سياسة لبنانيةلبنانيات

الفوز في الانتخابات بالتهديد والرشاوى ساقط حتماً ويؤسس للانتقام

عون قال كلمته امام الصرح البطريركي ومشى وترك المجال واسعاً للتأويلات

احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي بعيد الفصح المجيد، عيد قيامة السيد المسيح، فمرت المناسبة حزينة كئيبة، غابت عنها الكثير من التقاليد والعادات، واختفت الفرحة من على وجوه الاطفال، فلا ثياب جديدة ولا هدايا ولا احتفالات بسبب الضائقة المالية، التي تجتاح البلد من اقصاه الى اقصاه، نتيجة سياسة المنظومة التي افقرت الدولة والشعب وتسببت بالمجاعة، وهي عائدة اليوم محاولة ترهيب الشعب وترغيبه، لاعادة انتخابها.
العظات والتصاريح التي رافقت الصلوات، ركزت كلها على الانتخابات، الباب الوحيد الذي يحمل التغيير، اذا عرف الناخبون ان يختاروا. وكانت البداية مع رئيس الجمهورية الذي حضر قداس عيد الفصح في بكركي وعقد خلوة مع البطريرك الماروني بشاره الراعي. اكد العماد ميشال عون ان الانتخابات جارية وان كل التحضيرات انجزت، وهي تنتظر الخامس عشر من ايار. وتطرق الى السياسة فغمز من قناة الثنائي الشيعي الذي اتهم بتعطيل الحكومة، والقضاء ومنع اكمال التحقيق في جريمة انفجار المرفأ. ولما قيل له ان وزير المالية قال انه لم يوقع مرسوم قضاة محكمة التمييز لان فيه اخطاء، قال لا تدعوهم يكذبون عليكم. فكان لافتاً جداً هذا الكلام، وتساءل كثيرون هل هناك تحول في التعاون بين الرئيس عون وحزب الله؟ وما سبب هذا التغيير؟ التفسيرات كثيرة ولكن الرئيس عون قال كلمته ومشى. غير ان التعاون الانتخابي مستمر بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي. وعلى كل حال تبديل المواقف اصبح مستحيلاً بعد تشكيل اللوائح. والتعاون بين الثنائي والتيار مستمر ولكن الى اي حد؟
شائعات مقلقة ترافق الحديث عن الانتخابات اولها تتحدث عن الرشاوى تعم الدوائر الانتخابية كلها، ومنها ما يدفع بالدولار، ومنها ما يدفع بالليرة اللبنانية او عبر تسديد فواتير المولد الكهربائي ودفع الاقساط المدرسية وغيرها. فنرجو الا تكون هذه الشائعات صحيحة، لانها تؤثر على نتائج الانتخابات وتسد طريق التغيير. ويجب ان يعلم الناخبون ان من يدفع لهم ليرة واحدة اليوم لشراء اصواتهم سيسترجعها الاف الليرات، ومن جيوبهم، في حال فاز في الانتخابات، فقبض الرشاوى كمن يلحس المبرد، فلا تنخدعوا في مبلغ زهيد يدفع لكم اليوم، مهما كانت حاجتكم اليه، لانكم ستدفعون بالمقابل مبالغ طائلة فضلاً عن بقائكم في الذل والقهر.
الشائعة الثانية التي ترافق الحملات الانتخابية، هي استخدام التهديد وسيلة لانتزاع اصوات الناخبين. وقد تردد ان مسلحين في بعض المناطق، هاجموا انصار لوائح مناهضة لهم وقطعوا عليهم الطرقات واطلقوا الرصاص ومنعوهم من اعلان برنامجهم الانتخابي. ان هذه الاخبار في حال تأكدت صحتها، تدل على ان الذين يحاولون جمع اكبر عدد من الاصوات لا يتمتعون بتأييد الناس ولا يحوزون على ثقتهم وان انتصارهم يكون قد حصل بحد السيف، ولكنه عمق الحقد في القلوب ضدهم، وهذه حالة لا يمكن ان تستمر طويلاً. ففي النهاية لا يصح الا الصحيح. ومهما طال زمن الظلم فلا بد للشمس ان تشرق من جديد.
على الصعيد السياسي تنصرف الحكومة هذا الاسبوع الى وضع خطة التعافي. والمواطنون يضعون ايديهم على قلوبهم. لان المنظومة لم تفكر يوماً بمصلحة الناس، بل بمصلحتها وحدها. ولذلك الخوف كل الخوف من ان تعمد الحكومة، وهي تمثل كتل المنظومة، الى اعفاء نفسها من الخسائر، رغم ان الحكومات المتعاقبة هي التي هدرت وبددت اموال الخزينة، وعليها وحدها ان تتحمل المسؤولية. غير انها بدل ذلك ستعمد الى القاء العبء كله على المودعين. وكما بددت اموال الدولة ستعمد الى تبديد اموال المودعين، وهي اصلاً لم يبق منها شيء، وفق ما يتردد والحكومة ماضية في السطو عليها حتى اخر ليرة.
وتتحدث الحكومة عن انجازات حققتها على صعيد صندوق النقد الدولي بتوقيع اتفاق مبدئي معه، وبعودة السفراء الخليجيين الى لبنان، ولكنها تتجاهل ان هذه «الانجازات» هي حبر على ورق. فان لم تحقق الاصلاحات المطلوبة، يسقط اي اتفاق نهائي مع الصندوق، ولا تحصل الحكومة على ليرة واحدة، وان استمرت في سياستها وسياسة الحكومات التي سبقتها، والتي ادت الى ضرب العلاقات مع الدول الخليجية، فان السفراء سيغادرون عائدين الى بلدانهم، وهذه المرة لن يعودوا قبل ان تسقط المنظومة كلها. وهذا ما اشار اليه البطريرك الراعي في عظته خلال قداس عيد الفصح، وبحضور رئيس الجمهورية، فطالب الدولة بوقف الحملات المغرضة ضد دول الخليج، خصوصاً وان هذه الحملات كما قال ليست من اجل مصلحة لبنان، بل من اجل مصالح دول خارجية. فهل ان الحكومة قادرة على تنفيذ ذلك، فتوقف الحملات المسيئة للدول الخليجية، وهل هي قادرة كما طالبها البطريرك الراعي ببسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية، وتوحيد السلاح؟ ان ذلك امر مشكوك فيه ولذلك من واجب الناخبين ومن مصلحتهم حسن الاختيار لاحداث التغيير فيستعيد لبنان دوره الطبيعي وسط المجموعة العربية والمجتمع الدولي ويتحرر من كل الضغوط الخارجية التي تهيمن عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق