سياسة عربية

تونس تعلن الحرب على الارهاب: القاعدة تقتل 15 جندياً في جبل الشعانبي

وسط محاولات لتجاوز سلسلة الازمات التي تعترض عملية تأسيس الدولة في تونس من جديد، وفقاً لاسس ديمقراطية، ما زالت الدولة التونسية تقف عاجزة عن وضع حد لنشاطات تنظيم القاعدة. وما زالت المواجهات في منطقة جبل الشعانبي الحدودية مع الجزائر من اكثر المناطق سخونة على نطاق المغرب العربي ككل.

فالمنطقة الجبلية ذات الطبيعة الجغرافية الخاصة، تعتبر معقلاً للتنظيم الارهابي الذي يهدد بنيان الدولة، يعمل على مواجهة الجيش باسلوب مختلف عن الاساليب التقليدية، ويعتمد اسلوب زرع المفخخات والالغام في المناطق التي يسلكها الجيش. غير انه طور من آليات عمله باتجاه الحرب المباشرة، حيث شنت قوات حكومية اكثر من عملية عسكرية ضد مواقعه، دون ان تنجح في اجتثاثه من المواقع التي يتحصن بها.
وان كانت عمليات تنظيم القاعدة متواصلة، وتشن من اكثر من موقع، الا ان آخر تلك العمليات واحدثها، قيام مسلحين محسوبين على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، بقتل 15 عسكرياً تونسياً في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر، في حادثة هي الأسوأ على الإطلاق في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية.
فمنذ نهاية 2012 تلاحق أجهزة الجيش والأمن في جبل الشعانبي من ولاية القصرين الحدودية مع الجزائر، مسلحين تقول السلطات انهم مرتبطون بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وإنهم حاولوا إقامة «أول إمارة إسلامية» في شمال افريقيا بتونس.
وليلة الاربعاء – الخميس قال الأمجد الحمامي الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع في مؤتمر صحفي «قامت مجموعتان ارهابيتان تسللتا من خارج منطقة الشعانبي بمهاجمة نقطتي مراقبة تابعتين للجيش الوطني بصورة متزامنة على مستوى منطقة هنشير التلّة وذلك باستعمال أسلحة رشاشة وقذائف آر بي جي. وأطلق الارهابيون النار من اتجاهات عدة واشتبكوا مع قواتنا».

قتلى وجرحى
وأفاد مسؤول بمصلحة الاعلام بوزارة الدفاع، ان الهجوم الذي وقع مع الإفطار أسفر في آخر حصيلة عن مقتل 15 عسكريا وإصابة 20 آخرين وأن الحصيلة مرشحة للارتفاع.
ولفت إلى ان هذه الحادثة هي الاسوأ في تاريخ المؤسسة العسكرية في تونس منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956.
وأعلنت رئاسة الجمهورية التونسية حداداً لثلاثة أيام اعتباراً من الخميس. ووصف نضال الورفلي الناطق الرسمي باسم الحكومة الهجوم بأنه «عمل مشين» مؤكداً عزم السلطات المضي في محاربة الارهاب.
وكان جبل الشعانبي الذي يمتد على نحو 100 كلم مربع، شهد في رمضان 2013 حادثة مماثلة حيث قتل مسلحون مع موعد الافطار 8 جنود في كمين نصبوه لهم يوم 29 تموز (يوليو) 2013.
وأعلن القضاء العسكري وقتها ان المسلحين جردوا الجنود من اسلحتهم وبدلاتهم العسكرية وذبحوا 5 منهم.
وقد أججت تلك الحادثة أزمة سياسية حادة في البلاد انتهت باستقالة الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية، لتحل محلها نهاية 2014 حكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع في مؤتمره الصحافي «إن جيشنا الوطني عاقد العزم ومصر على مواصلة مجابهة الارهاب مهما كانت التضحيات في سبيل الوطن، وإن ذلك لن يثنينا عن عزمنا القضاء على المجموعات الإرهابية».

فشل قوات الامن
ورغم القصف الجوي المنتظم والعمليات البرية في جبل الشعانبي، لم تتمكن قوات الأمن التونسية والجيش حتى الآن من السيطرة على المسلحين المتحصنين بالجبل.
وأرجعت وزارة الدفاع ذلك الى وعورة تضاريس الجبل الذي تغطي الغابات أغلب مساحته.
وزرع المسلحون ألغاماً يدوية الصنع في جبل الشعانبي ثمّ في جبال بولايتي جندوبة والكاف  أدى انفجارها الى مقتل وإصابة عناصر من الجيش والأمن.
الحادثة الاخيرة دفعت بسياسيين الى المطالبة بتسريع المصادقة على قانون مكافحة الارهاب الموجود بين يدي البرلمان. وسط وعود بان يتم حسم الخلاقات حوله.
وطالبت جمعيّات واحزاب سياسيّة بالمصادقة على قانون الإرهاب ومنع غسيل الأموال، الذي طال أمد مناقشته داخل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)، بإعتباره الإطار التّشريعي الوحيد لمقاومة الإرهاب الذي نخر البلاد وأتّهمت المجلس بتعطيل سير تقدّم إقراره.
وبخصوص تأخير المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، أشار رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في تصريحات إعلاميّة إلى وجود ما أسماها بـ «المغالطات بشأنه عبر الترويج للتعطيل المتعمد من قبل المجلس في مناقشته في ظل غياب إطار قانوني للتصدي لهذه الظاهرة».
وقال ان القانون يحظى بمناقشة واسعة وستتم المصادقة عليه في أقرب الآجال نظراً لحرص الجميع على أن «يكون قانوناً صالحاً للأجيال القادمة وضامناً للمبادئ العامة التي نص عليها الدستور الجديد للبلاد» على حد تعبيره.

مؤتمر وطني
يذكر أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظّمة شغليّة في تونس)، حسين العباسي، اعلن إنه تم الاتفاق في جلسة الحوار الوطني على التوجه إلى عقد مؤتمر وطني لمناهضة الإرهاب، خلال الأيام المقبلة.
وقال العباسي في تصريحات إعلاميّة «سنبحث من خلال المؤتمر عن الاستراتيجية الوطنية الأنسب التي يجب اتباعها حتى يكون تدخل قوات الأمن والجيش ناجعاً».
ومنذ نهاية 2012، تلاحق أجهزة الجيش والأمن في جبل الشعانبي من ولاية القصرين الحدودية مع الجزائر، مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم «كتيبة عقبة بن نافع». وتقول السلطات إن هذه المجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وإنها خططت لإقامة «أول إمارة إسلامية» في شمال افريقيا بتونس عقب «الثورة» التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق