سياسة لبنانيةلبنانيات

ماذا سيقول رئيس الجمهورية اليوم والانقسامات تلف البلاد وتعطلها؟

صمام الامان الوحيد الباقي للبنانيين هما الجيش والقضاء

احتفل لبنان بعيد الميلاد المجيد وهو يستعد للاحتفال بعيد رأس السنة. ولكن اي عيد واي احتفال، في ظل منظومة لم تترك لا للاعياد ولا للاحتفالات مكاناً، بسبب سوء ادارتها كي لا تقول اكثر. فبدل الفرح والطمأنينة اللذين على الدولة ان توفرهما للمواطنين، ساد البؤس والجوع، والانشغال بالهموم المتراكمة، والخوف على المصير في غياب الدولة عن مسؤولياتها ورعاية شعبها.
تخلي المسؤولين عن مسؤولياتهم كان بارزاً من خلال العظات الدينية في مختلف المحافظات، اذ طالب البطريرك الماروني بشاره الراعي، والمطران الياس عودة مطران الطائفة الارثوذكسية في الاشرفية، وسائر المطارنة ورجال الدين، وباسم الشعب الذي يمثلونه، طالبوا جميعاً بان يتحرك المسؤولون لاستعادة مسؤولياتهم الضائعة لانهم تخلوا عنها، وطالبوهم باسترجاع سلطة الدولة واستقلال الوطن. فلم يعد مسموحاً ان يستمر الوضع الراهن الذي يكاد يضيّع البلاد والعباد. ان استرجاع الوطن يخدم الجميع، ويعيد التضامن بين ابنائه الذين بدوا مشرذمين، منقسمين مما يشكل خطراً كبيراً على الكيان. وهذا ما دفع قائد الجيش العماد جوزف عون الى التحذير من فتنة اصبحت على الابواب، ولكنه طمأن الى ان الجيش لن يسمح بانفلاتها، وهو يقف لها بالمرصاد. وكلام القائد موضع ثقة الداخل والخارج على حد سواء، فالمؤسسة العسكرية والقضاء في معظمه هما المؤسستان الوحيدتان الباقيتان في الوطن المنهار، وهما موضع اهتمام العالم. فعبثاً حاولت السياسة السيطرة على القضاء ووضعه تحت سلطتها وارادتها، فاذا بها تصطدم بقضاة نزيهين لا يتطلعون سوى الى القانون وهو سلاحهم للسير بالعدالة وفق ضمائرهم. وهذا ما يثير غضب المنظومة لانها تريد ان يكون القضاء طوع بنانها تسيره كيفما شاءت.
هذه الضجة القائمة ضد القضاء سببها حالة لم يعتد عليها السياسيون. فقد اعتادوا في وقت من الاوقات ان تكون لهم كلمة الفصل في كل شيء، ولم يسبق لاي جهة ان رفضت ارادتهم. الا ان الوضع الراهن تبدل واذا بعدد من القضاة يقفون سداً منيعاً في وجه محاولات خطف السلطة القضائية.
والوضع السياسي الحالي يدعو الى الشفقة، والخوف معاً. فالانقسامات تعم الاوساط السياسية. وهناك تكتلات وتموضعات تتشكل، تقابلها تكتلات مضادة، وهي تنذر بشر مستطير، امنياً وسياسياً. فعلى الصعيد الامني ينذر هذا الاحتقان السياسي بان ينفجر في مكان ما، مثلما حصل في الطيونة والهجوم على عين الرمانة. ويبقى الاعتماد على الجيش، الدرع الواقي للمواطنين. والمضحك في الامر ان كل طرف يحاول ان ينفي دوره في الخلافات والانقسامات والشلل الحاصل، ويحاول القاء المسؤولية على الاخرين. وفي النتيجة تظهر المنظومة كلها غير مسؤولة.
والخلافات على اشدها بين السياسيين وقد وصلت الى الفريق الواحد وهي تنذر بالاشتداد، الامر الذي ينعكس سلباً على الحياة اللبنانية ككل. فمجلس الوزراء معطل بارادة فردية مخالفة لكل الارادات اللبنانية ولا يبدو انه سيعود الى الاجتماع في مدة قريبة وربما لن يعود حتى نهاية العهد. وقد بدأت حكومة نجيب ميقاتي تتحول الى حكومة تصريف اعمال وستبقى للاشراف على الانتخابات هذا اذا لم تنسف الانقسامات هذه الانتخابات التي يعوَل عليها كثيراً في الداخل وفي الخارج.
هذه هي الاجواء التي احتفل بها اللبنانيون بالاعياد فعسى ان تنتهي هذه الاوضاع الشاذة الى الابد ويعود الوئام ليخيم على البلاد وتكون السنة الجديدة حاملة للخير والامن والامان تخرج اللبنانيين من هذا الجحيم القاتل. انه دعاء بلا امل اذ لا يمكن الوصول الى اي نتيجة ايجابية على ايدي منظومة دمرت كل شيء وفتحت باب جهنم. فهل ان صانع الحرب يمكنه ان يصنع السلام؟ بالطبع لا. ويبقى الامل في الانتخابات علها تحمل بزور التغيير.
العين اليوم شاخصة الى قصر بعبدا حيث يريد رئيس الجمهورية ان يتكلم كما وعد وهو يغادر بكركي يوم السبت الماضي. فماذا عساه يقول؟ ان معظم العناوين التي سيتضمنها الحديث معروفة وبالطبع سيحاول تحييد فريقه عن المسؤولية، مع ان كل الذي يجري في البلد الجميع مسؤولون عنه. صحيح انه نتيجة تراكمات تجمعت خلال سنوات. ولكن الجزء الاكبر منها ظهر واستفحل في السنوات الاخيرة… فهل يستطيع الرئيس ان ينقذ شيئاً بعد، والعهد لم يبق امامه سوى عشرة اشهر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق