الاقتصادمفكرة الأسبوع

تحول خليجي: من التصدير السياحي الى الاستقطاب

تميزت دول الخليج العربية في الحقبة السابقة بتصدير السياح الى مختلف بلدان العالم سعياً وراء الاستجمام او الاستشفاء او قضاء الاجازات. اما اليوم  فقد تحولت هذه الدول الى محاور استقطاب للوافدين من مختلف مناطق العالم.

اعتبر الامين العام لمنظمة السياحة العالمية طالب الرفاعي ان العصر الحالي يمكن ان نطلق عليه اسم عصر السفر بدليل تضاعف عدد السياح في العام بين العامين 2000 و2012. وهذا ما دفع الرفاعي الى التأكيد في حفل افتتاح المؤتمر العالمي للسياحة الذي عقد في البحرين الى القول: «اننا نعيش عصر الثورة السياحية بكل معنى الكلمة، واستطيع القول ان السائح هو سفير غير معين لبلاده».

السياحة الساخنة
واذا كان الرفاعي مقتنعاً بان السياحة قطاع حساس جداً تجاه التوترات والاضطرابات فان السائح اليوم بات من الثقافة والوعي والادراك ما يجعله يتخطى المخاوف والهواجس ليستمتع بالمعرفة والعلاقات. حتى ان بعض النقاط الساخنة لا تلبث ان تتحول الى نقاط استقطاب سياحي، وخير دليل على ذلك سور برلين الذي كان يفصل بين المانيا الغربية والشرقية، والذي تحول رمزاً لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية وهزيمة للنازية. «ومن الخطأ الاعتقاد، كما يقول احد خبراء السياحة، بأن ما جرى ويجري في تونس ومصر مثلاً يسد الطريق كلياً على السياحة، رغم انه قلص عدد السياح اليهما». ففي تونس بلغ عدد السياح فيها 7 ملايين عام 2010، وفي 2012 لم يهبط عن 6 ملايين.

الخليج يعكس التوجه
من الواضح ان اي عاصمة سياحية في العالم، شرقاً وغرباً، لم تكن تخلو من السياح الخليجيين، بدءاً بالعواصم العربية كالقاهرة وبيروت وعمان ودمشق وتونس والمغرب، وانتهاء بالعواصم الآسيوية، مروراً بالعواصم الاوروبية والاميركية والاوسترالية. اما اليوم فقد تحولت دول الخليج الى مقاصد سياحية بينية وعالمية مثل دبي، ابوظبي، قطر، عمان.
ولا شك في ان هناك عوامل ومزايا عديدة حولت دول الخليج من دول مصدرة للسياح الى دول مستقطبة ويمكن هنا ايراد اهمها:
1- احداث الربيع العربي ادت الى انكفاء السياح الخليجيين عن السفر باعداد كبيرة الى الدول العربية المشتعلة بالاضطرابات السياسية والامنية كتونس ومصر ودمشق ولبنان والاردن، مفضلين السياحة الداخلية والبينية، ولا سيما في ظل ازمات الديون التي تتخبط فيها العواصم الاوروبية مع ما تسببه من تحركات في الشارع غير مضبوطة النتائج.
يحدد تقرير اقتصادي صادر عن شركة «بوز اند كومباني» جملة من المزايا التنافسية في مجال السياحة الخليجية تساعد دول المنطقة على ان تكون من اهم المقاصد السياحية في العالم.
2- تتميز البلدان الخليجية باقتصادات قوية بشكل عام مما يسمح لها بالاستثمار في المنتجات السياحية القادرة على استقطاب السياح.
3- امتلاك دول الخليج مطارات ضخمة قادرة على استيعاب اعداد كبيرة من الزائرين، وتتصل بمسارات جوية بالبلدان التي يفد منها اكبر عدد من السياح.
4- تمتاز بلدان الخليج ببنية تحتية متطورة لسياحة الاعمال والمؤتمرات والاجتماعات، بالاضافة الى ما تجريه تلك البلدان من تحسين للمرافق الثقافية، تزامناً مع ترميم المواقع الاثرية، وانشاء متاحف جديدة مهمة كما في الكويت وقطر.
5- تميز البلدان الخليجية بطقس جيد في فترة معينة من السنة عندما تكون كبرى اسواق السياحة للانشطة الشاطئية والترفيهية مثل بلدان البحر المتوسط تعاني من انخفاض الطلب. وهذا يجعل من البلدان الخليجية  وجهة للاستمتاع بالشمس والشاطىء.
6- تنعم دول الخليج بالامن والاستقرار، وهما من اهم العوامل المشجعة للسياحة، بحيث يشعر السائح وهو يتجول في اي بلد خليجي انه لا يضع دمه على كفه، كما يقول المثل.

منظومة ثلاثية
ويرى تقرير «بوز اند كومباني» ان تلك العوامل والمزايا تدفع دول الخليج الى التعامل مع السياحة باعتبارها منظومة متعددة المستويات، حيث سيساعدها فهم القطاع بهذه الطريقة على معالجة اوجه القصور التي تشوب المنظومة من خلال ثلاث خطوات متتابعة تسفر عن استراتيجية وطنية لقطاع السياحة.
الخطوة الاولى، بحسب التقرير، تكمن في تعريف المنظومة السياحية، وتشمل مكوناتها الرئيسية من المنتجات والخدمات والمعالم السياحية على غرار الشواطىء والثقافة.
الخطوة الثانية تتمثل في التركيز على عدد قليل من المنتجات الاساسية.
الخطوة الثالثة تتناول دراسة عوامل تمكين القطاع، التي تقع ضمن خمس فئات تشمل التخطيط والترويج والتنسيق، وتنمية قدرات الموارد البشرية والبحوث والاحصاءات.

الاستقطاب السعودي
نلاحظ في الاحصائيات العالمية المنشورة في اطار مرفق بالمقال، ان السعودية حلت في المرتبة الاولى خليجياً من حيث استقطاب عدد السياح. وذلك يعود الى كون المملكة مهد الحضارة الاسلامية، حيث يقصد فيها الزائرون المسجد الحرام والمسجد النبوي لاداء فريضة الحج ومناسك العمرة. وباتت السياحة تلقى دعماً متزايداً من الحكومة السعودية ممثلة بالهيئة العامة للسياحة والآثار التي تستهدف تطوير وتأهيل المواقع السياحية والتراثية، والارتقاء بقطاع الايواء، ووكالات السفر، والخدمات السياحية، وتطوير الانشطة والفعاليات في المواقع السياحية، فضلاً عن تنمية الموارد البشرية السياحية، وتسعى الهيئة لاستكمال مهمتها نحو تحويل السياحة الى قطاع اقتصادي يساهم بفعالية متزايدة في الناتج القومي الاجمالي، ودعم الاقتصاد الوطني.
ووفقاً لبيانات منظمة السياحة العالمية، فان حصة المملكة العربية السعودية من عدد الرحلات السياحية الى منطقة الشرق الاوسط قد بلغت 32٪ في عام 2008، اعلنت منظمة الامم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة عن اعتبار موقع «الحجر مدائن صالح» كموقع تراث عالمي،، وبذلك يصبح اول موقع في السعودية ينضم الى قائمة مواقع التراث العالمي. وفي العام 2010 اضيفت «الدرعية» الى القائمة.
واضافة الى موقعها الديني، تضم السعودية  6300 موقع تراثي وثقافي، منها 500 ذكرت في الشعر العربي القديم، ونحو 400 موقع آخر ورد ذكرها في سيرة النبي، لكن مكة المكرمة تبقى اكثر المدن جذباً للزائرين تليها المدينة المنورة.

 

الوجهات السياحية الاولى 2010
استناداً الى احصاءات منظمة السياحة  العالمية للعام 2010 جاء الآتي: في افريقيا والشرق الاوسط: المغرب 9،29 ملايين، جنوب افريقيا 8،07 ملايين، تونس 6،90، والجزائر سادسة 1،91. في الشرق الاوسط وحده – مصر 14،05 مليوناً، السعودية 10،85، سوريا 8،55، الامارات 7،43، البحرين 4،94 (2007)، الاردن 4،58، لبنان 2،17، قطر 1،66، عمان 1،52 مليوناً.
وفي اميركا جاء الترتيب الآتي: الولايات المتحدة 59،755 مليوناً، المكسيك 22،40، كندا 16،10مليوناً.
وفي آسيا والمحيط الهادي جاء الترتيب كالآتي: الصين 55،67 مليوناً، ماليزيا 24،58، هونغ كونغ 20،09، تايلاند 15،84، ماكاو 11،93، سنغافورة 9،16.
وفي اوروبا: فرنسا 76،80 مليوناً، اسبانيا 52،68، ايطاليا 43،63، المملكة المتحدة 28،13، تركيا 27، المانيا 26،88، النمسا 22، اوكرانيا 21،20 مليوناً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق