الرئيسيةسياسة عربية

القوات العراقية تقتل 10 محتجين في بغداد والبصرة

في بغداد كل الجسور تؤدي الى الثورة

ذكرت الشرطة ومصادر طبية أن قوات الأمن العراقية قتلت بالرصاص ما لا يقل عن ستة محتجين بوسط بغداد يوم الخميس، وقتلت أربعة آخرين أثناء فض اعتصام في مدينة البصرة بجنوب البلاد.
وأصيب عشرات في أنحاء أخرى من البلاد، فيما لم تظهر أي علامة على تراجع الاضطرابات الدامية المستمرة منذ أسابيع.
واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين قرب جسر الشهداء بوسط بغداد. واستخدمت الذخيرة الحية أيضا ضد المتظاهرين في البصرة، المصدر الرئيسي لثروة العراق النفطية.
وفي جنوب العراق، قال مسؤولو ميناء أم قصر إن عشرات المتظاهرين المناهضين للحكومة أحرقوا الإطارات وسدوا مدخل الميناء فمنعوا الشاحنات من نقل الأغذية والواردات الحيوية بعد ساعات من استئناف العمليات.
وفشلت الحكومة العراقية في إيجاد مخرج من أكبر تحد يواجهها في سنوات. وكسرت الاضطرابات حالة الهدوء النسبي التي تلت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في 2017.
وأودت حملة تنفذها السلطات على محتجين معظمهم عزل بحياة أكثر من 260 شخصا منذ تفجر الاضطرابات في أول تشرين الأول (اكتوبر) بسبب نقص الوظائف وتردي الخدمات والبنية الأساسية بفعل الصراع والعقوبات والفساد على مدى عقود.
ويلقي المحتجون، ومعظمهم شبان عاطلون، بالمسؤولية عما آلت إليه الأمور على النخبة السياسية التي تحكم العراق منذ اطاحة الدكتاتور صدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 ويطالبون بإصلاح كامل للنظام السياسي.
وبدأ العراق يشعر بالأثر المالي للاضطرابات المستمرة منذ أسابيع، والتي اندلعت شرارتها في بغداد قبل أن تمتد سريعا إلى المدن الجنوبية.
من ناحية أخرى، قال مصدر بالبنك المركزي إن القطاع الخاص تضرر من قطع الإنترنت الذي فرضته الحكومة لمحاولة كبح الاضطرابات.
وأضاف المصدر أن البنوك الخاصة في العراق سجلت خسائر تبلغ حوالي 16 مليون دولار يوميا منذ أول انقطاع للإنترنت في أوائل تشرين الأول (اكتوبر).
وقال المصدر إن الخسائر المجمعة للبنوك الخاصة وشركات الهاتف المحمول وخدمات تحويل الأموال والسياحة ومكاتب حجز تذاكر الطيران تتجاوز في المتوسط 40 مليون دولار يومياً وهو ما يعادل نحو 1.5 مليار دولار خلال أكثر قليلا من شهر.
واستأنف ميناء أم قصر العمليات لفترة وجيزة في وقت مبكر من صباح الخميس بعدما أخلى معظم المتظاهرين المنطقة. لكن مسؤولي الميناء قالوا إن بضع عشرات من النشطاء وأقارب متظاهر قتل خلال العنف المستمر منذ أسابيع عادوا لإغلاق البوابة الرئيسية.
ويستقبل الميناء معظم واردات الحبوب والزيوت النباتية والسكر التي يعتمد عليها العراق.
وقال مسؤولون في قطاعي النفط والأمن إن العمليات استؤنفت يوم الخميس في مصفاة الناصرية القريبة، حيث أوقف المحتجون ناقلات الوقود من الدخول أو المغادرة يوم الأربعاء.
ويقول مسؤولو وزارة النفط إن الاضطرابات لم يكن لها تأثير كبير على إنتاج النفط وصادراته.
لكن توقف الشاحنات التي تنقل الوقود من مصفاة الناصرية إلى محطات الوقود في أنحاء المنطقة تسبب في نقص الوقود بمحافظة ذي قار الواقعة في جنوب العراق. وقال مسؤولون بقطاع النفط إن المصفاة كانت تعمل في الآونة الأخيرة بنحو نصف طاقتها الإنتاجية.
في غضون ذلك، عادت خدمة الإنترنت لفترة وجيزة في معظم أنحاء العراق يوم الخميس قبل أن تنقطع مجدداً بعد الساعة الواحدة مساء بالتوقيت المحلي (1000 بتوقيت غرينتش). وتفرض السلطات قيوداً شديدة على الوصول للإنترنت خلال الاحتجاجات.
وتقول الحكومة إنها تقوم بإصلاحات دون أن تعرض شيئاً من شأنه أن يرضي معظم المحتجين.
ويقول كثير من العراقيين إن تقديم رواتب للفقراء وتوفير فرص عمل أكثر للخريجين وتعهدات بمعاقبة حفنة من المسؤولين الفاسدين جاءت بعد فوات الأوان بالنسبة الى من يطالبون بإصلاح المؤسسات الحكومية وعملية انتخابية معيبة ونظام حكم يغذي الفساد المستشري.

كل الجسور تؤدي إلى «الثورة»
بدأت الحكاية من «الجمهورية» ثم انتقلت إلى «الأحرار» والآن وصلت إلى «الشهداء». على تلك الجسور، يخوض المتظاهرون العراقيون معركتهم ساعين لمعرفة أي منها يؤدي إلى «إسقاط النظام».
باتت السيطرة على الجسور التي تصل ضفتي نهر دجلة في ثاني أكبر عاصمة في العالم العربي من حيث عدد السكان، مسألة إستراتيجية في الوقت الحالي.
ويسعى المحتجون إلى السيطرة على الجسور بأسلوبين. الأول هجومي، من خلال قطع الطرقات التي تودي إلى المؤسسات الحيوية لتنفيذ العصيان المدني في بغداد.
يقول عماد حسن (45 عاماً) الذي طبع على قميصه عبارة «نريد وطن» لوكالة فرانس برس «نريد أن نوقف كل شيء، يجب الا يذهب أي شخص إلى العمل، وهذه هي الوسيلة التي يمكن أن يساعدنا فيها الناس الذين لا يتظاهرون في إسقاط هذه الحكومة التي تقمعنا».

«سنقاوم»
أما الأسلوب الثاني فهو دفاعي، إذ أن السيطرة ستمنع قوات الأمن من التحشد قرب ساحة التحرير حيث يتجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين.
ويقول المتظاهر عباس (24 عاماً) الذي يرتدي سترة عسكرية متعددة الجيوب ويضع عبوة بيبسي وأدوات أخرى تقيه قنابل الغاز المسيل للدموع «سنبقى هناك، وسنقاوم، لحماية المنطقة» و«الثورة».
ويضيف «إذا لم نقم بذلك، سيهاجمون المحتجين في التحرير بخراطيم المياه الساخنة والغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية بالعيار الثقيل الذي يقتل به الناس كل يوم».
ويشكل جسر الجمهورية العقبة الوحيدة التي تفصل ساحة التحرير عن المنطقة الخضراء الرمزية التي تعتبر معقل السلطة وتخضع لحماية مشددة.
وانطلقت أولى التظاهرات من هذا المكان، حيث أقامت الشرطة ثلاثة حواجز اسمنتية، تطلق من خلفها شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع.
ورفع المتظاهرون ألواحاً معدنية وبراميل صدئة وبطانيات فوق تلك الكتل على أمل إنشاء حاجز، من دون أن يكونوا قادرين حتى الآن على منع وقوع العديد من الضحايا الذين تمزقت جماجم بعضهم بقنابل الغاز تلك.
على بعد بضع مئات الأمتار شمالاً، يؤدي جسراً الأحرار والشهداء إلى الحي الذي تقع فيه مكاتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وقناة “العراقية” الرسمية التابعة للدولة ووزارة العدل.
أما الجسر الرابع، ويسمى جسر السنك وهو مصطلح موروث من الحقبة العثمانية، فيؤدي مباشرة إلى مبنى السفارة الإيرانية التي أحرق علمها من قبل متظاهرين يتهمونها بدعم وجلب «مليشيات» و«فاسدين» في السلطة.

عودة الكتل الإسمنتية
في كل مرة يحاول فيها المتظاهرون عبور الجسر، تعود ظاهرة الكتل الخرسانية إلى الازدهار على الجسور الثلاثة. على تلك الجسور، رفعت قوات الأمن على عجل حاجزين اسمنتيين، من تلك الكتل التي كانت الحكومة تفخر بإزالتها من بغداد خلال الأشهر الأخيرة.
ويتكرر المشهد بشكل يومي على جانبي الجدار الاسمنتي. فمن ناحية تطلق شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، وأحياناً الذخيرة الحية من رشاشات متوسطة أو ثقيلة.
ومن جانب آخر، يقوم المتظاهرون بتسليح أنفسهم ويمطرون الشرطة بكرات زجاجية صغيرة، أو يوجهون الليزر الأخضر والأحمر عليهم أملاً في منعهم من إطلاق النار.
تدور الاشتباكات أيضاً تحت الجسر، حيث تطلق الشرطة النهرية من القوارب قنابل صوتية على المتظاهرين المتنشرين على حافة النهر، من أجل ان يتضاعف صوت صدى الانفجار، لتذكير البغداديين بأصوات التفجيرات وغيرها من السيارات المفخخة في السنوات الماضية.
وعادة ما تبدأ تلك الاشتباكات في فترة ما بعد الظهر في وسط بغداد، وتهتز العاصمة بأصوات التفجيرات حتى وقت متأخر من الليل، قبل التوقف والاستئناف في اليوم التالي.
وأطلقت الشرطة اليوم الخميس الذخيرة الحية على المتظاهرين الذين اقتربوا من المصرف المركزي، فسقط بحسب مصادر أمنية وطبية، ثلاثة شهداء، بين جسري الأحرار والشهداء.

رويترز/ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق