أبرز الأخبارسياسة عربية

عشرات القتلى في معارك إدلب وروسيا وتركيا تقرران مواجهة المتشددين

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 60 عنصراً من قوات النظام والفصائل الجهادية والمعارضة قتلوا الثلاثاء خلال اشتباكات في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا. في وقت أعرب فيه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين عن قلقهما بشأن الوضع في المحافظة التي تشهد تصعيداً عسكرياً منذ شهور.
أسفرت المعارك بين قوات النظام السوري والفصائل الجهادية والمعارضة في محافظة إدلب عن مقتل ستين عنصراً من الطرفين، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقد أعرب الرئيسان التركي والروسي عن قلقهما تجاه الوضع في المحافظة الواقعة في شمال غرب البلاد.
وتواصل الطائرات الحربية السورية والروسية قصفها لمناطق عدة في ريف إدلب الجنوبي.
وبعد ثلاثة أشهر من القصف الكثيف منذ نهاية نيسان (ابريل) على مناطق عدة في إدلب ومحيطها، بدأت قوات النظام في الثامن من الشهر الحالي هجوماً تمكنت خلاله من السيطرة على مدينة خان شيخون الإستراتيجية وبلدات عدة في ريف حماة الشمالي المجاور.
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة الأنباء الفرنسية عن «اشتباكات عنيفة اندلعت فجراً شرق مدينة خان شيخون واستمرت لساعات طويلة إثر شن فصائل جهادية ومعارضة هجوماً على مواقع لقوات النظام».
وتمكنت قوات النظام من صد الهجوم، الذي قاده فصيل «حراس الدين» المرتبط بتنظيم القاعدة، بإسناد جوي من قواتها وطائرات روسية، وفق المرصد.
وأسفرت المعارك، بحسب المصدر ذاته، عن مقتل 29 عنصراً من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، مقابل 23 من الفصائل، بينهم 16 جهادياً.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ومجموعات متشددة موالية لها على مناطق في إدلب ومحيطها. كما تنتشر فيها فصائل معارضة أقل نفوذاً.
على جبهة أخرى، أحصى المرصد مقتل ثمانية من مقاتلي الفصائل والجهاديين في ريف إدلب الشرقي، إثر محاولتهم التسلل إلى مواقع لقوات النظام قريبة من مطار أبو الضهور العسكري.
وتسيطر قوات النظام على عشرات القرى والبلدات في ريف إدلب الجنوبي الشرقي منذ نهاية العام 2017.
كما تدور اشتباكات على جبهة ثالثة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، المحاذي لإدلب.
وأسفر قصف مروحيات قوات النظام الثلاثاء، بحسب المرصد، عن مقتل أربعة مدنيين بينهم طفل في بلدة معرشورين، كما قتل إمام مسجد في قرية تلمنس.
ومحافظة إدلب ومحيطها مشمولة باتفاق روسي تركي تم التوصل إليه في سوتشي في أيلول (سبتمبر) ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، من دون أن يستكمل تنفيذه.

قلق روسي تركي
وحضر ملف إدلب خلال اجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الثلاثاء.
وقال بوتين إثر اللقاء إن الدولتين «تتشاطران قلقاً بالغاً» إزاء إدلب، فيما أكد أردوغان أنه سيتخذ «كل الخطوات الضرورية للدفاع» عن جنوده المنتشرين فيها.
وبعد محادثات على هامش معرض للملاحة الجوية قرب موسكو، قال بوتين وأردوغان إنهما يرغبان في العمل معاً لتهدئة الوضع في هذه المنطقة الحدودية مع تركيا، وهي إحدى آخر المناطق غير الخاضعة لسيطرة دمشق.
وأكد بوتين في مؤتمر صحفي نقلته القنوات الحكومية الروسية في ختام الاجتماع أن «الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب يثير مخاوف جدية لنا ولشركائنا الأتراك».
وأضاف «نتفهم مخاوف تركيا إزاء الأمن على حدودها الجنوبية، ونعتقد أن هذه المصالح مشروعة»، موضحاً أنه بحث مع نظيره التركي «تدابير مشتركة إضافية» من أجل «تطبيع» الأوضاع، بدون مزيد من التفاصيل.
وتتهم دمشق أنقرة بالتلكؤ في تطبيق اتفاق سوتشي، إذ لم تنسحب الفصائل الجهادية من المنطقة المنزوعة السلاح.

«جنودنا في خطر»
ويعتبر أردوغان أن حماية القوات التركية المنتشرة في إدلب مسألة أساسية.
وفي هذا السياق، قال أردوغان إن بلاده «ستتخذ كل الخطوات الضرورية» لحماية قواتها المنتشرة في منطقة إدلب.
وتابع أن «الوضع تعقد في شكل كبير إلى درجة بات جنودنا حاليا في خطر. لا نريد أن يستمر ذلك. سنتخذ كل الخطوات الضرورية» لحمايتهم.
وأضاف أنه «ناقش» ذلك مع بوتين.
وتمكنت قوات النظام خلال تقدمها في الأسبوع الأخير من تطويق نقطة مراقبة تركية في بلدة مورك، هي الأكبر من بين 12 نقطة مماثلة تنشرها أنقرة في إدلب ومحيطها بموجب الاتفاق مع روسيا.
وتعرض رتل تعزيزات عسكرية أرسلته أنقرة مطلع الأسبوع إلى ريف إدلب الجنوبي وكان في طريقه إلى مورك، لقصف جوي استهدف سيارة مرافقة تابعة لفصيل سوري معارض موال لتركيا.
ولم يتمكن الرتل من إكمال طريقه بعدما قطعت قوات النظام طريق دمشق حلب الدولي مع تقدمها في مدينة خان شيخون ومحيطها.
وما يثير قلق تركيا أيضاً، احتمال حصول نزوح جماعي من المحافظة الواقعة على حدودها الجنوبية.
يأتي الاجتماع بين الزعيمين قبل أسبوعين من قمة أنقرة المقررة في 16 أيلول (سبتمبر) بين رؤساء أكثر الجهات الدولية الفاعلة في النزاع السوري، أي بوتين وأردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني.
وقال أردوغان إن القمة «يجب أن تسهم في السلام بالمنطقة».
وعلى الرغم من تأكيد الرئيسين التركي والروسي رغبتهما في الحفاظ على وحدة سوريا، قال بوتين إنه «من الضروري» محاربة الجهاديين في منطقة إدلب التي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» (الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة).
وأضاف الرئيس الروسي أن «الإرهابيين يواصلون قصف مواقع القوات الحكومية في محاولة لمهاجمة أهداف عسكرية روسية».
وتمكنت روسيا وتركيا من التوصل إلى تسويات بشأن سوريا في السابق، وزادتا التعاون في مجالات أخرى.

التصدي للمتشددين
وذكر الرئيس الروسي أن موسكو وأنقرة اتفقتا على خطوات للتصدي للمتشددين في شمال غرب سوريا و«لإعادة الوضع إلى طبيعته» هناك بعدما طوقت القوات الحكومية السورية مقاتلي المعارضة وموقعاً عسكرياً تركياً في المنطقة.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع أردوغان «حددت مع الرئيس التركي خطوات إضافية مشتركة لتحييد أوكار الإرهابيين في إدلب وإعادة الوضع لطبيعته هناك وفي سوريا بأكملها نتيجة لذلك».
ولم يتطرق لدعوة أردوغان إلى وقف هجوم القوات الحكومية السورية التي تشن هجوما بدعم من القوات الجوية الروسية في منطقة إدلب. ويسيطر على كثير من أجزاء المنطقة متشددون مرتبطون بما كانت تعرف بجبهة النصرة التي كانت مرتبطة بالقاعدة.
وقال أردوغان، بينما كان واقفاً إلى جانب بوتين، إن من غير المقبول أن «تمطر القوات السورية الموت على المدنيين من الجو والأرض بحجة محاربة الإرهاب».
وأضاف أن لتركيا حق الدفاع عن النفس على حدودها. ومضى يقول «نقلت أصرار بلادنا على هذه المسألة بشكل شخصي إلى صديقي العزيز السيد بوتين».
وموقع المراقبة العسكري قرب بلدة مورك واحد من 12 موقعاً أقامتها أنقرة في شمال غرب سوريا بموجب اتفاق مع موسكو وطهران قبل عامين لخفض حدة القتال بين القوات الحكومية والمعارضة.

علاقات وثيقة رغم سوريا
وكان مسؤول تركي كبير قال قبيل المحادثات أن تركيا تتوقع من سوريا بصفتها داعماً قوياً للأسد أن تتخذ خطوات «لتخفيف حدة المشكلة».
وبينما كان الزعيمان يجتمعان في موسكو، بدأ تسليم البطارية الثانية من منظومة صواريخ إس-400.
ويضع تقدم القوات السورية الجنود الأتراك في المنطقة في مرمى النيران كما يهدد آمال أنقرة في منع موجة جديدة من اللاجئين، ومنهم مقاتلون، على حدودها الجنوبية.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 500 ألف نزحوا عن ديارهم منذ بدأت القوات الحكومية السورية هجومها في أواخر نيسان (ابريل). ويتوغل معظم هؤلاء، أثناء هربهم، في معاقل المعارضة وصوب الحدود. وفتحت تركيا حدودها في بداية الصراع السوري في 2011 وتستضيف في الوقت الراهن 3.6 مليون لاجئ سوري.

فرانس24/ أ ف ب/رويترز
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق