سياسة لبنانيةلبنانيات

ملف رئاسة الجمهورية يحمله الراعي الى الاليزيه اليوم وسط تأزم داخلي لافت

الازمة الرئاسية الى تصعيد، بعدما تكشفت المواقف كلها على حقيقتها. كان فريق الممانعة يوجه الدعوات كل يوم للحوار والتفاهم على مرشح للرئاسة، تبين في الايام الاخيرة ان ما كانت المعارضة تقوله صحيح. فهو يريد الحوار اذعاناً له والموافقة على انتخاب مرشحه سليمان فرنجية، الذي يعتبره وحده الرجل الوطني وكل ما عداه هم من اجل المناورة والتحدي. كان فريق الممانعة يقول ان المشكلة هي في عدم اتفاق الكتل المسيحية، ولو اتفقت في ما بينها لحلت ازمة الرئاسة في ساعات. لما اعلن المسيحيون انهم اتفقوا، وبات لهم مرشحهم الحيادي، شنت الحملات عليهم وعلى مرشحهم. واصبح جهاد ازعور استفزازياً ومتحدياً وخصماً الى اخر النعوت. ان كل ذلك يعني ان هناك فريقاً من اللبنانيين لا يريد رئيساً للجمهورية، الا اذا كان تابعاً له، وفي ما عدا ذلك اضاعة للوقت.
هذا الملف الرئاسي المعقد حمله البطريرك بشاره الراعي الى الفاتيكان امس، وجرى بحثه مع امين سر الكرسي الرسولي بيتر بارولي. وينتقل اليوم الى فرنسا للاجتماع مع الرئيس ايمانويل ماكرون عند الساعة الرابعة من بعد الظهر، متسلحاً باتفاق مسيحي حول مرشح واحد، يضعه امام ماكرون المتصلب في مواقفه المنحازة الى فريق الممانعة والمؤيد لترشيح سليمان فرنجية من اجل مصالح باتت معروفة. فهل يوفق البطريرك الراعي في تظهير موقف وسطي، يساهم في دعم لبنان للخروج من الازمة؟
هذا الضباب السياسي المخيم على البلاد والذي يسد كل الطرقات الى الحلول، خرقه حادث امني خطير جداً، تمثل في اقدام مسلحين على خطف مواطن سعودي يعمل في شركة الطيران السعودية. وقد جرت عملية الخطف في وسط العاصمة، وادعى الخاطفون كما تردد، انهم من رجال الامن واقتادوه الى جهة مجهولة. ثم اتصلوا من هاتفه باهله في المملكة العربية السعودية وطلبوا فدية قدرها اربعمئة الف دولار لاطلاق سراحه.. فهل ان الجهة الخاطفة تريد استهداف السياحة في لبنان، بعد تصريحات للمسؤولين بان الموسم واعد؟ ام استهداف عودة لبنان الى الحضن العربي، وبذلك قطعت الطريق على اي محاولة لقلب الصفحة؟ هل ان هذه العملية تشجع الرعايات العرب للمجيء الى لبنان؟ وهل تجشع المسؤولين على مد اليد له؟
ان لبنان اليوم يمر في اسوأ ايامه. فراغ في رئاسة الجمهورية، حكومة تصريف اعمال تتصرف على هواها، ووفق مصلحة داعميها، ومجلس نيابي معطل، والمفتاح في جيب رئيسه. والتفلت الامني يتصاعد من يوم الى يوم، في غياب السلطة السياسية الفاعلة. فهل ان الهدف هو دفع من تبقى في لبنان الى الهجرة والبحث عن ملاذات امنة يلجأون اليها، للخلاص من هذا الجحيم الحقيقي الذي نعيش فيه؟ ولكي تكتمل هذه الصورة السوداء التي يرسمها حكم منظومة دمرت كل شيء، واوصل البلد الى ما هو عليه، تتعطل الادارات الرسمية ومعها مصالح المواطنين جراء اضرابات متلاحقة فشلت الحكومة في ايجاد حل لها، رغم انها رفعت التقديمات الى سبعة رواتب اضافية. وهذه حلول ترقيعية لان الزيادات التي اقرت لا تمويل لها، وبالتالي ستضطر الحكومة الى طبع المزيد من العملة، فتنهار الليرة اكثر. وتنهار معها القدرة الشرائية للمواطنين، فتزيد الفقر والجوع. ان الحلول موجودة ولكنها تحتاج الى رجال يتمتعون بالكفاءة. فالفرصة في هذا الوضع سانحة لكي تقدم الحكومة على انصاف الموظفين الذين يعملون بجد. وتستغنى عن عشرات الاف الموظفين الذين حشروا في الادارات الرسمية من اجل مصالح انتخابية وخاصة، وبذلك يصل كل صاحب ذي حق الى حقه. في الادارات الرسمية اسماء، لا تعرف اين مراكز عملها، ولم تحضر اليها مطلقاً، ومع ذلك فهي تقبض رواتبها في اخر كل شهر، وربما تستحق لها ايضاً مبالغ عن ساعات اضافية تسجل باسمها. ان ضعف السلطة وسوء ادارتها وتقاعسها اوصلت الى هذا الانهيار الذي بات بلا قعر، فهل لا يزال من الممكن اعادة انهاض البلد، ام انه سائر الى التفكك والانحلال؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق