سياسة عربية

ليبيا: حكومة ازمة لمواجهة الانفلات الامني

حالة من الانفلات الامني عمت ليبيا، لكنها تركزت في مدينة بنغازي، التي شهدت اعمال عنف دامية، صنفها المراقبون ضمن اطار «النشاطات الارهابية». وبالتزامن، كثفت الهيئات المختصة من رصدها لما يجري، وسط تقارير تؤكد على ان الحكومة اصبحت في وضع حرج، لعدم قدرتها على ادارة امور البلاد، وانها لجأت الى تشكيل حكومة ازمة «مصغرة» من اجل التعامل مع الوضع الذي تسميه طارئاً، مع انه في حقيقة الامر ليس كذلك، ويعود الى فترات طويلة مضت.

أعلن رئيس الوزراء الليبي الدكتور علي زيدان عن تشكيل حكومة أزمة مصغرة تشمل وزراء الخارجية، والعدل، والداخلية، والمالية، ورئيس الوزراء ونائبه ورئيس جهاز المخابرات العامة الليبية. وأوضح زيدان خلال مؤتمر صحافي أنه التقى بـ 37 من قيادات الجيش لتولي حقيبة الدفاع فيما سيتم اختيار وزير جديد لوزارة الشؤون الاجتماعية والحكم المحلي.
غير ان المدقق في التفاصيل، يدرك ان الازمة التي كانت قائمة منذ ما يزيد عن السنة، تجذرت هذه الايام وتعمقت، وسط تحليلات تربط ما يجري بتطورات الساحة المصرية. وفي ذلك قراءات تؤشر الى عملية اغلاق الحدود مع مصر بموجب قرار ليبي، خشية استخدام تلك الحدود في توفير سبل الدعم لحالات التمرد الليبي التي يراها المحللون غير منضبطة، ولا متوازنة، وتمارس على اعتبار انها جملة حركات وليست حركة واحدة.
فقد تفاقمت الأوضاع الأمنية في الشرق الليبي الى درجة جرى اعتبارها منطقة غير آمنة غداة سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت ناشطين سياسيين وبعض المسؤولين العسكريين والأمنيين. اضافة الى معلومات عن احتمال اقتحام سجن الشرطة العسكرية في منطقة بوهديمة، لتهريب سجناء، موقوفين على ذمة تهم تتعلق بمساندة نظام معمر القذافي في قتل المدنيين خلال ثورة 17 فبراير 2011. فيما تشهد المدينة انفلاتاً امنياً لافتاً.

اقتحام سجن
وقد سبقت ذلك عملية اقتحام سجن «الكويفية» ما ادى الى فرار 120 سجيناً معظمهم محكومون ومحتجزون على ذمة قضايا جنائية وقضايا متعلقة بمساندة نظام القذافي من سجني الكويفية العسكري والمدني في المدينة التي تشهد اضطرابات امنية.
وتضاربت الانباء حول كيفية هروب السجناء عقب الاحداث الدامية التي شهدتها المدينة من خلال اغتيال ناشط سياسي وضابطين في الجيش والشرطة، حيث حمل رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان سكان منطقة الكويفية الواقع فيها السجن مسؤولية الحادثة كونهم لا يريدون مقر السجن في منطقتهم.
وفي سياق متصل، فر 16 مريضاً يرقدون في مستشفى الامراض النفسية والعقلية في بنغازي، بعد الهجوم عليه من قبل مجموعة مسلحة تريد قتل نزيل متهم بالقتل ويعاني خللاً عقلياً. وقال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه ان مسلحين اقتحموا المستشفى بحثاً عن احد النزلاء حتى عثروا عليه واردوه قتيلاً ثم لاذوا بالفرار. الامر الذي مكن النزلاء من الهروب. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الليبية ان الاجهزة الامنية عثرت على سيارة مفخخة قرب فندق المهاري الفخم في العاصمة طرابلس ينزل فيه عادة دبلوماسيون ورجال اعمال أجانب. وبحسب تقارير امنية، تم رصد السيارة قبيل ساعة من الافطار من قبل العناصر الامنية المكلفة بتأمين محيط المنطقة وفيها 12 عبوة ناسفة موصولة بأسلاك مؤقتة للتفجير عن بعد.
وسبق ان تم استهداف فندق كورينثيا بصاروخ اخطأ الهدف واصاب شقة في وسط المدينة دون سقوط ضحايا. كما استهدفت عبوة ناسفة مفوضية للشرطة في بنغازي، فسقط خمسة جرحى. ومنذ اشهر، تشهد بنغازي مهد الثورة الليبية، انفجارات واعتداءات وهجمات على الاجهزة الأمنية، تكشف عجز السلطات عن انشاء قوات امن فعالة. وقد تكثفت اعمال العنف هذه في الفترة الاخيرة مع اغتيال المحامي والناشط السياسي عبد السلام المسماري في 27 تموز (يوليو) في بنغازي، وعدد من ضباط الشرطة والجيش. وعادة ما تنسب هذه الهجمات الى اسلاميين متطرفين منتشرين في المنطقة الشرقية من البلاد.
في السياق عينه، قتل شخصان في مواجهات بمدينة سرت – وسط ليبيا – بين لواء من الجيش الليبي ومجموعة مسلحة. وقالت الوكالة نقلاً عن مصادر طبية محلية ان مواجهات وقعت بين لواء من الجيش ومجموعة مسلحة في سرت ما اوقع قتيلين واربعة جرحى احدهم في حالة خطرة. واضاف المصدر نفسه ان اسلحة من مختلف العيارات استخدمت في هذه المواجهات التي استمرت ساعات عدة. وتعاني السلطات الليبية الجديدة في تشكيل جيش واجهزة امنية قادرة على احلال النظام وبسط سلطة الدولة في مواجهة ميليشيات مسلحة بشكل كبير بسبب مشاركتها في القتال ضد نظام معمر القذافي. وفي 22 تموز (يوليو) وقع هجوم انتحاري بالمتفجرات ضد مجمع محاكم في المدينة ما تسبب باضرار جسيمة في المباني. ومدينة سرت اخر معاقل القذافي التي سقطت في ايدي الثوار في العام 2011، كانت بمنأى نسبياً عن موجة العنف التي تهز البلاد منذ سقوط النظام السابق في العام 2011.

مجموعة اجرامية
الى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الليبية أنها لن تتهاون مع أي مجموعة إجرامية تحترف أي سلوك عدواني تجاه  المواطنين الآمنين. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن بيان أصدرته الوزارة انه تم تسجيل العديد من جرائم الاختطاف في عدد من المناطق. ووصفت ذلك بانه «يشكل تهديداً صارخاً للمبادىء  والقيم الإنسانية». وشددت الداخلية على ان مثل تلك العمليات تعتبر جرائم بحرية وحرمات الأفراد، وتكشف عن «عدم  اكتراث بأرواح الأبرياء واستهانة بحياتهم بهدف الابتزاز وكسب الأموال بطريقة غير مشروعة أو لدوافع ترتبط بالشأن السياسي». وحذرت الوزارة من أنها لن تتستر على أي مجموعة إجرامية تحترف هذا السلوك العدواني، وانها ستقوم بفضح الجناة في وسائل الإعلام المختلفة دون اعتبار لأي انتماء قبلي أو جهوي. وأكدت بأن الملاحقة الأمنية ستشمل كل من يتستر وراء غطاء الشرعية على  تبرئها من أي عمليات قبض باطلة وأي تجاوزات إجرائية، بالإضافة إلى أنها سترفع غطاء الشرعية عن مرتكبي أي تجاوزات في حال ثبوت ذلك عليهم.
في سياق مواز، اعتمد المؤتمر الوطني العام، اعلى سلطة سياسية وتشريعية في ليبيا، القانون الانتخابي الذي ينظم انتخاب الهيئة التأسيسية. وتم تبني القانون بعد مناقشات مطولة اصطدمت خصوصاً بموضوع الحصة الواجب منحها للنساء والنظام الانتخابي. وخصص المؤتمر الوطني العام في النهاية حصة من ستة مقاعد فقط من اصل 60 للنساء كما اختار ان تكون الترشيحات «فردية» والاقتراع على اساس اللوائح. وستتشكل الهيئة من 20 عضوا عن كل من المناطق الثلاث: طرابلس، وبرقة، وفزان.

ليبيا – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق