سياسة لبنانيةلبنانيات

سلام: حكومة مختلة التوازن وناقصة المشروعية لن تعيد الثقة ولن تستجلب مساعدات خارجية

اعتبر الرئيس تمام سلام، في حديث نشرته صحيفة «الراي» الكويتية، أن «الاوضاع المتدهورة التي وصلت اليها البلاد ،هي نتيجة السياسات التي اتبعها العهد في السنوات الثلاث الماضية»، محذراً «من تحول لبنان الى دولة فاشلة، في حال استمرار حالة الانكار التي تعيشها القوى المهيمنة على السلطة، وعدم المجيء بحكومة تترأسها شخصية وازنة وموثوقة قادرة على استعادة ثقة العالم».
وانتقد سلام «المقاربات الخاطئة وغير المسؤولة لانتفاضة اللبنانيين في الشارع»، وقال: «هذه الهبة الشعبية حصلت بسبب سوء الاداء والممارسة خصوصاً في الأعوام الثلاثة الاخيرة».
ورأى «أن هناك حملة اعلامية مبرمجة تحمل السياسات التي اعتمدت في الاعوام الثلاثين الماضية اي ما عرف بـ «الحريرية السياسية» تبعات ما وصلت اليه البلاد اليوم»، معتبراً أن هذه الحملة هي «محاولة للتعمية على ما حدث في الأعوام الثلاثة الأخيرة من بدع لا دستورية وإستكبار في السلوك السياسي ما أدى إلى تحطيم المناعة الوطنية والاضرار بمصلحة البلاد».
واشار الى «ملابسات أحاطت بتكليف الدكتور حسان دياب تشكيل الحكومة المقبلة»، وقال: «إن دياب لا مكانة له في الشأن العام ولا وزن سياسياً، وان «تحالف عون – الثنائي الشيعي» يقاربون الأمر وكأننا في أزمة سياسية عادية، وفي حال إستقرار تنعم بها البلاد، في حين أن الأوضاع غير ذلك. فنحن في مخاض عسير وفي عين أخطار كبرى تتهددنا، وليس أقلها الخطر الإقتصادي – المالي غير المسبوق».
وقال: «إن هذه الأخطار تملي المجيء بشخصية من الوزن الثقيل إلى رئاسة مجلس الوزراء، تكون مميزة وقادرة ولها مكانتها، ليس فقط في الطائفة السنية بل في كل الوطن. شخصية تؤمن توازناً مع رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، وهو ما يحدث عكسه الآن. لقد دأب أهل السلطة على التشبث بمقولة أن المراكز الأساسية الثلاثة في الدولة يتبوأها القوي في بيئته، فلماذا الإخلال بهذه المعادلة اليوم؟ ولماذا يكون القوي في رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان وتستثنى رئاسة مجلس الوزراء؟».
وتابع: «نحن أمام عملية معلبة للاتيان بحكومة مشكوك بشرعيتها السياسية، وخصوصاً إذا أخذنا في الإعتبار ما يتم فرضه على الرئيس المكلف من قبل الذين أتوا به».
وشكك «في قدرة حكومة دياب، في حال تشكيلها، على استجلاب مساعدات الى لبنان»، وقال: «إن حكومة مختلة التوازن السياسي والوطني وناقصة المشروعية، لن ترمم الثقة المفقودة بين الناس والدولة في الداخل ولن تشكل رسالة ثقة بلبنان في الخارج، إن بالنسبة إلى المجتمع الدولي أو بالنسبة إلى الدول العربية، ولا سيما الخليجية التي لطالما اعتمد لبنان على دعمها».
ورداً على سؤال، قال: «الرئيس الحريري ليس في منأى عن الخطأ أو سوء التقدير أو التقصير، لكنه بذل في الأعوام الأخيرة جهداً كبيراً ومضنياً من خلال مواقفه الإيجابية والبناءة لإنقاذ البلاد ودعم مسيرة النهوض بالدولة، ودفع أثماناً من خلال إتهامه بتقديم تنازلات كثيرة. لكنه لم يحظ بأي تعاون من الآخرين الذين مارسوا التعطيل والإستئثار وإعتمدوا خطاباً توتيرياً فتنوياً وعملوا على نكء الجراح ونبش القبور وكأنهم إحترفوا طعن التعاقد الوطني. وبلغ بهم الأمر الى حد تجاوز التعصب في مقاربة ملف النازحين السوريين إلى العنصرية».
وأكد «وجود الشعور بالغبن والاحباط والغضب داخل الطائفة السنية»، معتبراً أن «المصلحة الوطنية تقضي بعدم إهمال هذا الواقع وتجاوزه».
ونبه الى أن «البلاد مقبلة على خطر كبير جداً، وقد نصل في غضون شهرين أو ثلاثة وليس أكثر إلى وضع، يسمونه في التعبير السياسي الدولة الفاشلة. وعندما تفشل الدول، يدهمها الإنهيار ويحدث الخراب ونصل إلى المحظور الذي لا يتمناه أحد».
وقال: «عندما عطلت البلاد لعامين ونصف عام للمجيء بالعماد ميشال عون إلى الرئاسة حافظنا على الحد الأدنى من دور للدولة في ضخ ما يحتاجه المواطن لتجاوز تلك المرحلة الصعبة، لكن الآن يحصدون ما زرعوه من سوء أداء وسوء ممارسة، ويتلهون بالحملات على حاكم المصرف المركزي الذي بح صوته من الصراخ وهو يناشد كبار المسؤولين والقادة السياسيين العمل على حل المشكلات السياسية، التي ترهق الواقع المالي والنقدي ويحذر من أن الأمور قد تخرج عن السيطرة… لست في صدد الدفاع عن بعض الإجراءات المالية التي اتخذت تحت وطأة الأحداث السياسية، لكن المسؤول عما حل بنا هو الأداء السياسي الذي مورس على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة خصوصاً».
أضاف: «ثمة فريق أساسي في البلاد يحلو له تحت عنوان «الإصلاح والتغيير»، ممارسة عكسه تماماً. فهو لم يعتمد إلا العرقلة والتعطيل في مقاربته للأمور منذ نشأته وحتى اليوم. عطل البلد لعامين ونصف عام ليصل إلى رئاسة الجمهورية، وهذه فلسفته الدائمة، خلافا للعناوين التي يرفعها، التي تحكم تجربته في العمل العام. وهذا الواقع شكل عاملاً داخلياً أحدث إختلالاً وتقهقراً وتالياً أفسح المجال أمام تدخلات الخارج. غيض من فيض هذا السلوك يتمثل في مسألة الفساد التي يكثر هذا الفريق الحديث عنها. وبعدما وضعوا يدهم على بعض القضاء، يركزون هجماتهم على إستهداف شخصيات معينة على نحو كيدي وغير مطمئن وينطوي على تصفية حسابات، وهم يرفعون شعارات القضاء على الفساد فيما «الشمس طالعة والناس قاشعة». الناس يريدون قضاء مستقلاً عصياً على التوظيف والإستخدام، لنبني وطناً».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق