أبرز الأخبارسياسة عربية

لقاء الأطراف الليبيين في باريس: خطوة إيجابية ووعود واهية صعبة التحقيق

يمثل لقاء الفاعلين الليبيين الرئيسيين في الأزمة الليبية في باريس «خطوة إيجابية» لا سيما مع إعلان الاتفاق على تنظيم انتخابات في كانون الأول (ديسمبر)، لكن الانقسام الذي يعاني منه البلد وغياب بعض الفاعلين عن اللقاء يجعل هذه الوعود هشة صعبة التحقيق.
جمع اللقاء الذي وصفه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بانه «تاريخي» ولأول مرة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ومقرهما في طرابلس، في حين شارك غريماهما في شرق ليبيا عن الجانب الاخر، وهما المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومقره طبرق.
ويتنازع المعسكران السلطة في البلد، حيث يعلن كل منهما أحقيته في الشرعية، في حين تنتشر في كل ركن فصائل وجماعات مسلحة تعلن مبايعة هذا الطرف أو ذاك تبعاً لمصالحها.
وأعلن الأربعة في باريس التزامهم شفهياً بإعلان ينص على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 كانون الأول (ديسمبر) واحترام نتائجها وتوحيد المؤسسات ومنها البنك المركزي.
وليس أدل على هشاشة الاتفاق عدم توقيعه من أشخاص «لا يعترف أحدهم بالآخر» وفق تعبير ماكرون.
وفي إشارة الى اتفاق الصخيرات المبرم في المغرب في 2015 ولم يلتزم به العديد من الموقعين عليه، قال رشيد خشانة، مدير المركز المغاربي للدّراسات حول ليبيا ومقره تونس لفرانس برس، إن «الالتزام الشفوي الذي قطعه ماكرون نيابة عن الأربعة لا يعني شيئاً طالما أن المعنيين بالأمر لم يوقعوا على البيان، وحتى لو وقعوا عليه فنحن نعرف كم من سياسي، وخصوصاً من أعضاء البرلمان، نقض عهداً قطعه على نفسه، فما بالك إذا لم يُوقع بقلمه».

تأثير كبير
وأضاف خشانة أن «ما يجب الا يغيب عن ذهن من يسعى لتسوية سياسية في ليبيا هو أن الشخصيات الأربع ليست صاحبة القرار الوحيدة، فهناك كيانات وشبكات ذات تأثير كبير، منها رؤساء القبائل والجماعات المسلحة، إذ أن الحكومة المعترف بها دولياً مدينة بأمنها لبعض تلك المجموعات المسلحة، التي يعلم الجميع أنها أقوى من الحكومة نفسها» لا سيما في غرب البلاد.
وأعربت المجموعة الدولية للأزمات عن «الخشية من أن تكون للاجتماع نتائج عكسية في غياب توافق أوسع يشمل فاعلين سياسيين وعسكريين آخرين».
وأشارت المجموعة بشكل خاص إلى غياب مصراته المعادية للمشير حفتر والتي تضم أقوى الجماعات المسلحة في غرب ليبيا. واعتذر نائب رئيس الوزراء أحمد معيتيق ممثل مصراته في حكومة الوفاق عن المشاركة في اجتماع باريس وفق أحد مستشاريه.
ولكن العميد ابراهيم بن رجب رئيس المجلس العسكري في مصراته قال لفرانس برس ان المدينة قاطعت اللقاء بسبب مشاركة حفتر المتهم بالسعي الى إقامة دكتاتورية عسكرية. وقال ان حفتر «لم يكن لديه ما يفعله في باريس (…) ليس له أي صفة رسمية».
وتثير المبادرة الفرنسية بمجملها ريبة جماعات وشخصيات معادية لحفتر تعتبر باريس «غير محايدة» وتتهمها بالسعي الى فرض رجل عسكري على المشهد السياسي الليبي.

غير واقعي
وقال النائب عن مصراته فتحي باشاغا إن «مخرجات لقاء باريس جيدة ولكنها سوف تبقى كلمات وأمنيات مطبوعة على ورق بدون آليه واضحة تتولى تتفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، في ظل تمترس وتخندق وتغول المستفيدين على حساب الوطن، أخشى أن يترك هذا الاتفاق للزمن ولعوامل الصراع والإفساد الاقليمي».
من جانبها، قالت فيدريكا سيني فاسانوتي من معهد بروكينغز في واشنطن ان «الحل في ليبيا على صلة وثيقة بالجماعات المسلحة». وأضافت ان الأزمة لن تُحل طالما يصر المجتمع الدولي على التعامل مع «قادة سياسيين غير معترف بهم على الأرض».
من جهة ثانية، يبدي محللون تشكيكاً في امكانية إجراء انتخابات في نهاية السنة. وتقول المجموعة الدولية للأزمات إنه «من وجهة نظر إجرائية تماماً، هذا غير واقعي. لا الإطار القانوني ولا الإطار الدستوري متوفران ويبدو من الصعب تجاوز هذا العائق على المدى القصير».
أما منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية فترى أن «الإطار القانوني لإجراء الانتخابات غير واضح».
واتفق الأطراف الاربعة في باريس على إيجاد «اساس دستوري» للانتخابات قبل منتصف أيلول (سبتمبر) من دون أن يقرروا ان كان ذلك سيمر عبر استفتاء على مشروع الدستور الذي اقترحته الجمعية التأسيسية في تموز (يوليو) 2017.
ويؤكد المحللون والمسؤولون الليبيون أن هذه العملية المحاطة بكثير من الجدل قد تستغرق وقتاً أطول بكثير من المتوقع.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق