اخبار النجوممناسبة

سيد درويش: صوت ثورة 1919 الذي أشعل حماس الجماهير في مصر

تحتفل مصر في شهر آذار (مارس) الجاري بالذكرى المئوية لثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، وهو الشهر الذي تحل فيه ذكرى ميلاد «فنان الشعب» سيد درويش، الذي ارتبط اسمه بهذه الثورة الشعبية.

قدم سيد درويش الكثير من الأغاني الوطنية التي ألهبت حماس الأمة المصرية في ثورتها الشعبية في 1919، في أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
ومثلت ثورة 1919 مرحلة مهمة في تاريخ مصر، فهي من الوجهة السياسية ترجع إلى استياء الشعب المصري من الاحتلال البريطاني الذي أخلف وعوده بالجلاء عن البلاد، وإلغاء الدستور، ومحاولة فصل السودان، وإعلان فرض الحماية على مصر في كانون الأول (ديسمبر) عام 1914 إبان الحرب.
تكتم المصريون حالة الغضب حتى تألف حزب الوفد المصري في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1918 بزعامة سعد زغلول، بعد أن كان موقف سعد وأنصاره من الإنذار الذي وجهه لهم الجنرال وطسن، قائد القوات البريطانية، في السادس من آذار (مارس) 1919 بمثابة دعوة للانتفاض الشعبي، لا سيما وأن الإنذار توعد بالعقوبات العسكرية كل من يعترض على الحماية البريطانية أو يعترض على تشكيل وزارة جديدة تخلف وزارة حسين رشدي باشا المستقيلة.
اندلعت شرارة الثورة المصرية في أعقاب اعتقال سعد زغلول وثلاثة من زملائه، محمود باشا، وإسماعيل صدقي باشا، وحمد الباسل باشا، ونفيهم إلى جزيرة مالطا في الثامن من آذار (مارس) 1919.
وألهبت أغاني «خالد الذكر» الفنان سيد درويش روح الوطنية لدى الشعب الثائر. وقد نهض درويش بدور تغذية روح المقاومة مستعيناً بأغنيات وطنية استلهم منها الشعب حماسته لمواصلة الثورة، والمطالبة بعودة زعيمه سعد زغلول ورفاقه من المنفى.

الثورة وسيد درويش
تعد ثورة 1919 من أهم الأحداث المصرية التي أثرت في مجال الأغنية الوطنية والحماسية، وقد عبرت الأغنية فيها عن الهوية المصرية عندما جسد سيد درويش، وهو من مواليد مدينة الإسكندرية في 17 آذار (مارس) عام 1892، بألحانه وصوته مطالب الثورة بأغنيات مثل «بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي»، وأغنيتي «قوم يا مصري مصر دايماً بتناديك» و«أنا المصري كريم العنصرين، بنيت المجد بين الإهرامين»، أغنيات داعب بها مشاعر المصريين لمواجهة الاحتلال البريطاني.
لم تكن أغاني سيد درويش الوطنية مقتصرة على رسائل سياسية مباشرة فقط، ففي العام عينه عرض مع الكاتب بديع خيري مسرحية بعنوان «قولو له»، قدما من خلالها عدداً من الأغنيات الوطنية من بينها أغنية «بنت مصر» التي قدمت على إثر استشهاد أول شهيدتين فى تلك الثورة، وهما «حميدة خليل» و«شفيقة محمد».
ويشير مؤرخون إلى أن درويش تصدر الجماهير فى قلب المسيرات والمظاهرات، وبجواره بديع خيرى، وهو يهتف بصوته بحياة الوطن والشعب والاستقلال التام للبلاد، فجاءت أغنياته كهتافات سياسية أطلقها المواطنون في الشارع فور تلحينها، فلعبت دور الضمير الوطنى الذى يحرك الشارع المصري في ذلك الوقت.
قدم درويش مع بديع خيرى بعد نفي سعد زغلول أغنية للمطالبة بعودته وهي أغنية «زغلول يا بلح يا بلح زغلول،… يا روح بلادك ليه طال بعادك»، كما اقتبس درويش من أقوال الزعيم مصطفى كامل عبارات استخدمها في صياغة النشيد الوطني المصري الحالي «بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي»، وهو النشيد الذى أطلقه فى خضم الثورة، وكثيرا ما تغنى به المصريون فى مناسباتهم الوطنية.
كان عام 1919 أكثر السنوات إنتاجاً فى تاريخ درويش الفني، وفقا لكثير من المؤرخين والنقاد، إذ قدم فى هذا العام 75 لحناً، وهذا يدل على أنه كان متفاعلاً مع مجريات الأحداث السياسية في البلاد بأعماله الفنية.
أُطلق على درويش العديد من الألقاب، إذ لقبه الأديب الراحل عباس العقاد بـ «إمام الملحنين»، و«نابغة الموسيقى»، بالإضافة إلى ألقاب أخرى أهمها «فنان الشعب»، «خالد الذكر»، و«مجدد الموسيقى»، و«باعث النهضة الموسيقية».

حياة سيد درويش في سطور
ولد سيد درويش في 17 آذار (مارس) عام 1892، في حي كوم الدكة بمدينة الإسكندرية، والتحق بمعهد ديني لتحفيظ القرآن تابع لمسجد «المرسي أبو العباس»، كما درس لمدة عامين في الجامع الأزهر.
ترك دراسته وتفرغ للعمل في مجال الموسيقى والغناء، ثم التحق بمدرسة للموسيقى وشجعه أحد معلميه على المضي في المجال فتدرب درويش على الإنشاد الديني، كما عمل في مجال البناء، وسمعه الأخوان عطالله، وانضم درويش إلى فرقتهما التمثيلية عام 1910، وسافر إلى لبنان، وبعد عودته إلى الإسكندرية، ألف ألحاناً حققت شهرة واسعة.
كان عام 1918 مفصلياً في حياة درويش، بعد أن قرر ترك مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، وتعرف على الفنان نجيب الريحاني وفرقته المسرحية، وبدأت شهرة درويش، وأصبح ملحناً لجميع الفرق المسرحية في ذلك الوقت تقريباً.
طور درويش الموسيقى المصرية للمرة الأولى، وقدم أكثر من أوبريت غنائية، مثل «الباروكة» و«العشرة الطيبة» و«شهرزاد»، كما تعاون مع أشهر مغنيات العصر منيرة المهدية، وقدم أوبرا بعنوان «مارك أنطوان وكليوباترا» على خشبة المسرح المصري، كتبها سليم نخلة والشيخ يونس القاضي، ولحن درويش الفصل الأول وتوفي قبل أن يتمها، فأكملها الفنان محمد عبد الوهاب.
وقد مثل عبد الوهاب بنفسه دور «مارك أنطوان» أمام منيرة المهدية التي لعبت دور «كليوباترا»، وهي المرة الأولى والأخيرة التي مثل فيها محمد عبد الوهاب على خشبة المسرح، وفقاً لما جاء في دراسة «تاريخ المسرح العربي» للكاتب فؤاد رشيد.
وسجلت ثلاث شركات اسطوانات موسيقية بصوت سيد درويش وهي: «ميشيان» وهي شركة محلية صغيرة أسسها مهاجر أرمني، وسجلت صوت درويش بين عامي 1914 و1920، وشركة «أوديون» الألمانية التي سجلت أعماله المسرحية الخفيفة في عام 1922، وشركة «بايدافون» التي سجلت لدرويش ثلاثة أدوار غنائية في عام 1922.
توفي سيد درويش في 10 أيلول (سبتمبر) 1923 عن عمر ناهز 31 عاماً، بعد أن كان أبرز رواد الأغنية الوطنية المصرية وقت الأزمات، وظلت ذكراه حيه في وجدان وذاكرة شعب لا ينساه، ويردد ألحانه في كل مناسبة وطنية أو احتفال بالانتصارات.

بي بي سي
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق