أبرز الأخبارسياسة عربية

مئات القتلى والجرحى في اضطرابات العراق والمهدي يلوح بتعديل حكومي

فتحت قوات الشرطة العراقية النار على آلاف المتظاهرين الذين تحدوا حظر التجول في بغداد يوم الخميس وتبادلت إطلاق النار مع مسلحين في مدن بجنوب البلاد، ليرتفع عدد قتلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ ثلاثة أيام إلى نحو اربعة وثلاثين قتيلاً على الاقل.
وامتدت الاحتجاجات لمدن أخرى في جنوب العراق الذي يغلب على سكانه الشيعة حيث قالت الشرطة إنها واجهت على نحو متزايد متظاهرين مسلحين.
وقالت الشرطة إن شرطيين واثنين من المتظاهرين قتلوا في وقت متأخر يوم الخميس في مدينة الديوانية على بعد 160 كيلومتراً إلى الجنوب من بغداد.
وفي الحلة القريبة، قالت الشرطة ومصادر طبية إن أحد المحتجين تعرض للضرب حتى الموت.
وذكرت مصادر أمنية أن ثلاثة أشخاص آخرين لاقوا حتفهم في أحد أحياء بغداد وأن متظاهرين في أماكن أخرى بالعاصمة أضرموا النار في سيارات تابعة للجيش.
وبدأت الاحتجاجات، التي أصيب فيها ما يربو على 600، للاعتراض على البطالة وسوء الخدمات لكنها تصاعدت إلى دعوات لتغيير الحكومة لتمثل واحداً من أسوأ التحديات الأمنية منذ سنوات.
وتبدو الاحتجاجات مستقلة عن أي حزب سياسي منظم وفاجأت قوات الأمن.
وقال متظاهر في العاصمة «الرصاص لا يخيفنا. لا يخيف العراقيين. كل هذا سيسقط فوق رؤوسهم».
وتجمع ما لا يقل عن 4000 محتج في ساحة الطيران ببغداد وحاولوا السير إلى ساحة التحرير بوسط العاصمة ليُواجهوا بإطلاق النار والغاز المسيل للدموع بكثافة.
واستخدمت الشرطة الذخيرة الحية في حي الزعفرانية ببغداد، حيث قتل محتج بالرصاص وكانت هناك احتجاجات في حي الشعلة بشمال غرب العاصمة.
وقالت الشرطة إن متظاهرين أطلقوا النار على أفرادها في مدينة الرفاعي صباح يوم الخميس قرب مدينة الناصرية الجنوبية حيث قتل سبعة أشخاص ليل الاربعاء وقتل آخر يوم الخميس. وأضافت أن 50 شخصا أصيبوا في الرفاعي منهم خمسة من رجال الشرطة.
وقتل أربعة أشخاص في اشتباكات في مدينة العمارة بجنوب البلاد ليل الاربعاء.
ودعت منظمة العفو الدولية حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى كبح قوات الأمن والتحقيق في حوادث القتل.
وقالت لين معلوف مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية «من الشائن أن تتعامل قوات الأمن العراقية مراراً وتكراراً مع المحتجين بهذه الوحشية باستخدام القوة المميتة وغير الضرورية. من المهم أن تضمن السلطات إجراء تحقيق مستقل وحيادي تماماً».
ودعت الأمم المتحدة الحكومة إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» والسماح بالاحتجاجات السلمية.

ذخيرة حية
أعيد فرض حظر التجول، الذي رفع عن المدن الجنوبية صباح الخميس، على الفور في الناصرية ثم في العمارة. وأعلن فرض حظر التجول أيضاً في النجف والحلة.
وفي بغداد، سعت السلطات لاستباق الاحتجاجات بفرض حظر تجول من الساعة الخامسة صباحاً. وقامت القوات بدوريات في الشوارع الرئيسية والساحات العامة لكن بحلول الصباح كانت مظاهرات متفرقة قد بدأت وأطلقت القوات الذخيرة الحية لتفريقها.
واصطف سكان العاصمة العراقية خارج المتاجر ومحال الأغذية لتخزين مؤن تحسبا لارتفاع مفاجئ في الأسعار أو فرض السلطات المزيد من القيود الأمنية.
ويسعى العراق جاهداً للتعافي منذ هزم تنظيم الدولة الإسلامية في 2017. وتداعت بنيته التحتية بشدة خلال عقود من الاقتتال الطائفي والاحتلال الأجنبي والغزو الأمريكي والعقوبات الدولية والحروب مع جيرانه.
وبعد أن نعمت البلاد أخيراً بالسلم وحرية التجارة، يشكو كثير من العراقيين من أن حكومتهم فشلت في إعادة بناء الدولة.
كانت المظاهرات قد بدأت في بغداد يوم الثلاثاء وسرعان ما تضخمت وامتدت إلى مدن أخرى أغلبها بالجنوب. وأطلقت الشرطة الذخيرة الحية والغاز المُسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المحتجين.
وصب المحتجون جام غضبهم على الحكومة والنخبة السياسية التي يتهمونها بالفساد وعدم فعل شيء لتحسين أحوالهم المعيشية.
وقال رجل يغطي وجهه بوشاح لتلفزيون رويترز «الناس تعرضوا للسرقة. إنهم يتسولون في الشوارع. لا يوجد عمل وعندما تحتج يطلقون النار عليك. ذخيرة حية».
وبالعراق رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم وفقا لصندوق النقد الدولي، لكن معظم سكانه البالغ عددهم 40 مليونا يعيشون في فقر ويعانون من نقص الرعاية الصحية والتعليم وإمدادات الكهرباء والماء.

زيارة الأماكن المقدسة
بدأ العنف قبل بضعة أيام من ذكرى أربعينية الحسين التي يتوقع أن يحييها نحو 20 مليون زائر من الشيعة في جنوب العراق.
ودفعت الاضطرابات في العراق إيران المجاورة إلى إغلاق معابر حدودية رئيسية يستخدمها الزوار.
وقوبلت مظاهرات مماثلة بدأت في البصرة العام الماضي بحملة أمنية شديدة أسفرت عن مقتل ما يقرب من 30 شخصاً.
ورأس عبد المهدي اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الوطني وأصدر أوامره بحظر التجول في بغداد يوم الخميس. ولا يُسمح بوجود أحد في الشوارع سوى المتجهين للمطار والقادمين منه وسيارات الإسعاف وبعض موظفي الحكومة وزوار الأماكن الدينية.
وذكر التلفزيون العراقي أنه زار قيادة عمليات بغداد يوم الخميس مع وزيري الدفاع والداخلية.
من ناحية أخرى، قالت الشرطة ومصادر طبية إن زوجين كانا قد شاركا في احتجاجات البصرة العام الماضي قُتلا بالرصاص في منزلهما في ساعة متأخرة ليل الاربعاء.
وذكرت مصادر أمنية أنهما كانا قد تلقيا تهديدات من جماعات مسلحة قوية في البصرة السنة الماضية.

تعديل حكومي
وحث رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي المشرعين على دعمه لإجراء تغييرات وزارية ودعا إلى الهدوء بعد ثلاثة أيام من الاضطرابات الدامية التي تهز البلاد.
وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي «نطالب مجلس النواب والقوى السياسة الالتزام الكامل بمنح رئيس مجلس الوزراء صلاحية استكمال تشكيلته الوزارية وإجراء تعديلات وزارية بعيداً عن المحاصصة السياسية».
وأضاف عبد المهدي أنه لا يوجد «حل سحري» لمشكلات الحكم واستغلال السلطة المزمنة في العراق لكنه تعهد بمحاولة إقرار قانون يمنح الأسر الفقيرة راتباً أساسياً.
وقال في هذا الإطار «لدينا مشروع سنقدمه إلى مجلس النواب خلال الفترة القصيرة لمنح راتب لكل عائلة لا تمتلك دخلاً كافياً بحيث يوفر حداً أدنى للدخل يضمن لكل عائلة عراقية العيش بكرامة».
وجاءت تصريحاته بينما يطالب المحتجون بسقوط الحكومة.
وقال عبد المهدي للمتظاهرين «صوتكم مسموع قبل أن تتظاهروا ومطالبكم بمحاربة الفساد والإصلاح الشامل هي مطالب محقة».
لكنه طالب بإعادة «الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات واحترام سلطة القانون».
وإذا ما جرت اطاحة الحكومة الحالية، فقد يمثل فراغ السلطة في العراق تحدياً للمنطقة بأسرها مع الاخذ في الاعتبار وضع بغداد كحليف للولايات المتحدة وإيران اللتين تخوضان مواجهة سياسية.

رويترز/ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق