سياسة لبنانيةلبنانيات

على الرئيسين عون وميقاتي ان يرفضا التدخلات كلها ويتفقان على حكومة جديدة

الكابيتال كونترول يسقط مرة جديدة رغم انه خسر معظم مفاعيله

منذ يومين قال الرئيس ميشال عون انه يسعى لتشكيل حكومة جديدة، قبل مغادرته قصر بعبدا. وامس قال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي انه يريد تشكيل حكومة، ورفض ما يشاع عن انه يعارض هذا الموضوع، وقال انه لو لم يكن يريد التشكيل لما وضع صيغة حكومية للتداول، منذ اليوم الاول لتكليفه. اذاً الرئيسان وهما المعنيان مباشرة يريدان ويسعيان من اجل التشكيل، فمن يعارض ويمنع الوصول الى حل؟
نحن نعلم ان جميع الكتل النيابية والاطراف السياسية التابعة للمنظومة، تريد التدخل في هذا الاستحقاق، للحصول على حصصها ومكاسبها وتأمين مصالحها، غير عابئة بما يدور في البلد، وما يعاني منه الشعب من قهر وجوع وويلات. هذه السياسة المعتمدة، منذ سنوات هي التي سدت كل طرق الاصلاح، وادت الى الخراب. فمن يستطيع وضع حد لها؟ لو كان مسموحاً ان يتدخل كل طرف في ما ليس من شأنه، لما وجدت القوانين، ولما حصرت المسؤولية بين الرئاستين. من هنا فان على رئيسي الجمهورية والحكومة، ان ينتفضا ضد كل هذه التدخلات ويتفقا على صيغة يريانها مناسبة، وينتهي الاشكال، خصوصاً وان لقاء مرتقباً سيتم خلال ايام بين الرئيسين. ومن له اعتراض فليقله في مجلس النواب.
يوم امس، وبعد ثلاث سنوات من التهرب الذي كلف اللبنانيين جميعاً استفاقوا على الكابيتال كونترول، فعقدت اللجان النيابية جلسة لدرسه. وكما درجت العادة فان اي قرار يصدر عن الحكومة المرتبطة بالمنظومة، لا يخدم الشعب، بل انه يسخره لخدمة واضعيه. وتبين ان مشروع قانون الكابيتال كونترول المقدم من الحكومة يبرىء السلطة هي التي انفقت وهدرت وبددت وضيعت اموال المودعين. كما يبرىء المصارف التي خانت الامانة، وتصرفت بالودائع دون الرجوع الى اصحابها. اما مسؤولية الخسائر المقدرة باكثر من سبعين مليار دولار، فحمّلها هذا المشروع للمودعين انفسهم. كيف، وباي منطق؟ لا يهم، فان ما تراه المنظومة هو الصح.
ان الكابيتال كونترول يقر عادة بعد ايام قليلة من وقوع الازمة ليمنع تهريب الاموال وينظم التصرف، ولذلك رفضت المنظومة اقراره قبل ثلاث سنوات، يوم طالب الجميع به، فطارت الاموال الى الخارج دون رقيب او حسيب وافلست الخزينة. من المسؤول؟ بالطبع المجلس النيابي اولاً، الذي رمى المشروع في الادراج ورفض الافراج عنه، وهذا موقف يفسر الكثير مما خفي على الناس. والمسؤولية ايضاً تقع على الحكومة، وبالنسبة عينها، فهي التي تسببت بالخسائر وعليها توضيح الامور.
وهنا يطرح الخبراء السؤال، ما قيمة الكابيتال كونترول اليوم بعدما انتفت الحاجة اليه الى حد كبير؟ فالاموال كلها لم تعد موجودة. ثم كيف يوضع قانون لا يمكن تطبيقه، طالما ان الحدود فالتة والتهريب على قدم وساق، والمعابر البرية والبحرية والجوية مشرعة، وهي خارج سلطة الدولة.. فقانون الكابيتال كونترول يوضع على اساس حجم المال الداخلي والخارجي، فهل ان الحكومة قادرة على ضبط الحدود لتحديد هذا الحجم؟ بالطبع لا. هل تستطيع الحكومة تحديد سعر صرف الدولار المرتبط بحجم المال، للسير بالميزانية؟ انه العجز الدائم هو الذي يجيب على كل هذه التساؤلات.
انطلاقاً من هذه الوقائع هرب النواب مرة جديدة وهذه المرة الى فترة طويلة، اذ رفضوا اقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، واعادوه الى الحكومة لترفقه بخطة تعاف واضحة مرفقة بالقوانين المتعلقة بها، واهمها الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف واقرار الموازنة بعد تحديد سعر صرف الدولار. فلم يعد جائزاً ان يتم الاصلاح، الذي يتغنون به ويبقى كلاماً بكلام، عبر تجزئة القوانين وفصلها والمماطلة فيها، كما هو حاصل حالياً. فحكومة تصريف الاعمال فشلت يوم كانت تتمتع بكامل الصلاحيات، فكيف يطلب منها اليوم ان تبدل مسارها؟
وبصريح العبارة ان اي اصلاح في ظل هذه المنظومة يبقى مستحيلاً، حتى لو تشكلت حكومة جديدة، فان شيئاً لن يتبدل، لان القابضين على زمام الامور هم اياهم. والحل بطبقة سياسية جديدة نظيفة تتمتع بالخبرة والكفاءة، والاهم ان تكون متحررة من اي تبعية فتعمل باستقلالية تامة وفق المصلحة الوطنية وحدها. والا عبثاً نتأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق