غذاء

الفاكهة في وجهها الآخر!

آشتون كوتشير… تعرفونه؟ انه الممثل الأميركي الذي كان يستعدّ لتقمص شخصية مخترع «آبل» ستيف جوبز في فيلم «جوبز» فنُقل الى العناية الفائقة بسبب اتباعه حمية غذائية ترتكز على تناول الفاكهة، والنتيجة: إصابة شديدة في غدة البنكرياس! ماذا نفهم من هذا؟ كثرة تناول الفاكهة، كما قلة تناولها، تضر؟! ماذا لو خطر في بالنا ألا نأكل، في حمية خاصة، إلا الفاكهة؟ ماذا لو قررنا أن نأكل تفاحة كل يوم ومعها موزة وبرتقالة وعشر حبات من الكرز وخصلتي عنب وبعض الخوخ والدراق وقطعة، قطعة واحدة، من البطيخ؟ وماذا لو كررنا ما فعلناه ثلاث مرات يومياً في ثلاث وجبات أساسية؟ حكاية الفاكهة حقاً حكاية!

فاجأ نقل آشتون كوتشير الى العناية الفائقة محبيه ومحبي الفاكهة معاً.  فالممثل الشاب كان يلعب دور ستيف جوبز الذي أصيب بنوعٍ نادرٍ من سرطان البنكرياس عام 2004 ومات قبل سبعة عشر شهراً، في تشرين الأول (اكتوبر) عام 2011، تاركاً لنا إرث آبل! ومعلوم أن جوبز كان يتبع نظاماً غذائياً خاصاً عمل كوتشير، لاعب دوره في الفيلم الجديد، على اتباع النظام عينه ليخسر وزناً إضافياً فيناسبه الدور أكثر وكان ما كان!
اختصاصية التغذية كريستيل ابي عاصي تنصح عادة، كما كل الاختصاصيين في الغذاء، بتناول الفاكهة لكن الخبر الذي نشرته على صفحتها الالكترونية أثار الذعر: فماذا لو تكرر ما حصل مع كوتشير مع أي واحد منا؟
كوتشير كما سبق وقلنا نفذ حمية ستيف جوبز «الفاكهية» مدة شهر كامل. ظنّ هو أن الفاكهة، في مطلق الأحوال، آمنة لكن الشك بدأ يساوره حين صار يشعر بآلام في البطن لكنه فكر: ليوناردو دا فينتشي كان مدمناً على تناول الفاكهة. المهاتما غاندي ايضاً. مايكل آرنشتاين، العداء في الماراتون، الذي تمكن من الركض مئة ميل في 12 ساعة و57 دقيقة متواصلة، ينفذ هو أيضاً حمية الفاكهة. فلماذا يخاف آشتون كوتشير؟

باعتدال
الثابت أن لا دراسات معمقة، حتى هذه اللحظة، في الموضوع لكن كل من يهتمون في الشأن الصحي الغذائي ينصحون بتناول الفاكهة ولكن ليس الإفراط بتناولها عملاً بمقولة: الطمع ضرّ ما نفع! يعني يُفترض سماع نداء الجسم في كل شيء، فهو الأكثر صدقاً معكم، فإذا أكثرتم مثلاً من تناول الخضار قد تشعرون بإسهال وإذا أكثرتم من تناول اللحم قد تشعرون بعسر هضم وإذا أكثرتم من تناول الفاكهة قد تشعرون بمغص… ولا تصدقوا أبداً ان من لا يأكل إلا الفاكهة، وبشراهة، فسيرى الألوان أكثر إشراقاً وستقوى ثقته بنفسه وسيتخلص من كل أنواع القلق والغضب والحزن! فالفاكهة ممتازة، ولا يختلف اثنان على هذا، لكن باعتدال.
يبدو أن تناول هذا الموضوع يستتبع انقساماً عمودياً حاداً يُشبه، في شكله، الانقسامات السياسية الحادة! فهناك أناس مع تناول الفاكهة في المطلق يرددون: لا يموت أحد من تناول الفاكهة في حين يلهث البعض الآخر في نبش الدراسات التي تتحدث عن مساوىء الافراط في تناول الفاكهة ويستلّ هؤلاء منها دراسة حديثة نفذها طبيب تركي تقول: ان الإفراط في تناول الفاكهة يؤدي الى أضرار في الكبد، بسبب احتواء الفاكهة على كمية كبيرة من السكر، وهذا السكر يؤدي الى جعل الكبد مخزناً لتجميع الزيوت والشحوم، ما يعيق تدريجياً من قدرات خلايا الكبد على التفاعل مع الأنسولين، ويترافق هذا مع ارتفاع في معدلات الكوليستيرول. وهذا الطبيب حذر من تناول الفاكهة بعد وجبة العشاء، اما عند الظهر فيفترض تناولها بعد وجبة الغداء بساعتين على الأقل. لماذا؟ لأن الفاكهة إذا التقت باللحوم في المعدة تتخمر وتتحول الى كحول تعوق عملية الهضم! أنتم تفعلون هذا؟ أنتم لا تأكلون الفاكهة مباشرة بعض الطعام؟ نشك! فنحن، في الإجمال، نلتهم كلنا كل شيء في آن واحد، فلا نقوم عن الطاولة، خصوصاً في اللقاءات العائلية الرائعة إلا بعد ان ننهي تناول الطعام حتى التخمة، نتبع هذا بالحلويات على انواعها، وننهي بفنجان القهوة وبصحن فاكهة شهي! اين نضع كل هذا؟ لا يهم ما دمنا، في الذهنية العربية، فرحين!

تحد من خسارة الوزن
يُ
تيحُ تناول الفاكهة والخضار الحفاظ على القدّ المياس، ويمنح هذان النوعان الجسم المياه والألياف، والسؤال هنا: هل من يتكل في حميته على الفاكهة يخسر وزناً سريعاً؟ من حيث الشكل، قد لا تتسبب الفاكهة في زيادة الوزن لكنها قد تحد من خسارة الوزن، لهذا نرى ان بعض الاختصاصيين في التغذية يطلبون من مرضاهم التوقف، في مرحلة ما من مراحل الريجيم، عن تناول الفاكهة واستبدالها باللبن الطبيعي، بلا دسم، من أجل مساعدة أجسامهم على خسارة المزيد من السعرات الحرارية، فالفاكهة تحتوي على ثلاثة أضعاف كمية الوحدات الحرارية الموجودة في الخضار، وبسبب سهولة هضم الفاكهة قد نأكل كمية كبيرة قبل ان نتذكر ماذا نفعل! المشكلة إذاً أن الكثيرين يعتقدون بأنهم قادرون على أن يأكلوا، في أي حمية وفي أي حالة صحية، ما شاءوا من الفاكهة وهم غير مدركين انه قد يكفي تناول 250 سعرة حرارية من الفاكهة يومياً حتى يمنعون أجسامهم من التخلص من رطل إضافي كل أسبوعين!! أضربوا هذه المعادلة بثلاثين يوماً في الشهر لتعرفوا كم من الكيلوغرامات الإضافية قد تكتسبونها سنوياً وأنتم تظنون أنكم تمشون وفق نظام غذائي سليم.
السكر الموجود في الفاكهة هو طبعاً «فركتوز» وهو صحي أكثر من السكر الاصطناعي لكن شئنا الاعتراف ام لا يبقى: سكراً!
سؤال قد يخطر في البال: ما هو معدل تناول الفاكهة الصحيح؟
اختصاصيو التغذية يتحدثون عن فاكهة وخضار معاً ولا يفصلون عادة بين النوعين، اما لجهة الكمية فينصحون بتناول خمس حصص يومياً منها على ان يُصار الى تشكيل باقة من الألوان يومياً تتألف من اللون الأحمر مثل: التفاح والبندورة، واللون الأخضر: الخس والنعناع والبقدونس والخيار والكيوي والأفوكادو، واللون الاصفر مثل: الليمون والأناناس والجزر، واللون الابيض مثل: الإجاص والثوم… وحصة الفاكهة أو الخضار الواحدة لا تعني صحناً مليئاً بما لذ وطاب بل بثمرة حجم وسط من الفاكهة او بكوب خضار مقطع او بثلاثة أرباع كوب صغير عصير.
الفاكهة ممتازة لكن، نكرر، باعتدال لأن السكر حتى ولو كان طبيعياً يؤذي البنكرياس الذي يُسمى أيضاً «لوزة المعدة» وهو يتكون من غدتين، واحدة خارجية تقوم بفرز عصارة البنكرياس التي تحتوي على أنزيمات هاضمة، وغدة داخلية تُفرز عدداً من الهورمونات بينها الأنسولين. اي خلل فيها قد يؤدي، إذا أهمل، الى الإصابة بالسكري، والتهاب البنكرياس يؤدي الى آلام شديدة وغثيان ويستتبع غالباً الدخول الى المستشفى في شكل طارىء…

  الثابت هنا ان الرجلين واظبا على تناول الفاكهة فدخل الثاني غرفة العناية الفائقة اما الأول فقال، باكراً، وداعاً! بسبب الفاكهة؟ لا بدّ ان أسباباً أخرى مختلفة تضافرت وأدت الى وفاة جوبز بينها الخطأ في اتباع الحمية الغذائية السليمة المتضمنة كل المكونات الضرورية من بروتينات ونشويات وفاكهة وخضار.
لن نلوم إذاً الفاكهة وسنبقى نأكل فاكهة لكننا صرنا نفهم، من حادثي جوبز وكوتشير، أكثر عنها!

نوال نصر


لحوم الأحصنة… ملف آخر أسود!
بعد جنون البقر وأنفلونزا الدجاج تسري في العالم، مثل النار في الهشيم، أخبار بيع لحوم الأحصنة على أنها لحوم بقرية. المشكلة قد لا تكون في الأحصنة، في حد ذاتها، بقدر ما هي في احتواء اللحوم المباعة على عقار «بينليبتازون» الذي يتسبب بأضرار صحية على البشر! يُقال أنها أضرار بسيطة لكنها تبقى، في كل الأحوال، أضراراً!
الجريمة إذاً هنا مزدوجة. تُباع الأحصنة التي كانت مريضة وذبحت، على أنها لحوم أبقار. وتحوي اللحوم على عقار قد يؤذي! التحقيقات تجري. أسماء كبيرة دخلت في المواجهة. ثلاث عشرة دولة حتى الآن متهمة. وقد نكون نحن، أي واحد منا، التهم قطعة لحم من «الموجة الجديدة»! لن ندخل طبعاً في التحقيقات بل في لحم الحصان نفسه؟ هل هو مفيد؟ هل هو ضار؟ هل هو حرام أم حلال؟
في دول الخليج، في دبي بالتحديد، بدأوا يفتحون المطاعم باسم: لحوم الجمال… وكلنا نعلم مدى تعلق الإنسان الخليجي بهذا الحيوان الشامخ الذي يُعلم الصبر والقوة، لكن بدأوا هناك يأكلونه في وجبات «ستيك» وفي وجبة همبرغر ومع أرز، يفعلون هذا وهم يسهبون في فوائد هذا النوع من اللحوم الذي لا يحتوي على دهون.
لحوم الأحصنة تؤكل من زمان في اوروبا. وهذه اللحوم يُقال ان قيمتها الغذائية، إذا لم تكن طبعاً مريضة، عالية وهي غنية بالبروتيين، بنسبة 13 في المئة تقريباً، وبالحديد… والسؤال: هل مسموح دينياً تناول لحم الأحصنة؟ الثقافات المتنوعة لا تحظر كلياً، وفي شكل صارم، تناول لحم الأحصنة. لكن يبدو ان اول من حاول تحريم تناولها كان البابا غريغوري الثالث عام 732… وفي الإسلام يُتفق على انه حلال لكنه يؤكل اضطراراً، في حالات الحروب مثلاً، ربما بسبب تلك العلاقة الوفية بين الانسان والحصان وربما بسبب وجود بعض الأملاح الخطيرة في بعض أعضاء الأحصنة، ناهيك ان لحم الفرس يعتبر خزاناً لجرثومة التيفوئيد كما يضم لحمه جرثومة الليستيريا والدودة الحلزونية. وفي هذا الإطار يُنصح بعدم تناول لحوم الأحصنة المصنعة، المطهوة عادة في شكل غير كامل، وهو ما يحصل اليوم، لأنها تتسبب بحالات تسمم وإسهال!
لحوم الأحصنة ملف جديد يُفتح هو دلالة أخرى على جشع البشر!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق