دوليات

البابا فرنسيس: استخدام الطاقة الذرية لاغراض عسكرية جريمة

بدأ البابا فرنسيس الأحد زيارة لليابان من مدينتي هيروشيما وناغازاكي اللتين شهدتا الاستخدام العسكري الوحيد للأسلحة النووية في التاريخ البشري عام 1945. وأدان الحبر الأعظم الاستخدام العسكري للطاقة الذرية وإن كان بهدف الردع، واصفا إياه بـ «الجريمة»، ودعا إلى التخلص من هذه الأسلحة. والتقى البابا بعدد من الناجين من الكارثتين النوويتين واستمع لشهاداتهم المروعة.
وجه البابا فرنسيس رسالته الداعية للتخلص من الأسلحة النووية، واصفاً استخدام الطاقة الذرية لأغراض عسكرية بـ «الجريمة»، وسط لقاء مؤثر جمعه الأحد في هيروشيما اليابانية مع الناجين من الهجوم الذي تعرضت له المدينة عام 1945.
وتأتي الزيارة بعد ساعات من محطة تتضمن رمزية مهمة في مدينة ناغازاكي، حيث هاجم البابا جميع أنواع الأسلحة النووية، بما في ذلك تلك المستخدمة كوسيلة ردع.
وقتل 140 ألف شخص على الأقل بعدما ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما عام 1945 بينما راح 74 ألفاً ضحية قنبلة ثانية ألقيت على ناغازاكي بعد ثلاثة أيام.
وقال الحبر الأعظم من «نصب السلام» في هيروشيما «في أقل من لحظة، التهم ثقب أسود من الدمار والموت كل شيء. لا نزال من هوة الصمت هذه نسمع صراخ أولئك الذين رحلوا».
وأكد أن «استخدام الطاقة الذرية لأغراض عسكرية يشكل اليوم، أكثر من أي وقت مضى، جريمة ليس بحق الإنسان وكرامته فحسب، بل بحق أي مستقبل ممكن لبيتنا المشترك». ووقع البابا على دفتر لإحياء ذكرى الضحايا الذين قال إنه سيعيش «الحزن تضامناً» معهم، وسط تصفيق حار من الحضور.
وشبك يديه مع أيدي عدد من الناجين المسنين الذين طغت عليهم العاطفة لدى لقائهم الحبر الأعظم البالغ من العمر 82 عاماً والذي رووا أمامه شهاداتهم المروعة.
وجعل البابا الدعوة لعالم بدون أسلحة نووية المحور الأساسي لزيارته المستمرة لأربعة أيام لليابان، إذ بدأها من المدينتين اللتين تعدان الشاهد الأبرز في العالم على فظائع السلاح النووي.
وقال إنه شعر «بوجوب المجيء إلى هنا كحاج من أجل السلام»” وأشاد بـ «قوة وكرامة» أولئك الذين نجوا من الهجوم ومن الثمن الجسدي والنفسي الناجمين عنه.
وكما فعل في ناغازاكي في وقت سابق الأحد، وضع البابا إكليلاً من الزهور البيضاء تكريما للضحايا وحنى رأسه للصلاة قبل لحظة تأمل بينما قرعت الأجراس تكريماً للذين قضوا في الكارثة.

السلام الحقيقي «غير مسلح»

ووصف الناجون من هجوم هيروشيما للبابا التجارب التي مروا بها وأعربوا عن دعمهم لرسالته الداعية للتخلص من هذه الأسلحة.
وكانت بين هؤلاء يوشيكو كاجيموتو التي كانت في الـ24 من عمرها عندما وقع الهجوم.
واستذكرت «الناس وهم يمشون جنبا إلى جنب كالأشباح» قائلة «لا يمكن لأي شخص في العالم أن يتخيل مشهداً من الجحيم كهذا».
وأعرب الناجون عن قلقهم من اختفاء ذكرى الهجومين بعد رحيلهم فيما يأمل بعضهم بأن يسلط البابا الضوء مجدداً على الأحداث التي شهدوها.
وقال الناجي كوجي هوسوكاوا للبابا في شهادة تمت قراءتها إذ لم يتمكن هو من الحضور بنفسه «أعتقد بأن نقل تجربة هيروشيما للأجيال المقبلة هي المهمة الأخيرة الموكلة إلينا كناجين من القنبلة».
وشدد الحبر الأعظم في هيروشيما على أن لا مكان في العالم للأسلحة النووية، ولا حتى كوسيلة ردع.
ويشكل موقفه تحولاً عن أسلافه. ففي خطاب أمام الأمم المتحدة عام 1982، اعتبر البابا يوحنا بولس الثاني أن الردع النووي شر لا بد منه.
وقال البابا فرنسيس «كيف يمكننا اقتراح السلام بينما نلجأ دائماً إلى تهديد الحرب النووية كملاذ شرعي لحل النزاعات؟».
وأضاف «لا يمكن للسلام الحقيقي إلا أن يكون غير مسلح».
وندد في وقت سابق الأحد من ناغازاكي بقطاع صناعة الأسلحة، واصفاً الأموال التي يتم إنفاقها وجنيها في هذا المجال بـ «وصمة عار».

«إعجاب ومودة»

ويحقق الحبر الأعظم الأرجنتيني طموحا كان يتوق إليه منذ زمن طويل للوعظ في اليابان، البلد الذي لطالما أراد زيارته عندما كان مبشراً شاباً.
وقال لدى وصوله إلى اليابان «منذ شبابي وأنا أشعر بإعجاب ومودة كبيرين لهذه الأراضي».
وكما هو الحال في تايلاند، التي كانت المحطة الأولى في جولته الآسيوية، يشكل الكاثوليك أقلية في اليابان حيث تتبع الغالبية خليطاً من ديانتي شينتو والبوذية. ويقدر عدد الكاثوليك في اليابان بنحو 440 ألفاً.
وتعرض المسيحيون في اليابان للاضطهاد على مدى قرون، إذ تم تعذيبهم للتخلي عن عقيدتهم. وفي هذا السياق، أشاد البابا فرنسيس بالأشخاص الذين قتلوا دفاعاً عن ديانتهم مشيراً إلى أنهم شكلوا مصدر إلهام بالنسبة إليه كشاب يسوعي.
ويعود البابا ليل الأحد إلى طوكيو حيث سيلتقي الاثنين ضحايا «الكارثة الثلاثية» في اليابان الزلزال والتسونامي وتسرب المواد المشعة عام 2011.
ومن المقرر أن يقيم قداساً في ملعب للبيسبول في طوكيو وأن يلتقي إمبراطور اليابان الجديد ناروهيتو ويجري محادثات مع مسؤولين في الحكومة اليابانية وقادة كاثوليكيين محليين.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق