أبرز الأخبار

الجامعة العربية ترفض تهويد القدس، وبرلمان الاردن يصوت على الغاء «وادي عربة»

مع تصاعد الاجراءات الاسرائيلية الهادفة الى تهويد المدينة المقدسة وفرض أمر واقع جديد يتواءم مع مصالحها، ويوجه مشروع السلام الاميركي في اتجاهات محددة، شهدت الساحة العربية حراكاً رافضاً لتلك الاجراءات، حيث عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً خصص لمناقشة تطورات الموقف في المدينة المقدسة، وامتداد تلك التطورات في الدوائر الاسرائيلية والدولية.

بالتزامن، صوت مجلس النواب الاردني بالاغلبية على مقترح يقضي بطرد السفير الاسرائيلي والغاء معاهدة وادي عربة احتجاجاً على تلك الاجراءات التي نجح متطرفون في نقلها الى الكنيست، ومناقشة مشروع يقضي بسحب السيادة على تلك الاماكن من الاردن الى اسرائيل.
كيف؟ وما هي تفاصيل ما حدث؟
مع اقتراب موعد الاعلان عن تفاصيل مشروع كيري للحل السياسي للقضية الفلسطينية، والذي يواصل الوزير الاميركي بحث عناصره مع اطراف العلاقة، رفعت اسرائيل من وتيرة اجراءاتها التهويدية ضد مدينة القدس بشكل عام، ومقدساتها الاسلامية والمسيحية بشكل خاص. وركزت بشكل واضح على المسجد الاقصى الذي يدعي متطرفو الكيان الصهيوني انه مقام على انقاض هيكلهم المزعوم.
الاجراءات الاسرائيلية التي تصب ضمن اطار التهويد للمسجد الاقصى والاماكن المقدسة ليست جديدة، وتعود الى بدايات تأسيس الدولة اليهودية عام 1948، وتعززت بعد احتلال القدس الشرقية عام 1967  ومن خلال كم من الممارسات، التي تتراوح ما بين الحفريات تحت المسجد الاقصى، ومحاولة طمس بعض المعالم الاسلامية، ومحاصرة المدينة المقدسة بالمستوطنات، ومصادرة الاراضي والمنازل داخل المدينة.

اجراءات تعسفية
وفي الاطار البشري، اتخذت سلسلة من الاجراءات ابرزها عدم السماح لابناء المدينة المقدسة بالعودة الى مدينتهم والتي خرجوا منها لاسباب متعددة، بعضها اضطراري. المدققون في تفاصيل المشهد الراهن يتوقفون عند تصعيد اسرائيلي مشبوه، يعتقد محللون انه يستهدف فرض الامر الواقع الذي يخدم مشروع اسرائيل، وذلك قبيل الكشف عن مشروع كيري الذي ترتفع وتيرة رفضه بحكم انه يقوم على فكرة يهودية الدولة، وينحاز بشكل واضح الى اسرائيل.
وضمن سياق التصعيد المتواصل، والذي يعتقد انه بات مبرمجاً خلال الآونة الاخيرة، اندلعت مواجهات في المسجد الاقصى في القدس الشرقية المحتلة بين شبان فلسطينيين والشرطة الاسرائيلية اثر قيام قوات كبيرة من شرطة الاحتلال بفتح باب المغاربة واقتحام باحة الحرم مستخدمة الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية، وذلك عشية عقد البرلمان الاسرائيلي جلسة مناقشات حول السيادة على المسجد الاقصى، ومحاولة نزع صلاحية الاشراف على المقدسات من الاردن الى اسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية ان 15 متظاهراً فلسطينياً اصيبوا بالرصاص المطاطي واعتقل اربعة منهم، كما اصيب شرطيان اسرائيليان بجراح طفيفة. وفي وقت لاحق، انسحبت قوات الاحتلال الخاصة من باحات المسجد الأقصى بعد اقتحامه والاعتداء على المُصلين والمعتكفين فيه. وقال شهود عيان إن شرطة الاحتلال المتمركزة على بوابات المسجد الاقصى تفرض قيوداً مشددة على دخول المصلين الى المسجد الاقصى، وتمنع من تقل أعمارهم عن الخمسين عاماً من دخوله في حين تحتجز بطاقات من تسمح لهم بالدخول على البوابات الى حين خروجهم منه .
وقال رئيس لجنة مقاومة تهويد القدس اسماعيل الخطيب في رام الله، ان قوات الاحتلال أغلقت بوابات المسجد الأقصى أمام المواطنين ومنعت الطلبة من الالتحاق بمدارسهم داخل المسجد، وتقوم بإطلاق وابل كبير من القنابل الغازية السامة المسيلة للدموع على المُصلين الذين يردون بالحجارة حيث أصيب عدد كبير منهم. واضاف الخطيب أن قوات الاحتلال تشن حملات ملاحقة للشبان من ساحة إلى ساحة في باحات الأقصى المبارك لاعتقال الشبان.
وتأتي عملية الاقتحام والمواجهات على خلفية إعلان الكنيست عزمه على مناقشة مقترح لليميني المتطرف موشيه فيغلين لبسط سيادة الاحتلال الكاملة على المسجد الأقصى، وإعلان جماعات الهيكل المزعوم عن اقتحام جماعي للمسجد ورفع أعلام الاحتلال في باحات المسجد بمناسبة الفصح العبري.

اجتماع مجلس الجامعة
امام تلك الممارسات، والاجراءات، تداعى مجلس الجامعة العربية الى عقد اجتماع طارىء على مستوى المندوبين الدائمين. وتدارس المجلس في اجتماعه خطورة تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس وأهلها ومقدساتها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك. وأصدر بياناً باسم الجامعة العربية أكد فيه دور الأردن في رعاية وحماية وصيانة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مثلما أكد على القرارات الأخيرة، التي اتخذتها لجنة القدس، المنبثقة من منظمة التعاون الإسلامي، برعاية ملك المغرب بشـأن حماية القدس ودعم صمود المقدسيين.
ودان المجلس الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والمتواصلة على المسجد الأقصى المبارك، وتصعيد المنظمات اليهودية المتطرفة دعواتها التحريضية والعنصرية إلى الاعتداء على المسجد الأقصى لاقتحامه جماعياً لإثبات أن الهيكل المزعوم أصبح بأيديهم.
وجدد في هذا الصدد التحذير من خطورة هذه الانتهاكات العنصرية المتطرفة والممنهجة، بحماية وتشجيع وحراسة من جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تؤكد جميعها هدف إسرائيل إحكام السيطرة على المسجد الأقصى تمهيداً لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم.
وحمّل المجلس إسرائيل المسؤولية الكاملة عن خطورة المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية والمسجد الأقصى المبارك، الذي هو جزء من عقيدة الأمة الإسلامية التي تشد الرحال إليه، وإن أية تداعيات لذلك ستهدد استقرار المنطقة، وستؤدي إلى العنف والكراهية وتنذر بصراع ديني.
وشدد المجلس على أنه لن يكون هناك سلام دون قيام دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وأن ما تقوم به إسرائيل هي محاولات لإفشال عملية السلام ونسف جهود المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية برعاية أميركية ونشر الفوضى في المنطقة.
وأكد المجلس أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس (التي وصفها بانها عاصمة دولة فلسطين) والاستمرار في الاستيطان وتهويد المدينة المقدسة والاعتداء على مقدساتها المسيحية والإسلامية وتزييف تاريخها لطمس إرثها الحضاري والإنساني والتاريخي والثقافي والتغيير الديموغرافي والجغرافي للمدينة، تعتبر كلها إجراءات باطلة ولاغية بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واتفاقية جنيف واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية.

رسائل احتجاج
دعا المجلس المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وأعضاء اللجنة الرباعية ومنظمة اليونسكو، إلى تحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك، وحمايتها من التهديدات الإسرائيلية استناداً إلى ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف.
وطالب المجلس الأمين العام لجامعة الدول العربية توجيه رسائل احتجاج عاجلة إلى الإدارة الأميركية وأمين عام الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية في هذا الشأن لشرح خطورة ما يتعرّض له المسجد الأقصى المبارك وضرورة تطبيق القانون الدولي وإلزام إسرائيل – باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال – باحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف ذات العلاقة، إذا أرادت السلام، وإذا أرادت أن تكون جزءًا من الأسرة الدولية، وضرورة وقف هذه الانتهاكات للمقدسات، والتأكيد على أن القدس الشرقية هي جزء لا يتجزأ من أراضي دولة فلسطين التي احتلت عام 1967. كما قرر المجلس الطلب من منظمة التعاون الإسلامي التحرك الفوري لحشد الرأي العام، ولشرح خطورة ما يتعرّض له المسجد الأقصى المبارك، ودعوة المجموعة العربية في الأمم المتحدة مع المجموعات الجغرافية إلى دراسة تقديم شكوى إلى مجلس الأمن.
واعتبر مجلس الجامعة أنه في حالة انعقاد دائم، وفي جلسة مستأنفة لمتابعة الموقف، لرفع تقرير إلى مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 141 لأخذ التدابير اللازمة والتحرك المناسب تجاه خطورة الموقف.

طرد السفير
في مسار آخر، صوت مجلس النواب الأردني على طرد السفير الإسرائيلي من الأردن، وسحب السفير الأردني من تل أبيب، ومخاطبة الاتحادات الدولية العربية والإسلامية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في المقدسات.
وجاء تصويت المجلس، الأربعاء، رداً على مواصلة الكنيست الإسرائيلي، مناقشة مشروع قانون لفرض سيادة إسرائيل على المسجد الأقصى والمناطق المقدسة في مدينة القدس.
وقال مراقبون إن مشروع القانون الذي تقدم به نائب الكنيست عن حزب الليكود «موشي فيغلين» سيسمح لدولة الاحتلال بفرض سيادتها على القدس التي تخضع الآن لسيادة الأردن. وأغضبت مناقشات الكنيست حول السيادة، الأردن الذي يحظى بالوصاية على الأماكن المقدسة في القدس حسب ما نصت عليه اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل العام 1994 فضلاً عن الاتفاق الموقع بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس حول الوصاية الهاشمية لتلك الأماكن.
والمعروف أن قرار سحب السفراء مرهون بقرار من الحكومة حيث هي صاحبة السلطة في مثل هكذا قرارات.
وكانت إسرائيل اعلنت ضم القدس الشرقية التي تضم المقدسات الاسلامية والمسيحية في العام 1968 ولكن لم يتم الاعتراف بالقرار من ناحية دولية. وسيمنح القانون الجديد إذا تم إقراره، اليهود حق الدخول إلى تلك المناطق واقتحام المسجد الأقصى في أي وقت، بل وإقامة الصلوات والطقوس اليهودية فيه أيضاً.
وشهدت مداولات جلسة الكنيست الإسرائيلي يوم الثلاثاء، حول موضوع بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الاقصى انقساماً حاداً بين ما هو مؤيد لسحب الوصاية الأردنية عليها وما هو رافض لذلك وابقاء الوضع على ما هو عليه.
الى ذلك، أعرب وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، عن قلقه من قيام الكنيست الاسرائيلي ببحث موضوع بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى. وأشار فهمي إلى خطورة السماح للمتطرفين بتصدر المشهد السياسي، وما لذلك من تبعات قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع في فلسطين والمنطقة ككل. وحث الحكومة الإسرائيلية على القيام بما يلزم من جانبها لكبح جماح المتطرفين من أعضاء الكنيست، الذين درجوا خلال الفترة الماضية على اقتحام ساحات المسجد الأقصى والاحتكاك مع رواده. وحذر فهمي، من مغبة إثارة التوترات الدينية من خلال التعرض للمقدسات، داعياً إلى الالتزام بمحددات الوضع القائم منذ عام 1967 وحتى اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000. وأكد أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وأن البلدة القديمة والمسجد الأقصى وساحاته وجميع المقدسات فيها جزء لا يتجزأ من القدس الشرقية.

أ. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق