سياسة لبنانيةلبنانيات

جلسة جديدة فاشلة للمجلس النيابي اليوم… لا انتخاب لا رئيس والفراغ هو الثابت الوحيد

الشروط المستحيلة تعطل تشكيل حكومة فما هي التطورات التي ينتظرها المعطلون؟

يلتئم المجلس النيابي اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وغداً يدخل الايام العشرة الاخيرة من العهد فيتحول الى هيئة ناخبة. النتيجة معروفة سلفاً لا جلسات، لا انتخاب ولا رئيس، وهذا امر طبيعي بالنسبة الى المنظومة التي اعتادت على الفراغ في نهاية كل عهد، وعند تشكيل اي حكومة، حتى اصبح التقيد بالقوانين استثنائياً، نادراً ما يحصل. فالمعارضة داخل المجلس مفككة وهي تنقسم الى معارضات عدة. وزاد الطين بلة منذ يومين انقسام النواب التغييريين واصبحوا فريقين او ثلاثة.. كل ذلك يؤشر الى صعوبة جمع الكتل المعارضة على اختلاف توجهاتها. اما نواب الفريق الاخر فتجمعهم قيادة واحدة وعلى الجميع التقيد بها. الا انها حتى الساعة لا مرشح ظاهراً لها، وهي تنتظر امراً ما، او حدثاً اقليمياً او اي طارىء، يبدل من حال الى حال، وعندها يصبح الاتفاق مع الجميع ممكناً. هكذا سارت المجالس النيابية على مر السنوات، منذ فترة طويلة عرف لبنان خلالها، فراغات تخللتها مؤتمرات وضغوطات، وفي النهاية تأتي كلمة السر فتنتظم الامور بعد انتظار يطول او يقصر حسب الظروف. لكن غاب عن بال المجلس النيابي مجتمعاً ان الظروف تختلف هذه المرة، وان لبنان غارق في جهنم، وهو لا يحتمل يوم فراغ واحداً. فهل يراعون المصلحة الوطنية ولو لمرة؟
منذ ايام صدر كلام نسب الى رئيس المجلس نبيه بري جاء فيه: انه بعد مغادرة رئيس الجمهورية ميشال عون قصر بعبدا، يجب العمل على تكثيف الاتصالات للتوافق على رئيس يجمع اللبنانيين. وهذا دليل على ان الانتخاب ضمن المهلة الدستورية غير وارد واننا سائرون نحو الفراغ. فليتحمل هذا المجلس والقابضون عليه النتائج.
اذاً ستمر جلسة اليوم كما مرت سابقتاها. اوراق بيضاء وتعطيل وتهريب نصاب، واللبنانيون يدفعون الثمن. وهذه غلطتهم على كل حال. ففي كل مرة يشتكون على مدى سنوات ولكنهم امام صندوق الاقتراع يعيدون انتخاب مرشحي المنظومة اياهم. فكل انسان يحصد ما زرع. وانطلاقاً من هذا الواقع الاليم الذي يثير استغراب العالم كله، حول تخلي الطبقة السياسية عن مسؤولياتها، تتكثف الاتصالات بشأن تشكيل حكومة كاملة المواصفات، بحيث لا تتولى حكومة تصريف الاعمال سلطات رئيس الجمهورية فتشهد البلاد فراغاً على فراغ. الا ان المساعي لم تثمر حتى الساعة. فما ان يقترب المعنيون من النجاح، حتى تبرز الشروط التعجيزية فتعيد الامور الى نقطة الصفر. فكأن هناك فريقاً لا يريد تشكيل حكومة، وهو يفضل الفراغ القاتل لغاية غير معروفة. ويتردد حالياً ان العقد التي تعترض التشكيل ستزول في الساعات الاخيرة من نهاية العهد، وسيكون للبنان حكومة كاملة الصلاحيات ستقود البلاد بالحد الادنى في المرحلة المقبلة، الى ان يمن الله علينا بالخلاص، فتفرج المنظومة عن انتخاب رئيس جديد. ولكن اللبنانيين لا يتطلعون هذه المرة الى اي رئيس، بل يريدون شخصاً مقتدراً يتمتع بالجرأة الكافية ليطرح كل الملفات على الطاولة، ويعمل على انقاذ لبنان، فينهض ويخرج من هذه الهوة السحيقة التي رموه فيها. فهل يكون ذلك ممكناً؟ وهل تسمح المنظومة برئيس ينتزع منها صلاحياتها وتحكمها؟ انه امر صعب لا بل مستحيل، ولذلك فان الامل مفقود الى ان يبدل الله من حال الى حال.
في هذا الوقت يستمر الانهيار وبسرعة فائقة، فاوصل اللبنانيين الى حالة غير مسبوقة من الفقر والجوع والبؤس، خصوصاً بعدما قفز سعر صرف الدولار فوق الاربعين الف ليرة، ولامست اسعار المحروقات المليون ليرة للصفيحة الواحدة، حتى باتت المواصلات فوق قدرة المواطنين على التنقل. واسعار السلع والمواد الغذائية تحلق عالياً ويقترب البلد من الانفجار الكبير. كل ذلك ولم نر مسؤولاً واحداً يتحرك، او يشير الى هذا الوضع الكارثي وكيفية معالجته. ومافيا الدولار، مصرة على ابقائه عالياً جداً، والدليل ان نجاح ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل كان متوقعاً ان يساهم بتراجع الدولار عشرة الاف ليرة دفعة واحدة، الا انه بدل ذلك تابع صعوده حتى كسر عتبة الاربعين الفاً. وجاء في تقارير دولية ان لبنان حل في المرتبة الثانية عالمياً بعد زيمبابوي من حيث التضخم، وان الاسعار سجلت في سنتين زيادة بلغت خمسماية بالمئة. هل يكفي كل ذلك للقول ان المسؤولية غائبة وان هناك مؤامرة واضحة تستهدف اللبنانيين. لذلك فان لبنان بحاجة الى مسؤولين مقتدرين مستعدين لخوض غمار حرب ضروس ضد الوضع القائم وتحقيق الاصلاح. فهل هذا ممكن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق