سياسة لبنانية

مطر: بعض المسؤولين خربوا البلد وهم ملزمون بالإسراع في بنائه

إحتفلت مدرسة الحكمة مار مارون، جديدة المتن، بتخريج دفعة جديدة من طلابها مطلقة على دورتهم اسم «المطران بولس مطر رجل الحوار»، بدعوة من رئيسها الخوري أنطونيو واكيم وبرعاية رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر، وبحضور لفيف من الكهنة والمربين والأهل والوجوه الإجتماعية والهيئات العاملة في المدرسة قدامى وكشافة.

المطران مطر

وألقى المطران بولس مطر، كلمة جاء فيها: «شعار دورتكم: المطران مطر رجل الحوار. وفي سبيل شرح كلمة الحوار، أعود إلى فيلسوف كبير قال إنه يذكر إنساناً عرفه في حياته، وكان خياطه، وفي كل مرة كان يذهب إليه لخياطة بدلة، كان يأخذ له القياس من جديد، بحجة أن الإنسان يتغير، وهو قد يتغير نحو الأحسن أو نحو الأسوأ. طلبي إليكم ألا تحكموا على الإنسان لمرة واحدة. حتى المعلمون والمعلمات قد يأخذون، أحياناً، فكرة إيجابية أو سلبية عن التلميذ من خلال تصحيح أول مسابقة، ولا يعودون يبدلونها، وهذا غلط. فالميزان هو الأساس، ويجب أن نقوّم الناس بالاستناد إليه».
وتابع: «الحوار سنة الحياة، بين الإنسان وربه، منذ البدء، عندما خلقنا الله قال لآدم وحواء: لا تأكلا من هذه الشجرة؛ أعطاهما الدنيا وما فيها، وذلك لنذكر أن هناك إلها فوقنا، لا تنقطع الصلة بيننا وبينه، بل يبقى الحوار. فهذا الأخير هو أساس فرحنا، هو صلاتنا، والذي يصلي يصبح جليس الله، وأتمنى أن نبقى جلساء الله. من بنى الحكمة، عنيت المطران الدبس اتخذ شعارها «رأس الحكمة مخافة الله»، وهو لم يقصد الخوف بمعناه الحصري، بل الاحترام. والحوار يكون في البيت، بين الرجل وزوجته، وهو ضرورة أساسية في الحياة، بين أطياف المجتمع والأديان، بين المسيحيين بعضهم البعض، والمسلمين بعضهم البعض، والمسيحيين والمسلمين، والمؤمنين وغير المؤمنين، الدنيا كلها يجب أن تعيش الحوار. وبذلك لا أعود أعطي حكماً مسبقاً عن الآخر، فلا أستطيع القول: الشعب الفلاني هو كذا، فأنا لا أستطيع التعميم، فلكل صورته، وعلي أن أعرف الآخر كما يعرف هو نفسه، وكما أعرف أنا نفسي؛ لا يمكنني أن أركب صورة الآخر، بل يجب أن يغتني واحدنا بالآخر، فلكل إنسان قيمة، والله أعطى روحه كل إنسان، وكلنا على صورته ومثاله، وإن شوهنا صورة الآخر نشوه صورة الله فينا».
وقال: «تمرسوا بالحوار، ميزوا بين الشعوب وأنظمتها، فلا تحكموا على الشعب من خلال حكامه، فما ذنبه إن هم أخطأوأ. أذكر أنني بمثل هذا الكلام أنقذت الموقف في زيارة حج إلى سيدة لورد في فرنسا، وكنت مرشداً للعائلات، والحاضرون قرابة الستة آلاف، وصدرت عن البعض أحكام عامة أساءت إلى البعض الآخر، وكادت تحرف اللقاء عن مساره، فتدخلت بهذه الروحية التي أنقلها إليكم. فالتقوا بالآخر، تعرفوا إليه، وبعدها تصدرون حكمكم. وهذا الأمر ينسحب على علاقتنا مع الآخر في لبنان، فهذا الوطن لا يبنى بطائفة واحدة، بل نبنيه معاً، باحترام الآخر، فالجميع للجميع، وعليهم احترام كرامة كل منهم. وبهذا أوصانا الله في كتبه. فلا شيء يبنى، خصوصاً في لبنان، إلا بالمحبة، وهذه هي روح الحكمة، المدرسة اللبنانية الوطنية الجامعة، وقد أسسها وطنيون على أساس الاحترام ومد يد التعاون إلى الآخر، وبهذه الروح عينها كانت دعوتي إلى كل من دولة رئيسي مجلسي النواب والوزراء لحضور القداس الذي سأحتفل به في كاتدرائية ما جريس – بيروت لمناسبة مرور 125 سنة على تشييدها. وفي حينه، كانت بيروت ولاية عثمانية منفصلة عن جبل لبنان، وأصر المؤسس المطران الدبس على الانتقال إليها، معبراً أنه مطران أبرشية بيروت، ولا يجوز أن يقيم خارجها، بل في بيروت للتوحيد بين طوائفها».
أضاف: «لدي شعور أنكم إن سألتم ابن الحكمة أينما كان يجيبكم هي بيتي. وهي عابرة الطوائف وتجمع الكل. فمن أصل أربعة آلاف طالب في جامعة الحكمة لدينا، مثلاً، ثلاثمئة طالب درزي، وهم يشعرون حقيقة وكأنهم في بيتهم، فلا غريب في الحكمة، وكلنا للوطن. مشكلتنا أن بعض المسؤولين خربوا البلد. هذا لا يجوز، فهم ملزمون ببنائه، والإسراع بعملية البناء».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق