سياسة عربيةلبنانيات

عون: لانشاء مؤسسات دولية لنشر الحوار بين الحضارات والأديان

اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «الفرنكوفونية تهدف، فضلاً عن جعل اللغة الفرنسية قريبة ومحبوبة من المجتمعات، إلى تعميق الحوار بين الحضارات وتقريب الشعوب عبر معرفة بعضها البعض». ورأى أن «المطلوب اليوم من الفرنكوفونية أكثر من أي وقت مضى، أن تؤكد رسالتها القائمة على العيش معاً».
وشدد الرئيس عون على أن «الحاجة ملحة اليوم إلى إنشاء مؤسسات دولية متخصصة في التدريب ونشر الحوار بين الحضارات والأديان والأعراق، لإرساء ثقافة السلام»، معتبراً أن «لبنان، بمجتمعه التعددي حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب ويتقاسمون السلطة والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل أصقاع العالم، وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور، يعتبر نموذجياً لتأسيس أكاديمية دولية لنشر وتعزيز هذه القيم».
ولفت إلى أنه تقدم إلى الأمم المتحدة بترشيح لبنان ليكون مقراً رسمياً لهذه الأكاديمية «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار»، آملاً أن «تتجسد هذه المبادرة من خلال إبرام اتفاقية متعددة الطرف بهذا الخصوص». وأضاف: «في هذا الإطار، يعتبر دعمكم ومشاركة المؤسسات الفرنكوفونية محورياً لتمكيننا من النجاح في هذا التحدي».
وأعرب رئيس الجمهورية عن تقديره وسروره بالقرار الذي اتخذته المنظمة الفرنكفونية باعتمادها بيروت مقرا لمكتبها الإقليمي في الشرق الأوسط، محيياً «كل من ساهم في التوصل الى هذا القرار»، واعداً بـ «تقديم كل الدعم اللازم للمكتب الجديد كي يتمكن من القيام بدوره ومهامه».
مواقف الرئيس عون جاءت في خلال الكلمة التي ألقاها قبل ظهر اليوم في القمة الفرنكوفونية السابعة عشرة المنعقدة في مركز دمرجيان للمؤتمرات في العاصمة الأرمينية يريفان.

كلمة عون

قال عون أولى علاقات الإنسان عند ولادته هي تلك التي يقيمها مع أمه، وهي ما سيحدد لغته الأم في ما بعد، تلك اللغة التي سوف تساهم في بناء شخصيته وتميزه، لتأتي في ما بعد لغات أخرى يكتسبها خلال مسيرة حياته، تفتح له آفاقاً جديدة من الإثراء الداخلي. إن كل لغة بالنسبة إليَّ، هي إنسان جديد داخل الإنسان، وكلما تعددت اللغات التي يتقنها المرء كلما اغتنى إنسانياً. وكلي يقين أن اللغة الفرنسية في لبنان هي عبارة عن لغة أصلية أيضاً».
وتابع: «معرفتي باللغة الفرنسية سمحت لي أن أفهم أكثر حس الفكاهة الفرنسي بالإضافة الى خصوصية فكر المجتمع الفرنسي. وهكذا، صرت أفكر بالفرنسية عندما أتحدث مع الفرنسيين. وكما كان يحلو للإمبراطور تشارلز الخامس القول: «درست الإيطالية لأتحدث مع الحبر الأعظم، والإسبانية لأتحدث مع أمي، والإنكليزية لأتحدث مع خالتي، والألمانية لأتحدث مع أصدقائي، أما الفرنسية فلأتحدث مع ذاتي». تشكل اللغة همزة وصل مثالية بين الثقافات والهويات المختلفة. والفرنكوفونية، تهدف، فضلاً عن جعل اللغة الفرنسية قريبة ومحبوبة من المجتمعات، إلى تعميق الحوار بين الحضارات وتقريب الشعوب عبر معرفة بعضها البعض. وعليه، إن حضور الفرنكوفونية في الشرق هو تأكيد على التضامن والتفاعل مع اللغة العربية ومع الثقافة العربية. ولعل خير شاهد على ذلك، استضافة بيروت للقمة التاسعة للفرنكوفونية في تشرين الأول من العام 2002، وكذلك استضافتها للدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونية في العام 2009».
وقال: «في خضم الصعود المتنامي لقوى ظلامية، تقوم على التطرف والتعصب وإذكاء مشاعر الإقصاء والتهميش، فإن المطلوب اليوم من الفرنكوفونية أكثر من أي وقت مضى، أن تؤكد رسالتها القائمة على العيش معاً، وبالتالي، تبرز أهمية الموضوع الذي يجمعنا اليوم. ولبنان، بمجتمعه التعددي والذي تلتقي فيه ديانات ومذاهب عدة، هو بمثابة عالم مصغر. وبعد سنوات طوال من المحن، نجحنا في تجاوز إغراءات التقوقع على الذات وصار العيش المشترك إرادتنا جميعاً. غني عن القول إن الإنسان عدو ما ومن يجهل. ومعرفة الآخر، بكل نقاط الاختلاف والالتقاء، هي الطريق نحو العيش المشترك. من هنا، الحاجة ملحة إلى إنشاء مؤسسات دولية متخصصة في التدريب ونشر الحوار بين الحضارات والأديان والأعراق، لإرساء ثقافة السلام. ولبنان، بمجتمعه التعددي حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون جنبا إلى جنب ويتقاسمون السلطة والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل أصقاع العالم، وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور، يعتبر نموذجياً لتأسيس أكاديمية دولية لنشر وتعزيز هذه القيم. وقد تقدمت إلى الأمم المتحدة بترشيح بلادي لتكون مقراً رسمياً لهذه الأكاديمية «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار». ونأمل أن تتجسد هذه المبادرة من خلال إبرام اتفاقية متعددة الطرف بهذا الخصوص. وفي هذا الإطار، يعتبر دعمكم ومشاركة المؤسسات الفرنكوفونية محورياً لتمكيننا من النجاح في هذا التحدي».
أضاف: «إن تقدم الفرنكوفونية في لبنان، البلد الذي لا يزال قاطرتها في الشرق الأوسط، يكتسب أهمية اليوم أكثر من أي وقت مضى، في ظل النزاعات السائدة في المنطقة. وبالمناسبة، أعرب عن تقديري وسروري بالقرار الذي اتخذته المنظمة الفرنكفونية باعتمادها بيروت مقرا لمكتبها الإقليمي في الشرق الأوسط، وأحيي كل من ساهم في التوصل الى هذا القرار، كما أعد بتقديم كل الدعم اللازم للمكتب الجديد كي يتمكن من القيام بدوره ومهامه».
وتابع: «لقد سئل مرة الراحل الكبير شارل أزنافور إن كان يشعر أنه فرنسي، فأجاب نعم، 100%. وإن كان يشعر أنه أرمني، أجاب أيضاً، نعم، 100%. وهذا دليل آخر على أن تعدد الثقافات يكتنز المواهب والكفاءات. لقد كان لرحيل أزنافور، المدافع دوماً عن اللغة الفرنسية، والذي ترك لنا أغاني خالدة فيها، وقع حزين على قلوب اللبنانيين الذين لطالما رددوا أغانيه واعتبروه وكأنه منهم».
وختم: «إن خسارة لغة تعني لي خسارة إنسان عزيز، مع ما تحمل الخسارة من ألم. وها هي اليوم اللغة الفرنسية تفقد من بريقها على شبكات التواصل الإجتماعي سواء بتفكك الجمل أو بضياع قواعد النحو والإملاء. ويبقى صون هذا الإرث الثمين ونقله إلى الأجيال المقبلة هو واجبنا جميعاً. شكرًا لحسن الإصغاء».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق