رئيسيسياسة عربية

العراق: انسحاب المحتجين من أمام السفارة الأميركية في بغداد وتعليق العمليات القنصلية

فرنسا تتضامن مع الولايات المتحدة وتدين الهجوم على السفارة الأميركية

على إثر قرار من قيادة الحشد الشعبي، انسحب الأربعاء جميع المتظاهرين من محيط السفارة الأميركية في بغداد، بعد مرور يوم على اعتصامهم أمامها، وذلك تنديداً بالغارات الجوية التي استهدفت كتائب حزب الله، الفصيل الموالي لإيران والمنضوي ضمن الحشد الشعبي، وأسفرت عن سقوط 25 قتيلاً. وفي وقت لاحق، ذكرت السفارة الأميركية في بغداد أنها علقت جميع العمليات القنصلية العامة حتى إشعار آخر.
انسحب الأربعاء المحتجون من محيط السفارة الأميركية في بغداد بموجب قرار من قيادة الحشد الشعبي غداة اقتحام السفارة من قبل محتجين غاضبين، حسبما نقل مصور لوكالة الأنباء الفرنسية.
وتوجه المتظاهرون إلى مخارج المنطقة الخضراء المحصنة حيث مقر السفارة وساروا وهم يهتفون «حرقناهم»، فيما قامت شاحنات بنقل هياكل حديدية وخيم استخدمها هؤلاء المتظاهرون للاعتصام المفتوح الذي كانوا أعلنوه الثلاثاء عند محيط السفارة.
ولاحقاً ذكرت السفارة الأميركية في بغداد أنها علقت جميع العمليات القنصلية العامة حتى إشعار آخر، وذلك بعد يوم من اقتحام فصائل مسلحة تدعمها إيران وأنصارها محيطها الخارجي وإشعال حرائق وإلقاء الحجارة وتحطيم كاميرات المراقبة.
وجاء في بيان للسفارة «بسبب هجمات الميليشيات عند مجمع السفارة الأميركية، تم تعليق جميع العمليات القنصلية العامة حتى إشعار آخر. جميع المواعيد المستقبلية ألغيت. ننصح المواطنين الأميركيين بعدم الاقتراب من السفارة».
وتأتي هذه التطورات، بعد مرور يوم من الاعتصام أمام السفارة الأميركية ونصب الخيم، إثر هجوم نفذه محتجون غاضبون تنديداً بالغارات الجوية التي استهدفت كتائب حزب الله، الفصيل الموالي لإيران والمنضوي ضمن الحشد الشعبي، وأسفرت عن سقوط 25 قتيلاً.
وللتذكير، أثار ذلك تصعيداً بين طهران وواشنطن ومخاوف لدى الولايات المتحدة من تكرار أحداث سفارتيها في طهران عام 1979 وفي مدينة بنغازي الليبية عام 2012. واستدعت طهران الأربعاء القائم بالأعمال السويسري للاحتجاج على المواقف الأميركية.
وفي بيان، دعا الحشد الشعبي أنصاره إلى «الانسحاب احتراماً لقرار الحكومة العراقية التي أمرت بذلك وحفاظاً على هيبة الدولة» مضيفاً أنه «يقول للجماهير المتواجدين هناك إن رسالتكم وصلت».
وبعيد ذلك أفاد مصور وكالة الأنباء الفرنسية أن محتجين بدأوا بتفكيك الخيم التي نصبوها أمام السفارة.
من جهته، أكد مسؤول رفيع في كتائب حزب الله الفصيل الموالي لإيران الذي استهدف بالغارات الأميركية الأحد في غرب العراق التي أوقعت 25 قتيلاً،  لوكالة الأنباء الفرنسية رفضه الانسحاب والاستمرار في الاعتصام أمام السفارة.
وجرى إغلاق المنطقة الخضراء الأربعاء عشية اقتحامها من قبل المتظاهرين من دون تسجيل صدامات. وبدا أن قرار الإغلاق اتخذ منعاً لالتحاق متظاهرين آخرين بمئات العراقيين الذين قرروا الثلاثاء البقاء قبالة السفارة احتجاجاً على مقتل 25 مقاتلاً من كتائب حزب الله.
ورشق المئات السفارة بالحجارة الأربعاء، هاتفين «الموت لأميركا».
وكان البعض يُنزلون الفراش والأغطية ومؤن من الحافلات، للاستمرار في اعتصامهم عند أبواب السفارة، والمفتوح زمنيا وفقا لهم، قبل أن يصدر أمر الحشد الشعبي.
أما في طهران، فقد تم استدعاء القائم بأعمال السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الأميركية في إيران، للاحتجاج على تصريحات المسؤولين الأميركيين «المثيرة للحروب» في العراق المجاور.
ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن «”القائم بالأعمال السويسري استدعي إلى وزارة الخارجية… على خلفية مواقف لمسؤولين أميركيين في ما يتعلق بالتطورات في العراق». وأضافت أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية أبلغت احتجاج إيران الشديد على تصريحات المسؤولين الأميركيين المنتهكة لميثاق الامم المتحدة والمثيرة للحروب» وفق وكالة تسنيم للأنباء.

خيم وطعام

غير بعيد عن مكان الاحتجاجات، كان طباخون يحضرون قرب الخيم التي نام فيها المتظاهرون، وجبات الطعام اليومية الثلاث.
وإزاء هذا المشهد، كان عناصر من وحدات النخبة العراقية يشكلون حاجزاً يحيط بالسفارة لكنهم باتوا عاجزين بشكل تام عن المواجهة.
وذكر أحد أفراد القوات الخاصة لحماية المنطقة الخضراء وتلوح على وجهه ملامح الإحباط لوكالة الأنباء الفرنسية «فقدنا هيبتنا»، مضيفاً «نحن مكتوفي الأيدي، لا نستطيع منع تدهور الأوضاع، ليس لدينا أوامر حتى نتصرف».
ويثير الاعتداء على السفارة والغارات الأميركية التي سبقتها واستهداف مقرات تضم أميركيين بقذائف، الخشية من تحول العداوة الأميركية-الإيرانية إلى نزاع مفتوح في العراق، البلد الذي يتخذ في الوقت نفسه من الولايات المتحدة وإيران حليفين له.

ترامب يتهم وطهران تندد

واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران بالوقوف خلف الاعتداء على سفارة بلاده في بغداد، وهددها بأنها ستدفع «الثمن غالياً».
ورفضت طهران اتهامها، فيما ندد المرشد الإيراني علي خامنئي الأربعاء بالغارات الأميركية التي وصفها بـ «التصرف الخبيث».
وبرغم أن ترامب أكد أنه لا يريد حرباً مع عدوه اللدود، فإن واشنطن قررت برغم ذلك نشر 750 جندياً إضافياً في الشرق الأوسط، و«من المحتمل جداً» إرسالهم إلى العراق وفق ما قال مسؤول أميركي الثلاثاء.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الاعتداء نفذه «إرهابيون»، في إشارة إلى قياديين في الحشد الشعبي الذي لعب دوراً في الحرب على الجهاديين إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والسلطات العراقية.
وكان قادة في الحشد متواجدين في الموكب الذي كان متجهاً نحو السفارة الأميركية الثلاثاء، فيما كان بعض من قادته العسكريين يلتقطون صوراً وسط الدخان والزجاج المحطم لبعض معدات السفارة.

«يجب الا يكون ساحة للنزاعات»

منذ انسحابها من العراق في 2011 عقب ثمانية أعوام من الاحتلال، خسرت الولايات المتحدة من نفوذها في هذا البلد.
وتؤكد الشعارات المكتوبة على أسوار السفارة ذلك، إذ كان من بينها «لا لأميركا» و«سليماني قائدي»، في إشارة إلى الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني الذي كان بدأ المفاوضات لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تهز العراق منذ الأول من تشرين الأول (أكتوبر) انتفاضة شعبية ضد السلطة المتهمة بالفساد وانعدام الكفاءة، ولكن أيضاً ضد النفوذ الإيراني.
وبدا أن التوتر الإيراني-الأميركي ألقى بظلاله على الاحتجاجات المستمرة، فيما بدأ النواب غير القادرين على التوافق حول الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون، بالسعي نحو تغييرات أخرى.
وفي الأيام الأخيرة، وقع نحو مئة نائب عراقي على دعوة لإدراج مسألة طرد القوات الأجنبية من العراق في جدول أعمال البرلمان.
وصرح متظاهر ضد السلطة في ساحة التحرير في بغداد «إننا واضحون جداً منذ الأول من تشرين الأول (أكتوبر): يجب الا يكون العراق ساحة للنزاعات بين إيران والولايات المتحدة»، مشيراً إلى تصميمه ورفاقه على مواصلة الاحتجاجات.

فرنسا تدين الهجوم

في باريس قالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إن فرنسا تدين «الهجمات ضد مواقع التحالف الدولي في العراق ومحاولات اقتحام السفارة الأميركية في بغداد»، معربة عن تضامن فرنسا التام مع الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية ضمن التحالف الدولي في العراق وسوريا.
وقالت الوزيرة من مضيق هرمز حيث قضت ليلة رأس السنة إلى جانب طاقم فرقاطة كوربيه الفرنسية «تدين فرنسا بشدة الهجمات ضد مواقع التحالف الدولي في العراق ومحاولات اقتحام السفارة الأميركية في بغداد»”، وفق بيان نشر الأربعاء.
وتابعت الوزيرة أن «فرنسا تعرب عن تضامنها التام مع الولايات المتحدة».
وفرنسا حليف رئيسي للولايات المتحدة ضمن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، كما أن لها حضوراً عسكرياً في العراق، خصوصاً في مجال تدريب القوات العراقية.
ولفتت وزيرة الجيوش الفرنسية إلى أنه في هذه المنطقة «يمكن لشرارة أن تسبب حريقاً، كما خشينا أن يحصل بعد الهجمات على البقيق وخريس» ضد منشأتين نفطيتين سعوديتين. وتتهم إيران بالوقوف وراء الهجومين لكنها تنفي ذلك.
وصرحت الوزيرة لـ 180 بحاراً على متن الفرقاطة العسكرية «شرارة، أي خطوة خاطئة أو هفوة في تفسير الأمور، تدركون كما أدرك مدى هشاشة الوضع في المنطقة».
وتابعت «الوضع أيضاً أمام خطر التصعيد» مع الإعلان المرتقب لإيران عن التخلي عن مزيد من التزاماتها في إطار الاتفاق النووي.
وللتذكير، تشارك فرقاطة كوربيه بمهمة مراقبة بحرية أوروبية ستطلق قريباً في مضيق هرمز الذي يعبر منه ثلث النفط المنقول بحرياً في العالم.
وتضم هذه المهمة 400 بحار، ومن المقرر أن تفعل تماماً ابتداء من شباط (فبراير)، بمشاركة هولندا والدانمارك.
وأطلقت الولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) مهمتها الخاصة «سانتينيل» لحماية الملاحة في مياه الخليج.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق