندس إلى شارع الحبوبي وسط المدينة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة متظاهرين بجروح جراء إطلاق نار من قبل المشيّعين، وفقاً لمصادر طبية في الناصرية.
قال المتظاهر رعد اسماعيل وهو طالب جامعي، لوكالة فرانس برس «نرفض القتال بالإنابة على أرض العراق وخلق الأزمات تلو الأزمات. نحذر من أن يتم تجاهل مطالبنا تحت أي ذريعة كانت».
وبالفعل، ما هي إلا ساعات بعد انتهاء مراسم التشييع حتى أصدرت «كتائب حزب الله»، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، تهديدات بشن عمليات انتقامية ضد مصالح أميركية في العراق.
ودعت «كتائب حزب الله» القوات العراقية إلى «الابتعاد (…) لمسافة لا تقل عن ألف متر» عن القواعد التي تضم جنوداً أميركيين اعتباراً من مساء امس الأحد، ما يوحي بنيّة لاستهداف تلك القواعد.
وليل السبت الأحد، وقعت هجمات صاروخية استهدفت المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد حيث مقر السفارة الأميركية، وقاعدة جوية شمال العاصمة، يتواجد فيها جنود أميركيون.
ومنذ عملية الاغتيال، تعيش المنطقة والعالم خوفاً من اندلاع حرب.
«لا دولة»
وفي كربلاء خرجت تظاهرة طلابية تندد بالتدخل الخارجي وخرق سيادة العراق، وطالبت بإخراج العراق من ساحة تصفية الحسابات الإقليمية.
وقال أحمد جواد كاظم لفرانس برس «نعلن اليوم استنكارنا ورفضنا التام للتدخلات الأميركية وعمليات القصف التي حدثت في العراق».
وأضاف «كما نرفض أن يصبح العراق ساحة للصراعات الدولية الإقليمية الإيرانية والأميركية، فمن يذهب نتيجة هذا الصراع هو المواطن العراقي».
وتصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على مصالح أميركية في العراق، وصولاً إلى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك شمال بغداد بثلاثين صاروخاً في 27 كانون الأول (ديسمبر)، ما تسبب بمقتل متعاقد أميركي.
كما تعرضت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء الجمعة لهجوم غير مسبوق قام خلاله أنصار للحشد الشعبي بمحاصرتها لمدة يوم.
وفي كربلاء أيضاً، أعرب الطالب علي حسين عن قلقله من التصعيد، خصوصاً في ظل فراغ بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وانقسام البرلمان حيال تسمية مرشح جديد أو تحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة يطالب بها الشارع.
وقال الشاب «نستنكر الأحداث التي وقعت في العراق بالاعتداء على سيادته من خلال الاعتداء على مقرات القوات الامنية والحشد الشعبي وكذلك نستنكر الاعتداء الذي حصل بالقرب من مطار بغداد».
وأضاف «هذا يعبر عن لا وجود لدولة العراق»
فرانس24/ أ ف ب/ رويترز