الاقتصادمفكرة الأسبوع

الصين: الحرب التجارية تهدّد واردات الولايات المتحدة من المعادن النادرة

واشنطن تؤكد مجدّداً أنّ بكين لا تتلاعب بقيمة اليوان

أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الصينية الرسمية الأربعاء أنّ حرب واشنطن التجارية مع بكين قد تعرّضها لخطر فقدان واراداتها من المعادن النادرة التي تستخرجها الصين وتدخل في الكثير من الصناعات الهامة.
وجاءت هذه التعليقات في أعقاب زيارة الرئيس شي جينبينغ الأسبوع الماضي لشركة صينية ضخمة لاستخراج عناصر ومعادن الأرض النادرة، واعتبرت هذه الزيارة بمثابة تهديد بعد حظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعامل الشركات الأميركية مع عملاق الاتصالات الصيني هواوي.
ويعتبر قرار ترامب ضد شركة هواوي الرائدة في تقنية شبكات اتصالات الجيل الخامس حلقة في مسلسل حرب تجارية بدأها الرئيس الأميركي العام الماضي بسبب سياسات الصين التجارية غير العادلة في نظره.
ومنذ ذلك الحين تبادل كل طرف فرض رسوم جمركية مرتفعة على صادرات الطرف الآخر.
وبعد حظر التعامل الأميركي مع هواوي، دعا شي الكوادر إلى التحضّر لـ «مسيرة طويلة جديدة»، في الوقت الذي انتقدت فيه المؤسسات الإعلامية الصينية في تعليقاتها السياسة الأميركية.
وقال تعليق لوكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية «شينخوا» إنّه «في حين أنّ تلبية الطلب المحلي تمثّل أولوية، إلاّ أن الصين مستعدة لبذل قصارى جهدها لتلبية الطلب العالمي للمعادن النادرة طالما أنّها تستخدم لأغراض مشروعة”».
وأضافت «ومع ذلك، إذا أراد أي شخص استخدام معادن نادرة مستوردة ضدّ الصين، فإنّ الشعب الصيني لن يوافق».
وخلال زيارته للشركة التي تستخرج المعادن النادرة، أشار شي إلى أنّ هذه المنتجات «ليست فقط مورداً استراتيجياً مهمّاً فحسب، بل مورد غير متجدّد»، وفق شينخوا.
وقال محلّلون إنّ الصين تبدو قلقة من إمكانية استهداف واشنطن لقطاع المعادن في المستقبل، وربما تخشى أن تسارع دول العالم إلى البحث عن إمدادات بديلة لهذه المواد.
وتنتج الصين أكثر من 95 بالمئة من عناصر الأرض النادرة التي يصل عددها الى 17 عنصراً تدخل في صناعة الهواتف الخلوية والتلفزيونات والكاميرات والمصابيح، وتعتمد الولايات المتحدة على الصين بما يزيد عن 80 بالمئة من وارداتها من هذه العناصر.
وهذا يمنح بكين نفوذاً هائلاً إلى حد كبير في المعركة بين الولايات المتحدة والصين حول السيطرة على مستقبل التكنولوجيا المتقدّمة.

لا تلاعب بقيمة اليوان
وفي واشنطن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في تقرير نصف سنوي صدر الثلاثاء أنّها خلصت مجدّداً إلى أنّ الصين لا تتلاعب بقيمة عملتها الوطنية، مناشدة في الوقت نفسه العملاق الآسيوي اتّخاذ الخطوات اللازمة لتجنّب استمرار ضعف اليوان.
وقالت الوزارة في بيان «على الرّغم من أنّ الصين لا تكشف عن تدخّلها في النقد الأجنبي، فإنّ وزارة الخزانة تعتبر أنّ التدخّل المباشر من قبل بنك الشعب الصيني كان في العام الماضي محدوداً».
لكنّ تقرير وزارة الخزانة الذي يصدر مرتين في العام شدّد على أنّ «وزارة الخزانة تواصل حضّ الصين على اتّخاذ الخطوات اللازمة لتجنّب استمرار ضعف العملة».
وهذا التقرير الذي تجري مراقبته من كثب وسّع نطاق عمليات التدقيق التي يجريها لاحتمال تلاعب دولة ما بقيمة عملتها، لأن العملة الضعيفة لبلد ما تجعل صادرات هذا البلد إلى الولايات المتحدة أكثر قدرة على المنافسة ويمكن بالتالي أن تقوّض الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس دونالد ترامب لخفض الاختلال التجاري العالمي المتزايد.
وبدءاً بهذا التقرير، تجري وزارة الخزانة الأميركية تقويماً لجميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الذين يسجّل الميزان التجاري في السلع بين كل منهم والولايات المتحدة فائضاً تزيد قيمته عن 40 مليار دولار سنوياً.
ووفقاً لبيانات الميزان التجاري الأميركي فإنّ هذه العتبة اجتازتها 21 دولة، بفائض تجاري مجمّع بلغ حوالى 3500 مليار دولار.
ومن أصل هذه الدول الـ21، وضعت وزارة الخزانة تسع دول، بينها الصين، على «قائمة المراقبة الدقيقة»، مؤكّدة في الوقت نفسه أنّ أيّاً من هذه الدول لا يتلاعب بقيمة عملته الوطنية لتحقيق مكاسب غير عادلة.
وقالت الوزارة في تقريرها إنّه «على الرّغم من أنّ ممارسات تسع دول لا تزال بحاجة لمراقبة دقيقة» فإنّ أيّاً من الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة لم يتخطّ الخط الأحمر على صعيد التلاعب بالعملة لتحقيق مزايا تفاضلية لصادراته.
والدول التسع الموضوعة تحت مجهر المراقبة الأميركي هي: الصين وألمانيا وإيرلندا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وفيتنام.
وكانت هذه القائمة تضمّ دولتين أخريين هما الهند وسويسرا لكنّ الولايات المتحدة أزالتهما منها. بالمقابل أضافت الوزارة إلى القائمة خمس دول هي إيرلندا وإيطاليا وماليزيا وسنغافورة وفيتنام.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان إن «وزارة الخزانة تأخذ على محمل الجدّ أيّ ممارسات محتملة لقيمة عملة غير عادلة، وهي تزيد من عدد الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الذين تراجعهم لجعل ممارسات العملة أكثر عدالة وشفافية».
ولفت التقرير إلى أنّ قيمة العملة الصينية انخفضت بنسبة 3،8% مقابل الدولار في النصف الثاني من العام 2018، وبنسبة 8% خلال العام 2018 بأكمله.
وتسمح الصين للعرض والطلب بلعب دور في تحديد قيمة عملتها، لكن من المعروف عنها تدخّلها لإبقاء اليوان ضمن هامش تعاملات ضيّق تعدّله يومياً، وهو ما دفع في الماضي الولايات المتحدة إلى اتّهامها بالتلاعب بقيمة عملتها.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق