أبرز الأخبارصحة

بدناء؟ احذروا الشراهة وتحركوا!

نامت، قامت، ارتدت ثيابها على عجل وغادرت البيت. وهناك، أمام المصعد، التقت بابن الجيران، ألقت عليه التحية: مرحباً… نظر إليها، استدار البؤبؤ في عينيه، وصرخ في وجهها: أف ليش نصحانة هيك؟ ابتسمت. حاولت أن تبتسم. ومشت. وقبل أن تصعد الى مركبتها رأت تلك المرأة الثرثارة، زوجة صاحب الدكان المجاور، ألقت عليها التحية على عجل واعتلت مركبتها فدنت منها مندهشة مرددة كما الببغاء: شو نصحانة… كتير نصحانة!
ماذا حصل معها بين ليلة وضحاها لتبدو هكذا، بدينة، سمينة، قبيحة؟ وماذا يحدث معها لتحاول جاهدة أن تخسر وزناً عبثاً؟

اختصاصي أمراض الغدد الصماء والسكري الدكتور أكرم آشتي يتحدث عن امكانية أن تكون الدهون تتكدس منذ مدة على أن تزيد في فترة يكثر فيها هذا الاستهلاك، استهلاك الوجبات المشبعة بالدهون، فتظهر جلية!
إذاً سبب البدانة الأول هو الشراهة على الطعام. الطعام إذاً هو لبّ المشكلة واتباع نظام غذائي جديد هو الحلّ. ممتاز. لكن ماذا لو اتبعت حمية غذائية علّقت فيها «لسانها بالسقف»، مجازياً طبعاً، ولم تجد نتيجة؟ ألا يتسبب هذا لها بإحباط؟

بالقلم والورقة

الدكتور آشتي يحسب الوزن الزائد بالقلم والورقة: إذا تناولنا يومياً طعاماً يزيد بنسبة خمسة في المئة عن كمية الطعام التي نحتاج اليها ستتكون لدينا خلال سنة واحدة ستة كيلوغرامات إضافية، علماً أن الأرقام تتحدث عن أن 11 في المئة فقط من اللبنانيين يمارسون رياضة المشي وعشرة في المئة يمارسون الرياضات الأخرى على أنواعها، أما اعتلاء المصعد الكهربائي بدل الصعود على السلالم العادية فيقوم به 99 في المئة من اللبنانيين. ما معنى هذا؟ أننا شعب خمول رياضياً وبذخ غذائياً.
البذخ الغذائي سبب وقلة الحركة سبب… لكنها، هي، انتبهت وبدأت تصعد الدرج وتنزل مشياً الى الدكان المجاور وتتبع ريجيم البروتيين حيناً وريجيم الفاكهة حيناً آخر وريجيم السعرات الحرارية التقليدي حيناً ثالثاً لكن وزنها الجديد بدا ثابتاً! اشترت ميزان ديجيتال فانتبهت الى أنها تنام بوزن وتستيقظ بوزن أعلى بثلاثمئة أو أربعمئة غرام! فلماذا هذا الثبات في الوزن وإن تحرك فصعودا؟  ولماذا ولماذا ولماذا… أسئلة كثيرة لاحت في بالها، في أسبوعين، مارست خلالهما كل الوسائل التجريبية لاستعادة رشاقة مفقودة!
الكيلوغرامات الإضافية يفترض إذاً أن تزول لكن: كيف؟
سؤالها: كيف إستلزم جملة أسئلة من إختصاصية التغذية: هل تشربين المياه؟ هل تمشين؟ هل تفرطين في تناول ما قيل لكِ أنه صحي: لوز وجوز وأفوكادو مثلاً؟ هل تمارسين الرياضة والمعدة شاغرة فارغة؟ هل تنامين جيداً؟ هل ترتدين الثياب الفضفاضة؟ هل تتناولين وجبة الفطور؟ هل ترفهين عن نفسك؟
لماذا كل هذه الأسئلة؟ لأن من يُقدم على حمية غذائية يُفترض أن يكون في حال نفسية إيجابية. السلبية تُحبط. الصبر يفيد. وفقدان الصبر ينتهي غالباً بفشل. هذا أولاً، لكن يبقى السؤال يتكرر ثانياً وثالثاً ورابعاً: لماذا ثبات الوزن؟
الإجابة من شقين، أو لنقل وفق نوعين من البشر: النوع الأول، ويضم من لا يخسرون شيئاً أول أسبوع أو أسبوعين والنوع الآخر، ويضم من يخسرون ثمانية أو تسعة كيلوغرامات في الشهر الأول ولا يعودوا يخسرون شيئاً طوال شهر أو أكثر. وأصحاب النوع الأول، بحسب اختصاصي أمراض الغدد الصماء والسكري، هم إما يتبعون حمية غذائية خاطئة، لا تتناسب مع عمرهم وطبيعة حراكهم ونوع عملهم ومدى قدرتهم على الحرق، لذا يفترض بهم التوجه الى طبيب لتحديد السبب، أو محاولة الإصرار على المثابرة عبر تغيير طبيعة الريجيم بأنفسهم لإجبار الجسم على التجاوب.

عناد الجسم
أما أصحاب النوع الثاني فاحتمال أن يكونوا قد تعبوا بعد انتهاء الشهر الأول وبدأوا يتذوقون «لقمة» من هنا وقطعة حلوى من هناك، وهناك احتمال آخر أن يكون الجسم، الذي يُشبه في تركيبته البنيوية الحاسوب المعقد، قد دخل مرحلة العناد وما عاد يستجيب لشكل الريجيم المتبع وفي هذا الإطار نكون أمام ثلاثة حلول: الحل الأول، تخصيص يوماً مفتوحاً في الأسبوع نأكل فيه ما نشاء من أجل كسر الجمود وجعل الجسم يتكيف مجدداً مع طبيعة الحمية المتبعة على أن نخفض في اليوم التالي السعرات الحرارية الى الحد الأقصى. الحل الثاني، تكثيف الرياضة وزيادة معدل وقت التمارين. والحل الثالث، تقسيم حمية الأسبوع الى أربعة أقسام، على أن نتناول في اليومين الأولين معدل 900 سعرة حرارية، وفي اليومين التاليين 1200 سعرة حرارية، على أن نُخفض هذه السعرات في اليوم الخامس والسادس الى 600 سعرة، ويترك اليوم السابع مفتوحا نأكل فيه ما نشاء.
الجسم، مثله مثلنا، يتكيف إذاً مع الأشياء وقد يشعر بالملل، أو قد يشعر بالخوف من الغد، من الجوع، فيحتفظ بذخيرته… والحلّ؟ طمأنته أنه لن يجوع فيتكيف مع الوضع الجديد ويستجيب مجددا مع الحمية الغذائية.

أي حمية؟

أي حمية يا ترى نتبع؟ حمية البروتينيات؟ الفاكهة؟ أو حمية تخفيض السعرات الحرارية؟
اختصاصية التغذية كريستيان جبيلي لا تسأل البدين بألا يأكل بل أن يأكل كل شيء، كل كل شيء، لكن بكميات محددة. ثلاثة ملاعق لبنة دايت مثلاً مع نصف رغيف قمحة كاملة صغير مع خيار وبندورة، أو شرحتان موزاريللا لايت مع قبعة خبز صغيرة قمحة كاملة وبندورة وخيار. وإذا رغب من يريد أن يخسر وزناً بأن يأكل الخبز الأبيض فليفعل شرط أن يأكل بدل القبعة السمراء الصغيرة نصف قبعة من الخبز الأبيض الكبير. لا شيء إذاً ممنوع لكن الكميات وحدها محددة. المنقوشة ليست ممنوعة أيضاً لكن نصف واحدة مرة واحدة في الأسبوع. عند الغذاء كل شيء أيضاً مسموح لكن بكميات أقل مما كنتم تأكلون. فنجان رز واحد مثلاً أو فنجاني مغربية. سفين الدجاج بلا جلدة. الكبة مشوية. القلي ممنوع كلياً. القريدس ثماني حبات فقط ومرة واحدة في الأسبوع. زيت الزيتون ملعقة واحدة صغيرة ويمكن استبدال كل ملعقة بملعقة صغيرة مايونيز دايت أو خمس حبات زيتون أسود أو ثماني حبات زيتون أخضر أو بملعقة كبيرة بزر كبير أو صغير أو ست حبات جوز أو لوز أو فستق أو بملعقتين كبيرتين من الباذنجان المتبل. مفعول زيت الزيتون إذاً كبير. قليل منه طبعاً مفيد لكنه يزيد من السعرات الحرارية جداً.
الإكثار من تناول المعجن
ات والحلويات أحد أهم أسباب البدانة بسبب احتوائها على وحدات حرارية عالية. ولعشاق المناقيش ننقل لكم هذا الرقم: تحتوي المنقوشة الصغيرة على أكثر من أربعمئة وحدة حرارية وكلما زادت محتوياتها ارتفعت النسبة أكثر. تعرفون هذا لكنكم ضعفاء أمام المنقوشة؟ كلوا إذاً نصف واحدة واطلبوا وضع الزعتر والزيت بعد إخراج العجين من الفرن لأن الزيت حين يحترق يصبح مضراً جداً ويؤثر على الشرايين والقلب.

وأي خبز؟
سؤال آخر يلح: ما الفرق بين انواع الخبز الأسمر والشوفان والنخالة والقمحة الكاملة والخبز الأبيض؟
لا فرق مبدئياً من ناحية الوحدات الحرارية لكن الخبز الأسمر يحتوي على سكر وملح أقل وعلى ألياف أكثر، وكلنا يعلم أن الألياف قد تجعلنا نشبع أسرع وتفيد الجسم صحياً أكثر. ويُفترض هنا أن نتتذكر كلنا دائماً أن من شأن الإكثار من تناول المأكولات التي تتحول الى سكر في الجسم مثل الأرز والبطاطا والخبز والمعجنات والخبز الأبيض زيادة وزن المنطقة العليا وتحديداً البطن والصدر. يعني في حال كنا نشعر أن الكيلوغرامات التي نأخذها تتركز في الطبقة العلوية من أجسامنا فعلينا أن نراجع نمط غذائنا ولا بد أن نكتشف بأنفسنا السبب.

الفاكهة طبعاً… لكن!
الفاكهة طبعاً رائعة لكن يفترض احتساب وحداتها الحرارية أيضاً بالقلم والورقة. وحين نريد أن ناكل تفاحة عملاً بالمثل القائل: تفاحة كل يوم ولا طبيب فلتكن من الحجم الصغير، 120 غراماً، اما حصتنا من البطيخ الأحمر فيفترض ألا تتجاوز قطعة واحدة وزنها 210 غرامات اما إذا اخترتم البطيخ الاصفر فليكن وزن القطعة اقل، 160 غراماً، اما فاكهة الأفندي فيمكنكم التهام حبتين منها شرط ألا يزيد وزنها عن 140 غراماً. الموز حبة واحدة تكفي زنتها 65 غراماً. اما من يحب الفاكهة المجففة فلتكن حصته اليومية من التين المجفف او الخوخ المجفف او المشمش المجفف حبتين صغيرتين او ثلاث زنة 25 غراماً.
قفوا أمام المرآة وانظروا الى أجسامكم، أنظروا جيداً، وحاولوا أن تُمسكوا تلك الشحوم الراكدة حول الخصر وعند البطن والفخذين… نجحتم بالإمساك بها؟ أنتم إذاً في دائرة السمنة فانتبهوا لأنفسكم قبل أن تصادفوا ابن الجيران أو صاحبة الدكانة في الحيّ وتسمعون ما سمعت هي: أف شو نصحانين! كلامٌ سيسقط عليكم سقوطاً مريعاً…

نوال نصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق