أبرز الأخبارسياسة عربية

سليمان في السعودية… نتائج مرموقة تظهر قريباً

توحي الحركة الدؤوبة للرئيس اللبناني ميشال سليمان انه قرر رمي اكثر من حجر في المياه اللبنانية الراكدة، بعدما أدرك ان الوقت المتبقي من ولايته على رأس الدولة الآخذة في التلاشي، صار ثميناً، ولا بد تالياً من اقتحام المأزق المحكم الذي انزلق اليه لبنان بفعل شدة الاستقطاب الداخلي – الاقليمي ودخول المنطقة المترنحة فوق «الفوهة» مرحلة تسويات غامضة.

لقاءات عديدة بالغة الاهمية عقدها الرئيس سليمان في الكويت خلال مشاركته في اعمال القمة الاقتصادية العربية – الافريقية الثالثة، بعد النتائج المرموقة لزيارته الى المملكة العربية السعودية ومباحثاته مع كبار المسؤولين وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وهو نجاح يضاف الى ما كان حققه الرئيس اللبناني في نيويورك يوم أعلن عن قيام مجموعة الدعم الدولية للبنان على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
هاجس واحد وملفات كثيرة في جعبة الرئيس، صاحب الخيارات الراسخة والواضحة، فهمّه الاول العمل ما امكن لضمان صمود لبنان، الدولة والمؤسسات والاستقرار والناس مع بدء العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي، الذي يحرص على توفير الظروف الملائمة لإتمامه، اما الملفات التي يصول ويجول بها، فتبدأ من «إعلان بعبدا» لتحييد لبنان عن النزاعات الاقليمية من دون ان تنتهي بتأمين مقومات دعم لبنان في مواجهة التركة الثقيلة لحرب سوريا والمتمثلة بملف النازحين.
ولم يكتف الرئيس سليمان بحض اطراف الداخل على تقديم تنازلات متبادلة للإفراج عن عملية تشكيل الحكومة بعد اكثر من سبعة اشهر من المراوحة في المأزق، فهو ادرك انه من الصعب استمرار البلاد رهينة الانتظار، في الوقت الذي دخلت المنطقة مسارات لم تتضح نهايتها، قد تفضي الى تسويات، ربما يكون لبنان اكثر الغائبين خسارة عن مجرياتها، فقرر ان يقول كلمته قبل ان… يمشي، وسط مخاوف من ان يكون  الفراغ اكثر المرشحين حظاً لخلافته.
فمن امكان التوصل الى اتفاق وشيك حول «النووي» الايراني بين طهران ودول مجموعة الـ «5+1»، الى التحضيرات المتواصلة لعقد «جنيف – 2» في شأن الحل في سوريا بعد التفاهم الاميركي – الروسي على «الكيماوي» السوري، بدت المنطقة وكأنها تتجه نحو دينامية جديدة من التسويات، في الوقت الذي يراوح لبنان في مكانه داخل المأزق وفي
«فم» فراغ يهدد بإلتهام مؤسسات الدولة، واحدة تلو الاخرى.

 في المملكة
في هذه اللحظة البالغة الحساسية، شق الرئيس سليمان طريقه الى المملكة العربية السعودية «عاصمة الضمانات الاقليمية» لإستقرار لبنان، عرّج على بيروت ويستعد ليطير الى الكويت، وثمة معلومات عن إمكان توسيع مروحة جولته العربية لتشمل عواصم عدة، في اطار سعيه لتشكيل شبكة امان تقي لبنان تبعات اي تسويات يمكن ان تكون على حسابه عبر صفقات من نوع التسليم بجعله مركز نفوذ لهذا الطرف الاقليمي او ذاك.
واذا كان الرئيس سليمان عاد من زيارته للرياض بنتائج ايجابية قد تظهر تباعاً، فإن الانظار تتجه الى احتمالات «التكيف» الداخلي مع ايجابيات الزيارة، وسط خشية من ترجمة الانزعاج الذي ساور المحور المناهض للسعودية، وتم التعبير عنه بـ «صراخ سياسي» غير مسبوق مارسته اطراف عدة في قوى 8 اذار وبلغ حد التلويح، تارة بقطع الايدي وتارة اخرى بتحليل دم اجهزة امنية رسمية كشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي.
وتشكل عاصمة شمال لبنان، طرابلس، الاختبار الاهم في هذا السياق نتيجة الاحتقان المتعاظم الناجم عن «عصيان» الجماعات القريبة من النظام السوري و«حزب الله» بارتكاب مجزرتي تفجير المسجدين في المدينة وتمنع المتورطين من المثول امام القضاء، الامر الذي يجعل من المدينة وخط التماس المذهبي فيها اشبه بفتيل قابل للاشتعال على وقع سياسة «الرسائل المحمومة» التي يعتمدها بعض الاطراف الاقليمية.

دلالات الشكل والتوقيت والمضمون
وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس ميشال سليمان للسعودية كسرت رتابة المشهد اللبناني «على حماوته»، وخصوصاً انها جاءت في ظل الاستحقاقات المعلّقة في الداخل والتحولات الغامضة على المستوى الاقليمي والدولي وتحديداً في ملفي الازمة السورية و«النووي» الايراني.
وفي رأي دوائر مراقبة، اكتسبت المحادثات التي أجراها سليمان في الرياض مع كل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز (اقام مأدبة عشاء تكريماً للرئيس اللبناني) وكبار المسؤولين، أهمية كبرى في الشكل والتوقيت والمضمون.

في الشكل
ففي الشكل استوقفت الدوائر المراقبة الوقائع الآتية:
– الحضور البارز للرئيس سعد الحريري للقاء الرسمي الذي عُقد بين الملك عبدالله والرئيس سليمان في القصر الملكي السعودي مما فُسر على انه رسالة واضحة من الرياض الى استمرار المكانة المتقدمة للحريري في الاولويات اللبنانية للمملكة من دون ان يتضح ما سيترتب على هذه الرسالة على مستوى حركة رئيس «تيار المستقبل» وأداوره في المرحلة المقبلة، علماً بأن سليمان عاد وعقد لاحقاً في قصر الضيافة الذي حل فيه لقاء مع الحريري تناول التطورات السياسية والامنية المطروحة في لبنان والمنطقة.
وما عزّز هذا الانطباع عن  الدلالات الاستثنائية لبروز «نجم» الحريري ابان زيارة سليمان «استشعار» الرئيس نجيب ميقاتي بهذه الرمزية واختياره اليوم نفسه لترتيب لقاء على عجل مع عدد من الاعلاميين تعمد امامهم توجيه انتقاد للسعودية التي اخذ عليها ما وصفه بـ «الشخصنة» قائلاً: «نحن نقول ان الموضوع لا يحتمل الشخصنة»، متداركاً «لو أخرجتنا المملكة من الباب فيجب ان ندخل من النافذة، اذ لا يحتمل لبنان ان يكون بعيداً من المملكة».
ومعلوم ان ميقاتي يواجه «استياءً» سعودياً مستمراً منذ العام 2011 على خلفية إكماله ما تعتبره الرياض «انقلاباً» نفذه «حزب الله» على الرئيس الحريري بإسقاط حكومته وتسمية ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة غابت عنها للمرة الاولى منذ الانسحاب السوري من لبنان العام 2005 قوى 14 آذار.
– تعمُّد الرئيس سليمان التوجه الى الرياض على رأس وفد إداري لم يضم اي وزير، في ما بدا تجنباً لاصطحاب وزير الخارجية عدنان منصور الذي سبق ان تعاطت معه السعودية ودول خليجية عدة على انه «صوت» نظام الرئيس بشار الاسد في الاجتماعات العربية حول سوريا، علماً بأن وسائل اعلام قريبة من 8 آذار انتقدت بوضوح استبعاد «الحساسيات اللبنانية» عن الوفد الذي رافق رئيس الجمهورية.
– اللقاءات التي عقدها سليمان مع كبار المسؤولين في المملكة وبينهم رئيس الحرس الملكي الامير متعب بن عبدالله ووزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف من دون اغفال العشاء الذي اقامه على شرفه ولي العهد السعودي الامير سلمان وحضره عدد من الامراء والمسؤولين السعوديين.
 


في المضمون
وفي المضمون توقفت الدوائر المراقبة نفسها عند الآتي:
– نجاح الرئيس سليمان في الحصول على ما كان يسعى اليه من الرياض وهو الدعم الواضح لـ «اعلان بعبدا» وتأكيد المملكة انخراطها في برنامج الدعم الذي قررته مجموعة الدعم الدولية للبنان التي اطلقت في نيويورك في ايلول (سبتمبر) الماضي ولا سيما ان الرئيس اللبناني لطالما اعتبر ان الموقف السعودي في هذا الاطار بالغ الاهمية في تعزيز صدقية هذه المجموعة وحضّ الدول الخليجية على تقديم المساعدات الى لبنان لا سيما في ملف اللاجئين السوريين كما في توفير الدعم للجيش اللبناني.
– الحرص الذي أبدته المملكة على تأكيد دعمها لموقع سليمان وسياساته في المرحلة المقبلة، في ما بدا رداً على بعض الاطراف اللبنانيين الذين غمزوا من قناة ربط الزيارة بمحاولة تسويق التمديد لرئيس الجمهورية. وقد تضمّنت المعلومات الرسمية التي وُزعت عن لقاء الملك السعودي والرئيس اللبناني اشارة ذات دلالات في هذا الاطار اذ لفتت الى ان المحادثات شددت على انضواء الجميع تحت سقف الثوابت الوطنية وتعزيز الاعتدال وحماية الاستقرار على مشارف الاستحقاق الاساسي الذي يطلّ عليه لبنان في اشارة ضمنية الى الانتخابات الرئاسية.

التوقيت
اما في التوقيت، فلفتت هذه الدوائر الى النقاط الآتية:
– ان زيارة سليمان ترافقت مع دخول الواقع اللبناني مرحلة خطر الانزلاق الى فراغ شامل، في ظل برلمان ممدَّد له ومعطّل، وحكومة لم تبصر النور منذ سبعة اشهر ونيف، واستحقاق رئاسي (في ايار – مايو المقبل) يبقى «فخامة الفراغ» المرشح رقم واحد فيه، مع ما يعنيه ذلك من مظاهر انحلال مؤسساتي وفتح البلاد على مخاطر بلوغ «ازمة نظام» في ظل متغيرات اقليمية تلفح تداعياتها الواقع اللبناني وتوازناته.
– وقوع لبنان «في قبضة» الارتدادات السورية سواء على الصعيد الامني بفعل ارتفاع منسوب الاحتقان السني – الشيعي الى مستوى غير مسبوق، او على الصعيد الاقتصادي بفعل الأعباء الهائلة المترتبة على تجاوز عدد النازحين من سوريا المليون، او على الصعيد السياسي حيث باتت اللعبة السياسية بكل مفاصلها أسيرة انتظار اتجاهات الريح في سوريا.
– اشتداد «الاشتباك» بين السعودية وايران حيال الملف السوري وانفراد الولايات المتحدة في حوار مع طهران حول ملفها النووي بمعزل عن حلفائها في المنطقة ومصالحهم، وهو ما قابلته «غضبة» ديبلوماسية سعودية حاولت واشنطن احتواءها من خلال تطمينات وزير الخارجية جون كيري التي اوحت بتفاهم اميركي – سعودي حول الوضع في لبنان بمعنى عدم التسليم بكونه منطقة نفوذ لايران.

هجوم استباقي
ولأن هذه الوقائع شكلت الإطار العام لزيارة سليمان للسعودية التي جاءت بعد نحو شهر ونيف على موعدها الذي كان مقرراً نهاية ايلول (سبتمبر) الماضي قبل ان يجري تأجيلها، فان الانظار شخصت عليها وخصوصاً نظراً الى ترقب ما سينتج عنها على صعيد تحديد مسار الازمة اللبنانية، من دون آمال كبرى في امكان كسر المأزق ولا سيما في ظل استباق «حزب الله» الزيارة بحملة هي الاعنف على الرياض وحلفائها في لبنان وتحديداً «تيار المستقبل»، الامر الذي اعتُبر في سياق قطع الطريق على رئيس الجمهورية واي تسليم من جانبه بتأليف حكومة أمر واقع بعد عودته من السعودية بناء على ما حذّر منه الحزب بلسان رئيس كتلة نوابه محمد رعد عندما «فتح النار» على مقايضة محتملة بين واشنطن والرياض مغزاها ان تسهّل الأخيرة انعقاد مؤتمر «جنيف – 2» حول سوريا مقابل موافقة الولايات المتحدة على طلب السعودية تشكيل حكومة في لبنان بمعزل عن إرادة «حزب الله» المتمسك بـ «الثلث المعطّل».
وتحت وطأة هجوم «حزب الله» والذي استُتبع بكلام أوساط قريبة من 8 آذار عن أن الوقت غير مناسب إطلاقاً لاتمام زيارة سليمان للرياض، قبل ان يفجّر رئيس المكتب السياسي في الحزب العربي الديموقراطي رفعت علي عيد «قنبلة» تحليل دم شعبة المعلومات و«يفتح النار» على السعودية في تطوّر اعتُبر رسالة سوريّة الى رئيس الجمهورية، حاول الاخير قبيل انتقاله الى الرياض وضع زيارته في نصابها معلناً انه لا يزور السعودية للحديث عن تشكيل الحكومة فـ «أنا رئيس جمهورية ولست رئيساً مكلفاً لتأليف الحكومة»، موضحاً «ان الزيارة عنوانها لبنان والمغتربون والوضع في المنطقة» ومؤكداً «ان ما يحكى عن انني أذهب إلى السعودية للتمديد، كلام لا صحة له. فالتمديد غير ديموقراطي وانا الذي طعنت بالتمديد للبرلمان فكيف لي أن أجدد لنفسي؟».

 طرابلس على توتّرها
في موازاة ذلك، لم يخرج الوضع في طرابلس من دائرة التوتر، ولا سيما مع عملية اغتيال العضو في «جبهة العمل الاسلامي» الشيخ سعد غية على يد مسلحيْن اطلقا النار عليه في سيارته امام منزله في
عاصمة الشمال.
واتخذ الحادث دلالة خطيرة في ظل استهداف هذا التنظيم السني المرتبط اساساً بالنظام السوري والذي يُدرج الان ضمن ما يسمى «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله»، اذ بدا في الظاهر رسالة دامية الى الفريقين في غمرة «الغليان» الذي تعيشه طرابلس منذ كشف هوية منفذي تفجيري المسجديْن اللذين وقعا في 23 اب (اغسطس) الماضي وغالبيتهم من «جبل محسن» وتوقيف بعضهم وتهريب البعض الآخر، علماً بأن القضاء ادعى على هؤلاء جميعاً وبالأسماء بعدما سبق ان ادعى على النقيب في المخابرات السورية في طرطوس (محمد علي) في هذا الملف مع كل من الشيخ الموقوف احمد غريب ورئيس «حركة التوحيد الاسلامي» الشيخ هاشم منقارة الذي تمت تخليته بسند إقامة، قبل ان تتم ملاحقة ابرز فاعليات جبل محسن رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» النائب السابق علي عيد بعدما اعترف سائقه الموقوف احمد علي بأنه هو الذي امره بتهريب احمد مرعي الذي ركن السيارة التي انفجرت امام مسجد «التقوى».
على ان بعض المعطيات التي ترددت عقب اغتيال غية، الذي كان نجا قبل نحو شهرين من محاولة قتل بعبوة وُضعت تحت سيارته امام منزله، تحدثت عن «طابور خامس» قد يكون وراء الجريمة لاشعال الاشتباكات مجدداً في المدينة، رابطة العملية بملف التداعيات التي اثارتها الملاحقات الامنية والقضائية في ملف تفجيري مسجدي التقوى والسلام.
ولاحظت اوساط مراقبة ان الحادث حصل متزامناً مع موعد استدعاء علي عيد الى المثول امام المحقق الاولي رياض ابو غيدا بتهمة تهريب متورطين في تفجيري طرابلس الى سوريا. الا ان رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» لم يمثل امام التحقيق في الموعد المحدد كما كان متوقعاً حيث قدّمت وكيلته عذراً طبياً، الامر الذي كان ينتظر ان يرتب اتخاذ خطوة قضائية باصدار مذكرة توقيف غيابية في حقه.
وزاد قتل غية في طرابلس الاجواء المشحونة ولا سيما ان الجريمة وقعت بعد اقل من 48 ساعة من المهرجان «الناري» الذي أقامه «اولياء الدم» وذوو ضحايا تفجيري طرابلس في معرض رشيد كرامي الدولي في المدينة وطغى عليه حضور جماعات اسلامية وتخللته مواقف تجاوزت كل السقوف ولوحت بالاسوأ ما لم يتم الاقتصاص من مرتكبي تفجيري المسجدين وتوقيف علي عيد وحلّ حزبه، وهو المهرجان الذي أضاف «حماوة» الى المشهد الطرابلسي الذي كان اهتزّ مع اعلان رفعت علي عيد «تحليل دم» شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي الامر الذي استدعى بدء اجراءات ملاحقته قضائياً.

لقاء تيارين
ومن خلف خطوط «التوتر العالي» في طرابلس والاشتباك حول الحكومة وطبيعتها، اخترق المشهد الداكن اللقاء الاول من نوعه منذ العام 2005 الذي عُقد بين نواب من تيار العماد ميشال عون وآخرين من تيار الرئيس سعد الحريري.
ورغم ان اللقاء انتهى الى «الاتفاق على الاختلاف» القائم على كل العناوين الاستراتيجية، من مقاربة الأزمة في سوريا ودور «حزب الله» العسكري فيها، الى النظرة الى مسألة سلاح الحزب في لبنان ووجهته، فان هذا التطور لم يحجب اهمية هذا التواصل الذي سيُستكمل وسط علامات استفهام حول ما اذا كان في اطار المزيد من التمايز للتيار الوطني الحر عن حلفائه الذين لم يلاقوه في اولوياته السياسية.
واذا كان اللقاء بين نواب من «التيار الوطني الحر» وآخرين من «تيار المستقبل» وُضع في سياق محاولة «فصل التشريع عن السياسة» ومحاولة للبحث عن ارضية مشتركة تتيح تحريك عجلة المؤسسات بعيداً عن الانشطار حول العناوين السياسية الكبرى، فان ما انتهى اليه حوار الـ «وجهاً لوجه» لم يكن اكثر من إطلاق دينامية حوارية من شأنها ان تفضي الى وقف «الحملات الاعلامية» بين الجانبين والتي كانت من «الأشرس» في المشهد اللبناني.
فخلال الاجتماع، الذي انتهى على ان يكون لـ «البحث صلة» في لقاءات اخرى قد لا تكون بعيدة، تكرّس عدم امكان الفصل بين مسارات عقد جلسات البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة وانسحاب «حزب الله» من سوريا، وسط إصرار «المستقبل» على ان عودة الحزب الى لبنان والتزامه «اعلان بعبدا» يفتحان الباب امام تأليف حكومة جديدة تفضي تلقائياً الى عودة البرلمان الى التشريع مؤكداً تمسكه بمشروع الدولة وحصرية السلاح بيدها، فيما دعا نواب عون الى فصل الواقع اللبناني عن الازمة السورية وتفعيل المؤسسات الدستورية بدءاً بمجلس النواب.
ولم يغب استحقاق الانتخابات الرئاسية، من باب الدعوة الى حصولها في موعدها الدستوري، عن اللقاء الذي كانت اوساط سياسية ربطته في الاساس كما مجمل سياسة انفتاح «التيار الحر» على الافرقاء الداخليين في هذه المرحلة، بحرص العماد عون على تقديم صورة وأداء يوفران له «قبولاً» في مختلف البيئات اللبنانية وذلك في اطار السعي الى تسويق نفسه للانتخابات الرئاسية التي يدرك بحسب هذه الاوساط انه لا يمكن ان يكون له «امل» فيها بمعزل عن المكوّن السني ولا امتداداً المملكة العربية السعودية التي لن يكون في المستطاع اجراء هذا الاستحقاق بمعزل عن تفاهم اقليمي – دولي تكون جزءاً منه.

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق