تراثمتفرقات

«قلعة الفيقين» التاريخية… معلم سياحي يعكس الهندسة المعمارية العمانية التقليدية

«قلعة الفيقين» بولاية منح بمحافظة الداخلية واحدة من المعالم التاريخية البارزة بالولاية التي عكست عمق الهندسة المعمارية العمانية التقليدية في مجال بناء الاستحكامات الدفاعية لتقف القلعة بأبراجها الشامخة وسط قرية الفيقين.
تحيط بالقلعة بيوت الحارة القديمة وواحات من النخيل على جوانبها كافة لتلقي بظلالها على المكان حيث ظلت هذه القلعة محافظة على تشكيلاتها وتفاصيل بنائها لأكثر من 400 عام حتى تم ترميمها بالكامل من قبل وزارة التراث والثقافة، وافتتحت رسميًا للزائرين في عام التراث يوم الرابع والعشرين من حزيران (يونيو) 1994.
يقول خلفان بن سالم البوسعيدي الباحث في التاريخ العماني: إن النقوش والكتابات التي عثر عليها في باب القلعة العلوي تشير إلى تاريخ بنائها الذي يعود إلى العام 1027 هجرية الموافق 1617 ميلادية، حيث شارك في بنائها مجموعة من المهندسين الماهرين وأصحاب الخبرة من أبناء ولاية منح، كما كان لبعض الأئمة آنذاك دور في حماية قلعة الفيقين وفق ما وجد في بعض المخطوطات التي تعود للعام الهجري ١٣٣٣ ومنها مخطوطة للإمام سالم بن راشد الخروصي.
ويضيف لوكالة الأنباء العمانية: إن قلعة الفيقين عرفت بمناعتها واستحكاماتها الدفاعية وقوة إنشائها وفنها المعماري العريق، وقد ظل بابها مجهولا للجميع ولا يمكن الدخول إليها إلا بواسطة حبل يتدلى من فتحة في الطبقة الثانية وكان يصعب على الزائرين الصعود إليها حتى خصص لها باب رئيسي للدخول من الجهة الجنوبية أثناء عملية الترميم.
وتكمن براعة الهندسة العمانية في تقسيمات قلعة الفيقين ذات الأدوار الأربعة إلى جزأين شمالي وجنوبي ، حيث خصص الجزء الشمالي منها للدفاع العسكري عن القلعة وما يحيط بها من بيوت الحارة القديمة بينما خصص الجزء الجنوبي للسكن والمعيشة، فالداخل إلى القلعة من الباب الرئيسي من جهة الجنوب يشاهد على يساره مباشرة البئر التي تقع في الدور الأرضي ويصل عمقها إلى حوالي سبعة أمتار وتم إيصالها بالطبقات العليا من الجزء السكني من خلال فتحات تسمح بتدلي الحبل من الدور العلوي حتى البئر لاستخراج المياه بسهولة ويسر للاستخدامات المختلفة كالشرب والوضوء والاستحمام وغيرها من الاستعمالات، كما يتميز الجزء الجنوبي بوجود عدد من المخازن ( النضد ) لتخزين التمور والحبوب والمواد الغذائية الأخرى إلى جانب الغرف والمساقط التي كانت تستخدم آنذاك للدفاع عن القلعة في أوقات الحروب لصب الزيت أو العسل المغلي على المهاجمين للقلعة ، ويحتوي الدور الرابع على المكتبة المليئة بالرفوف التي كانت تستخدم لوضع الكتب الدينية والعلمية والمخطوطات والوثائق وغيرها من المحفوظات الأخرى.
وأشار الباحث التاريخي إلى أن القسم الشمالي الدفاعي من القلعة يمكن الصعود إليه من خلال سلم متعرج يؤدي إلى الطبقات الأخرى من القلعة حيث يقع في الدور الثالث من الجهة اليمنى السجن المسمى «المطمرة»، إلى جانب المساقط والفتحات والفوهات المتناثرة في الأدوار العلوية والمطلة على محيط القلعة التي تستخدم لإطلاق المدافع للدفاع عن القلعة والبلدة، كما يبرز في القلعة البرجان اللذان يستخدمان في المراقبة في أوقات السلم والحرب، وتسهيلاً للزائرين للقلعة فقد تمت إضافة باب في الدور العلوي من القلعة يصل بين الجزأين الشمالي والجنوبي نزولاً نحو الطبقات السفلية.
وفي عام 1991 قامت وزارة التراث والثقافة بترميم القلعة بالكامل كونها جزءاً من التاريخ العماني فتم تأهيل الأجزاء المتضررة والمتأثرة نتيجة لعوامل الطقس مع مرور الزمن، وتم افتتاحها للزائرين في عام 1994، وفي عام 2008 تمت صيانة القلعة من جديد من خلال ترميم الأبراج والممرات والأقواس ووضع الحجارة السطحية في أرضية الدور الأول من القلعة إلى جانب فتح باب جديد يربط بين الجزء الشمالي والجزء الجنوبي في الدور قبل الأخير وتسهيلا لمهمة الزائرين أثناء الزيارة إلى جانب وضع حزام جانبي يحيط بالقلعة من جميع الاتجاهات لما يضيفه هذا الحزام للقلعة من طابع جمالي، كما تمت إعادة صيانة جميع الطبقات من الخارج باستخدام «الجص».
وتستقبل القلعة الزائرين والسائحين من داخل السلطنة وخارجها للاطلاع على هذا المكنون التاريخي وما يحتويه من تفاصيل وأسرار دقيقة في فنون العمارة العسكرية التقليدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق