سياسة لبنانية

لقاء عون وبري والحريري في بعبدا ليلاً واتفاق على التضامن

الحريري: اطمئن اللبنانيين الى وجود حلول للازمة الراهنة!؟

عقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند التاسعة والنصف مساء امس في قصر بعبدا، اجتماعاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تركّز على الاوضاع العامة في البلاد، وضرورة الاسراع في اقرار الموازنة في مجلسي الوزراء والنواب، واتخاذ الاجراءات اللازمة للانطلاق بالخطة الاقتصادية الموضوعة والتي من شأنها ان تنعكس ايجاباً على الوضع اللبناني.
كما تم الاتفاق على مزيد من التضامن في مواجهة التحديات الاقتصادية.
الرئيس الحريري
وكان الرئيس بري قد وصل الى قصر بعبدا عند التاسعة والثلث مساء، ثم وصل الرئيس الحريري بعد دقائق قليلة ليبدأ الاجتماع الثلاثي الذي استمر قرابة النصف ساعة، تحدث بعده الرئيس الحريري الى الصحافيين فقال:
«اجتمعت مع دولة الرئيس بري الى فخامة الرئيس، وتداولنا في الاوضاع الاقتصادية وموضوع الموازنة. ارغب ان اقول للجميع ان موقفنا موحد ونرغب في اجراء الاصلاحات من اجل مصلحة اللبنانيين ومنهم اولئك الذين يتظاهرون. هناك ازمة اقتصادية يعلمها الجميع، يجب معالجتها من خلال التقشف واجراء الاصلاحات دون استهداف فريق من دون آخر، فيما تصدر شائعات واخبار كاذبة حول امور ومواضيع لم نناقشها في الموازنة. والسؤال: هل نحن بلد معافى اقتصادياً؟ علينا مواجهة اللبنانيين بالحقائق وهي ان هناك ازمة اقتصادية يجب مواجهتها من خلال اصلاحات تهدف الى تجنيب الجميع بمن فيهم المتظاهرون هذه الازمة».
واضاف: «هناك ايضاً موضوع موظفي الدولة الذين يتظاهرون، علماً ان القانون لا يسمح لهم بالتظاهر او الاضراب، وهو امر يجب احترامه، خصوصاً وان سبب اقامة هذه التظاهرات غير معروف حتى على صعيدي انا كرئيس لمجلس الوزراء، لاننا لم نتطرق في النقاشات الى الكثير من القطاعات التي يتظاهر موظفوها في الشارع، فلماذا هذا الاجراء؟ هل هناك فعلاً من لا يرغب في تنظيم المرفأ مثلاً؟ هذا ما نقوم به، ويجب اعتماد معيار واحد لكل موظفي الدولة، اذ ليس من المنطقي استفادة بعض المصالح من ميزة الاشهر الاضافية دون سواها في الوقت الذي يمكن لهذه المؤسسات، وفق الاستقلالية التي تتمتع بها، ان تقرّ سلسلة لاعتمادها. لا يمكن السماح بتعدد المعايير في الدولة حول عمل مشابه يقوم به الموظفون في قطاعات مختلفة».
وقال الرئيس الحريري: «اريد ان اطمئن اللبنانيين الى اننا نقوم بعملية اصلاح بالتوازي مع سياسة تقشف، ولكن هذا لا يعني عدم توافر فرص عمل، بل على العكس، فهناك حوالي 12 مليار دولار ان من خلال «سيدر» او قوانين اقرّت في مجلسي الوزراء والنواب تفوق الـ 3مليارات ونصف المليار دولار لتجهيز البنى التحتية ومشاريع انمائية وغيرها، وهدفنا تعزيز النمو لانه من غير المقبول البقاء على نسبة نمو بمقدار 1 في المئة منذ سبع سنوات، علينا رفع هذه النسبة الى 5 و7 وحتى 10 في المئة، وهو امر ممكن بفضل الاصلاحات التي نعمل على اقرارها».
وتابع: «نحن لا نعمل في الخفاء، ففخامة الرئيس ودولة الرئيس وانا، موقفنا واحد وكل الافرقاء في مجلس الوزراء نعمل من اجل خفض العجز في الموازنة قدر الامكان لانه لا يمكننا الاستمرار بالطريقة التي كانت تسير بها الامور سابقاً. ولهذا علينا التعاطي مع المواضيع بروية، ولسنا في وارد تغيير حياة الموظف في الدولة، بل تنظيمها بعد ان اشتكى الجميع ومن ضمنهم وسائل الاعلام من هذه الحالة، لذلك اتمنى ايضاً على وسائل الاعلام المساعدة في هذا المجال، لانه في حال لم نستطع، لا سمح الله، الوصول الى اهدافنا، فالاعلام سيعاني كغيره».
وتطرق الرئيس الحريري الى ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن افلاس للبلد، فنفى هذا الامر واكد «اننا لا نزال بعيدين عن الافلاس، وقد اخذنا العبر من دول اخرى عانت من الافلاس، ويجب الا ننتظر كي نصل الى الحال التي وصلت اليها هذه الدول دون قيامنا بإصلاحات، لانه عندها نكون كمن يكذب على المواطنين. هل هناك من يعتقد فعلاً ان فخامة الرئيس، او دولة الرئيس، او انا، او اي فريق سياسي يرغب في اتخاذ اجراءات قاسية لمجرد القيام بذلك؟ طبعاً لا، ولكن لا يمكن للبنان ان يكمل بالمدخول الحالي، لذلك يجب اجراء اصلاحات جدية مرة واحدة تضع اسساً ومعايير واضحة في المستقبل لكل المؤسسات والعسكريين وغيرهم. قيل الكثير عن المتقاعدين والموظفين، لا احد يريد وضع اليد على حقوقهم، لذلك ندرس كل السبل والوسائل لتجنّب هذا الامر والوصول في الوقت نفسه الى نسبة تخفيض العجز الى 8 او 9 في المئة».
واستغرب رئيس مجلس الوزراء ما سمّي بتظاهرات استباقية، وقال: « هل ما نقوم به هو ارهاب كي يتم اللجوء الى تدابير استباقية؟ ان ما نقوم به نحن هو عمل استباقي لتجنيب البلد الانهيار الاقتصادي، وهذا هو الطريق الصحيح الذي كان يجب ان نعتمده سابقاً، ولكن لسوء الحظ لم يحصل ذلك بسبب الخلافات السياسية. اما اليوم، فلدينا فرصة ذهبية بالتفاهم مع فخامة الرئيس ودولة الرئيس والاحزاب الممثلة في مجلس الوزراء للوصول الى موازنة اصلاحية لمصلحة جميع اللبنانيين، كما يجب الا ننسى ان نكون صادقين مع المواطنين، فإذا تمكنا مثلاً من خفض العجز الى 8 في المئة عبر تدابير غير واقعية، فهذا الامر كمن يقوم بعملية انتحارية اقتصادياً. كل القطاعات ستساهم في هذه الاصلاحات، كالقطاع المصرفي والقطاع الخاص وغيرها… وعلينا ان نعمل مع بعض وليس ضد بعض لان العمل هو لمصلحة الوطن، ويجب الا نعارض الاجراءات الاصلاحية، لانه ليس صحيحاً ان هذه الاجراءات هي بسبب مؤتمر «سيدر»، بل لاجل اللبنانيين وان يكونوا سواسية في عملها داخل الادارات».
نحن جميعاً كمسؤولين، موظفون في الدولة لمصلحة المواطن. فإذا اشتكى المواطن، الا يجب علينا البدء بالاصلاح؟ هذا هو بالتحديد ما نقوم به. واذا كان هناك من مشكلة في اي ادارة، فإن ابوابنا مفتوحة للحوار، وليس هناك من هدف للنزول الى الشارع والاضراب. انا حقاً لا ازال غير قادر على فهم سبب العديد من الاضرابات التي شهدناها في الآونة الاخيرة وتحت ذريعة «الاضراب الاستباقي»، هذا امر معيب. فأي لبناني يكون خارج لبنان ويرى العمل الذي تقوم به الحكومة اصلاحياً في ظل الانهيارات التي تحصل في عدد من الدول، يستغرب سبب قيام هذه التحركات في الشارع. فإذا توقفنا عن الاصلاحات، يكون البديل انتفاء ايجابيات السلسلة من تلقاء نفسها، لسنا في وضع يسمح لنا بالاستمرار على المنهاج نفسه، وهذا لا يعني اننا على شفير الافلاس، بل نقوم بما يجب، وسترون انه بعد اقرار الموازنة، ستتغير نظرة المؤسسات المالية الدولية الى لبنان وسيرتفع تقويمها له. من غير الطبيعي الاستمرار في المصروف دون مدخول يوازيه، وهذا ما نعمل على تجنبه كي لا نستدين».
سئل: ما يحصل في مصرف لبنان ترك تأثيراً سلبياً، كما هددت نقابة موظفي المصارف بالاعتصام.
اجاب: لا ترغب المصارف في ان يعتصم موظفوها. اما في ما خص المصرف المركزي والحاكمية، فالمصرف يتمتع باستقلالية تامة، وهذا موضوع اثبت صوابيته، خلال الازمات التي مررنا بها ان في فترات الحروب او في فترات الازمات الاقتصادية، ولا احد في وارد المساس بهذا الامر لانه من مصلحتنا الحفاظ على هذا النمط، اضافة الى ان القانون الدولي يمنع سطوة الدولة على المصرف المركزي. لقد تحدثت الى الحاكم رياض سلامة، في ظل الكلام عن الاستفادة من اشهر اضافية خلال السنة، واقترحت عليه اقرار سلسلة خاصة بمصرف لبنان، وبالتالي يمكن القول ان المشكلة قد حلّت.
سئل: مقاربة الازمة الاقتصادية من خلال المواطن تقوم على ان الدولة كانت تعطي الاموال للمصارف واليوم بفعل الضائقة تريد ان تضع يدها على اموال المواطنين.
اجاب: هذا كلام غير صحيح. ان المشكلة الاساسية هي ان الديون قاربت الـ 90 مليار دولار، وهناك نحو 40 ملياراً منها بسبب الكهرباء، كم تبلغ الفائدة عليها؟ وهذا مسؤوليتنا جميعاً وليست مسؤولية فريق سياسي. اليوم، نحن نعترف بوجود ازمة اقتصادية، وكل الدول المجاورة رفعت فائدتها على العملات على غرار الاردن والامارات وغيرها من الدول، فيما كنا في لبنان نقدم النسبة الاعلى من الفائدة. وعليه، فإن المستثمر يتجه لوضع امواله في السعودية مثلاً بدل لبنان، لذلك نضع موازنة خالية من الشوائب لكي يكون ما نطرحه في الاسواق دقيق ومحط فخر، فلماذا يجب على غيرنا فقط القيام بخطوات اصلاحية؟ لا يجب ان نخاف من التغيير والاجراءات الاصلاحية.
سئل: هناك تضارب في تصريح الوزراء حول مسالة رواتب الموظفين ذوي الدخل المحدود.
اجاب: اؤكد لك ان النقاش الذي يشهده مجلس الوزراء بعيد عن اي اعتبار لمكتسبات سياسية. هناك بيان واضح وصريح صدر عن مجلس الوزراء، وانا امثل الحكومة وانطق باسمها، واؤكد ان ذوي الدخل المحدود غير معنيين بمشروع الموازنة في السابق وحالياً ايضاً. اما الطرح اليوم، فهو توحيد المعايير في الادارات والمصالح، لذلك اتمنى على الاعلام وضع الامور في نصابها الصحيح، ونحن نقوم باجراءات توفيرية على الدولة. وسترون ان كل ما يتم الحديث عنه بنسبة 50 الى 70 في المئة، لا وجود له في الموازنة.
سئل: متى سينتهي مجلس الوزراء من درس الموازنة؟
اجاب: نحن نقوم بجلسات يومية هذا الاسبوع، وآمل ان ننتهي بحلول نهاية الاسبوع لاحالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب لاقراره.
سئل: بماذا تطمئنون المواطنين؟
اجاب: ليس هناك مس بأموال الفقراء لا من قريب ولا من بعيد. وهذا كلام قاله فخامة الرئيس ودولة الرئيس وانا والوزراء، ولكن هناك «اوركسترا» تنادي بإفلاس البلد لا استبعد ان تكون خارجية، فما الهدف من الحديث في احدى وسائل الاعلام عن اللجوء الى العنف؟
سئل: التسريبات مصدرها وزراء.
اجاب (ممازحاً): طلبت خلال الجلسة من الوزراء ان يتم التسريب بأمانة، وعدم تغيير النص المسرّب.
سئل: ماذا عن اعتكاف القضاة؟
اجاب: هل هناك بلد في العالم يشهد مثل هذا الامر؟ القانون يمنع القضاة من الاعتكاف، وهذا الامر لم اشهد له مثيلاً من قبل في اي دولة، وسيكون هناك اجراءات وقد اصدرت مذكرة في هذا الشأن. لقد قلنا بتوحيد صناديق التعاضد، فهل هذا معناه المس بهذا بصندوق القضاة؟ ما الهدف من اعتماد العديد من الصناديق بدل اعتماد معيار واحد رغم وجود استثناءات؟
نحن سنتخذ اجراءات في هذا الموضوع، واقول للقضاة ان الحوار لا يتم تحت ضغط الاضراب، واذا كان الهدف تشكيل ضغط علينا فلن ينجح الامر.
سئل: ماذا عن الصرافين الذين تلاعبوا باسعار العملات؟
اجاب: الحاكمية هي التي تتخذ اجراءات بهذا الشأن.
وختم: اريد ان اطمئن اللبنانيين الى انه رغم الوضع الاقتصادي المـتأزم، الا اننا نملك كل الحلول في يدنا، وستشهدون تضامناً اضافياً بعد هذا الاجتماع الذي عقد اليوم، حيث ان فخامته رأى وجوب تعزيز هذا التضامن، ولن يكون في الايام المقبلة تسريبات متناقضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق