مقتل متظاهرين وجرح العشرات في اشتباكات مع الشرطة العراقية وتصاعد الاحتجاجات في الجنوب
قال مسؤول أمني إن اثنين من المحتجين قتلا في اشتباكات مع قوات الأمن العراقية في بلدة السماوة يوم الأحد وسط تزايد حدة الاضطرابات في المدن الجنوبية بسبب سوء الخدمات العامة وتفشي الفساد.
وتزيد الاضطرابات من الضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يأمل بالاستمرار لولاية ثانية عندما يشكل الساسة العراقيون حكومة ائتلافية جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 أيار (مايو) وشابتها اتهامات بالتزوير.
وقال المسؤول الأمني في السماوة «حاول مئات الأشخاص اقتحام مبنى محكمة. جرى إطلاق النار علينا. لم يتضح من الذي يطلق النار. لم يكن أمامنا أي خيار سوى إطلاق النار».
وفي وقت سابق أصابت الشرطة في مدينة البصرة التي تعد منفذاً لتصدير النفط 48 شخصاً عندما أطلقت النار في الهواء لتفريق مئات المحتجين لدى محاولتهم اقتحام مبنى محافظة البصرة يوم الأحد فيما تظاهر آخرون قرب حقل نفطي.
وقال اللواء ثامر الحسيني قائد قوات الرد السريع في وزارة الداخلية إن 28 فرداً من قوات الأمن أصيبوا في اشتباكات مع المتظاهرين.
وفي بلدة قرب مدينة العمارة بجنوب البلاد أطلقت الشرطة النار في الهواء لتفريق محتجين بعد أن أضرم متظاهرون النار في مبنى البلدية. وأصيب 13 شخصاً من المحتجين وسبعة من رجال الشرطة في الاشتباكات.
وعبر المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني عن تضامنه مع المحتجين، وقال إنهم يواجهون «نقصاً حاداً في الخدمات العامة».
ويندر تدخل السيستاني في السياسة لكن له تأثير كبير على الرأي العام. كما تراجعت بشكل حاد خدمات الإنترنت في البلاد.
وأفاد مسؤولون محليون بأن الاحتجاجات لم تؤثر على إنتاج النفط في مدينة البصرة والتي تدر صادرات النفط منها أكثر من 95 في المئة من عائدات العراق عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
ومن شأن أي تعطل للإنتاج أن يلحق ضرراً شديداً بالاقتصاد المتعثر ويقود أسعار الخام العالمية للارتفاع.
صعوبات في إعادة البناء
وانتقد محتجون حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي والذي هيمن على المشهد السياسي العراقي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 وأطاح صدام حسين.
وقال زياد فضيل (38 عاماً) وهو عاطل عن العمل «حزب الدعوة يحكم العراق منذ 15 عاماً وقادته لم يتمكنوا من الوفاء ولو حتى بوعد واحد من الذي قطعوه».
كان محتجون قد اقتحموا يوم الجمعة المطار الدولي في مدينة النجف التي تضم مزارات شيعية وأوقفوا مؤقتاً حركة الملاحة الجوية.
وذكرت شركة الخطوط الملكية الأردنية في بيان يوم الأحد أنها علقت أربع رحلات أسبوعياً إلى مدينة النجف العراقية بسبب الوضع الأمني في مطارها. وحذت شركة فلاي دبي حذوها.
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني يوم الأحد أنه سيجرى تحويل مسار الرحلات الإيرانية المقررة لمدينة النجف العراقية إلى بغداد.
وأعلن العبادي أن حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها ستقدم تمويلاً للبصرة لتوفير خدمات الكهرباء والمياه والرعاية الصحية.
وفاز تكتل سياسي يقوده رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر بأغلب الأصوات في الانتخابات ببرنامج لمكافحة الفساد وجد صدى لدى قطاع كبير من الناخبين في أنحاء البلاد.
لكن من المستبعد تحسن الأوضاع بشكل كبير قريباً في البصرة التي أطلق عليها العراقيون في وقت من الأوقات «فينيسيا الشرق الاوسط» نظراً لشبكات القنوات التي تمر عبرها.
ويحتاج العراق لمليارات الدولارات لإعادة البناء بعد ثلاث سنوات من الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وأغلق المحتجون، الذين يطالبون بوظائف وبتحسين الخدمات الحكومية، المداخل إلى ميناء أم قصر الجنوبي الذي يستقبل السلع والبضائع.
ومارس صدام حسين القمع في حق الأغلبية الشيعية في البلاد وأهمل الجنوب حيث يتركز الشيعة.
ولم تفعل الحكومات المتعاقبة التي قادها الشيعة منذ اطاحة صدام في 2003 الكثير لتحسين مستوى المعيشة في البصرة ومدن أخرى في المنطقة التي نادراً ما تجد عائدات النفط فيها طريقها للسكان.
وقال أسامة عباس (25 عاماً) وهو خريج جامعي عاطل عن العمل «منذ سقوط صدام في 2003 وحتى الآن الشيء الحقيقي الوحيد الذي يقوله الساسة الشيعة هو أكاذيبهم».
وتابع قائلاً «ما زلنا نشرب مياه قذرة ونسينا ما الذي يعنيه تكييف الهواء خلال الصيف».
واتخذ المتظاهرون خطوة غير معتادة وهي مهاجمة مبان تابعة لجماعات مسلحة شيعية نافذة إضافة لمقرات حكومية محلية.
وأصدر العبادي، الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة، توجيهاً عسكرياً وضع بموجبه قوات الأمن في حالة تأهب قصوى في محافظات الجنوب رداً على الاحتجاجات.
وجاء أمر العبادي في محاولة للسيطرة على الاحتجاجات المتزايدة والتي امتدت من البصرة إلى مدن العمارة والناصرية والنجف.
استمرار الاحتجاجات في جنوب العراق
وفي محافظة ذي قار، كبرى مدنها الناصرية، قال معاون مدير صحة المحافظة عبد الحسن الجابري ان مواجهات اندلعت الاحد بين متظاهرين وقوات الشرطة امام مقر المحافظة ما اسفر عن سقوط 15 جريحاً من المتظاهرين و25 في صفوف الشرطة.
وفي محافظة المثنى، كبرى مدنها السماوة، اعلن مصدر في الشرطة ان مئات من المتظاهرين تجمعوا أمام مبنى المحافظة وأقدم بعضهم على إحراق وتدمير أجزاء من المقر.
واضاف ان متظاهرين اخرين اقدموا على احراق مقر لمنظمة بدر.
وفي النجف، سارت تظاهرة صباحا لكن قوات الامن عملت على تفريقها في حين لوحظ انتشار كثيف لسرايا السلام في شوارع المدينة، بحسب مراسل فرانس برس.
وفي كربلاء، تجمع متظاهرون ليلاً امام مجلس المحافظة حيث اندلعت مواجهات مع قوات الامن أسفرت عن سقوط 30 جريحاً، كما أفاد مراسل فرانس برس
وعقد رئيس الوزراء حيدر العبادي الاحد اجتماعاً مع الوزراء والمسؤولين الامنيين واكد خلاله ان «العراقيين لا يقبلون بالفوضى وبالاعتداء على القوات الامنية وممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة ومن يقوم بهذا الامر اشخاص مخربون يستغلون مطالب المواطنين لاحداث ضرر».
واضاف ان «التظاهر السلمي حق للمواطن ونحن نستجيب له ولكن اخراج التظاهرات عن سياقاتها بحرق بنايات مؤسسات الدولة وقطع الشوارع وحرق الاطارات والاعتداء على القوات الامنية يمثل محاولة لارجاع البلد الى الوراء، فهناك جهات من الجريمة المنظمة تهيئى لاحداث حالة فوضى».
ودعا «كل الاجهزة الامنية الى ان تكون على اهبة الاستعداد لان الارهاب يريد ان يستغل اي حدث او خلاف» مؤكداً «اهمية العمل الامني والاستخباري".
وامر العبادي باعادة فتح مطار مدينة النجف.
وكان العبادي اصدر بياناً مساء السبت طالباً «توسيع وتسريع آفاق الاستثمار للبناء في قطاعات السكن والمدارس والخدمات واطلاق درجات وظيفية لاستيعاب العاطلين عن العمل واطلاق تخصيصات مالية لمحافظة البصرة بقيمة 3،5 تريليون دينار فوراً (حوالي ثلاثة مليارات دولار)».
كما وجّه العبادي «باطلاق تخصيصات للبصرة لتحلية المياه وفك الاختناقات في شبكات الكهرباء وتوفير الخدمات الصحية اللازمة».
رويترز/ا ف ب