رئيسيسياسة عربية

الاستحقاقات الداهمة هل تدفع الى تشكيل حكومة جديدة؟

يتوقع مصدر وزاري استناداً الى المعطيات المتوافرة لديه ان يشكل الرئيس تمام سلام حكومة جديدة بعد التطورات الاخيرة، اي بعد التوقيع على الملف النووي بين وزير خارجية ايران ووزراء خارجية الدول الدائمة العضوية الخمسة زائد المانيا، وبعد زيارة الرئيس نبيه بري الى ايران على اثر التوقيع الايراني – الغربي والمحادثات التي اجراها مع المسؤولين، وعودته باجواء ايجابية تعزز امكان حصول انفراج على الساحة اللبنانية، كما روّجت اوساطه، ولقائه مع الرئيس فؤاد السنيورة على مدى ساعتين ونصف الساعة في عين التينة، وقد تجنب الرجلان الكشف عما جرى، وقررا الابتعاد عن الاعلام.

تردد في اوساط سياسية ان الرئيس نبيه بري ربما زار السعودية قبل نهاية العام، في اطار حراك ومبادرات سبق واعلنها من دون ان تنتج حلولاً، ويسعى من خلال حراكه المستجد الوصول الى اتفاق الحد الادنى بين اللبنانيين للتفاهم على حكومة جديدة تتولى ملء الفراغ الذي بات خطيراً باعتراف المسؤولين والقوى السياسية والهيئات الاقتصادية التي دقت ناقوس الخطر وربما كانت لها مواقف ومبادرات حلول. ويعتبر المراقبون السياسيون تشكيل الحكومة خطوة اساسية على طريق المرحلة الانتقالية في لبنان قبل التسوية النهائية، بعد شعور الجميع بضرورة قيام حكومة مسؤولة، لأن احداً لم  يعد قادراً على تغطية الفراغ، والتسليم باستمرار التسيب، وبات  الفراغ يلقي بثقله على الاوضاع كافة وعلى كل الصعد. وتبين ان السلة الكاملة التي يطالب بها بعض الاطراف ويسعى للوصول اليها، والتي تتناول الرئاسة والحكومة والمجلس النيابي غير ممكنة، وغير مكتملة الشروط، وان ظروفها غير مهيأة، وفق ما يقول احد الوزراء وذلك بسبب رفض قوى 14 آذار السلة الكاملة، واصرارها على تشكيل حكومة سياسية على قاعدة ثلاث ثمانيات، من دون ثلث معطل ومن دون شروط حزب الله، كما ان الظروف الدولية والاقليمية لانضاج التسوية غير مؤمنة لتحقيق صفقة حل متكامل في لبنان قبل معرفة الحل للازمة السورية والمسار الذي ستسلكه الامور في العراق ومصر.

الحل التسوية
ترى اطراف سياسية ان التسوية التي يكثر الحديث عنها من قبل بعض السياسيين تأتي  نتيجة تغيير في موازين القوى، كما حصل في السابق، عندما اتفق على الطائف. غير ان الامر اليوم غير وارد في لبنان وغير مسموح حصول غلبة لفريق على آخر، وان اتفاق الطائف هو تسوية تتمسك بها الاطراف، لا سيما مكونات 14 اذار، بعدما تم تثبيت معادلة الطائف في اتفاق الدوحة ولو بشكل اعتبره البعض بمثابة تغيير لها او بداية اعادة النظر فيها. وان التسوية التي يتحدث عنها البعض الآن هي تسوية لضبط الاحجام وتنفيس التورم لدى البعض وعودة الامور الى اوضاعها الطبيعية وأحجامها الحقيقية، وهذا ليس تغييراً في المعادلة ولا كسراً لموازين القوى القائمة بعدما تبين ان اطرافاً في الداخل تستقوي بالخارج لفرض شروطها ومطالبها على الحياة السياسية، وتحديداً في تشكيل الحكومة، حتى ان بعض الاطراف راح يتوعد ويهدد بقلب الطاولة على رؤوس الجميع اذا لم تلب مطالبه عند تشكيل الحكومة السلامية.
وفي تقدير بعض المراقبين ان لبنان في ظل ما يجري في المنطقة هو بحاجة الى حكومة مسؤولة لمواجهة الاستحقاقات المحلية والخارجية، والا دخل في المجهول. ان عام 2014 وفق احد الوزراء المطلعين هو عام الاستحقاقات اللبنانية والاقليمية والدولية، مما يستدعي وجود حكومة مسؤولة. فدولياً هناك الاتفاق النووي النهائي بعد انقضاء مهلة الستة اشهر. واقليمياً هناك «جنيف – 2» وصيغة حل الازمة السورية عبر طائف سوري، والاتفاق على الرئاسة في سوريا، وصيغة الحكومة الانتقالية. ولبنانياً هناك الاستحقاق الرئاسي ومن ثم النيابي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 اضافة الى استحقاق المحكمة الدولية في النصف الاول من كانون الثاني (يناير) المقبل. ويرى احد الدبلوماسيين ان هناك ستة اشهر صعبة وخطيرة ومفصلية في لبنان، وان شهر اذار (مارس) هو المفصل والمحك، تنتهي معه عملية تدمير سلاح الدمار الشامل وتبدأ مهلة الشهرين لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، ويتم فيه تحديد الخيار بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية السورية، ولذلك تبدي الاوساط السياسية المطلعة مخاوفها من هذه الفترة، استناداً الى تقارير تشير الى امكان تعرض الساحة الى ضغط امني من قبل اطراف الصراع الدوليين والاقليميين.
ومن اجل مواجهة هذه المرحلة تدعو حكومات غربية الى تشكيل حكومة من دون شروط مسبقة من قبل الاطراف ولذلك تطالب 14 اذار بحكومة حيادية على ان يتم ترحيل الملفات السياسية الخلافية الى هيئة الحوار، في حين تشترط 8 اذار، وتحديداً حزب الله، تشكيل حكومة وفق شروطها بثلث معطل وببيان وزاري يرتكز على «الشعب والجيش والمقاومة» وليس على اعلان بعبدا لتحييد لبنان، او على سياسة النأي بالنفس. فحزب الله وفي ظل رفض القوى الدولية والاقليمية المس باتفاق الطائف والتمسك فيه كصيغة تسوية وحل، يحاول ان يثبت معادلة المثالثة في السياسة بدلاً من المناصفة، وذلك من خلال تكريس مبدأ الثلث المعطل عند تشكيل الحكومة، الامر الذي ترفضه 14 اذار.

صيغة 3 ثمانيات
يكشف احد نواب المستقبل ان صيغة ثلاث ثمانيات كانت قيد التداول والبحث بعدما احرزت المساعي بعض التقدم لو لم يبادر الرئيس نبيه بري بالاتفاق مع النائب وليد جنبلاط الى طرح صيغة 9-9-6 بدلاً من 8-8-8، من وزراء سياسيين يتولى القادة السياسيون اختيار الحقائب. ويكشف احد المراقبين ان تبديل صيغة الحكومة هو الذي نسف امكان الوصول الى اي اتفاق. فاشترطت 14 اذار لتشكيل الحكومة صدور «لأين» من حزب الله: «لا لمشاركة مقاتلي الحزب في الحرب السورية ولا لاعتماد ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة لا بل تبني سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا»، واذا لم تتراجع قوى 8 اذار عن شروطها ستبقى الامور تراوح مكانها، وقد يتم الاتجاه الى حكومة حيادية مهما كانت نتائج الخطوة وتداعياتها، بعدما تبين ان القوى الخارجية الاقليمية الداعمة لقوى 14 اذار لا تحبذ صيغة 9-9-6، والسعودية التي لا تتدخل في التشكيل تؤيد اي موقف تتخذه قوى 14 اذار. ويؤكد احد نواب 14 اذارالعائد من السعودية ان لا اشارات حتى الان  لزيارة الرئيس بري الى السعودية، قبل حصول تغيير في المواقف وانسحاب ايران وحزب الله من سوريا.
وفي ظل هذا الصراع، وتحسباً لوقوع لبنان في الفراغ المخيف والخطير وفي المجهول، تطرح جهات سياسية اقتراحاً يقضي ببقاء رئيس الجمهورية في مركزه حتى انتخاب البديل استثنائياً، وفي ظل حكومة مستقيلة ومن لون واحد لا تمثل جميع المكونات السياسية، وشلل وفراغ في مجلس النواب بعد التمديد له 17 شهراً ، لرفض 14 اذار المشاركة قبل ان تغير 8 اذار، وتحديداً «حزب الله» مواقفها، وتحاول جهات خارجية معنية بالشأن اللبناني ومدركة لخطورة ودقة المرحلة، ان تتدخل عبر وساطة ترمي الى تشكيل حكومة انتقالية بانتظار انضاج صورة الحل في المنطقة على ان يتم بعد ذلك وضع لبنان على سكة الحل باجراء انتخابات نيابية عبر قانون انتخابي جديد.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق