سياسة عربيةلبنانيات

عون: عدم الاعتراف بمجازر الماضي والمحاسبة عليها شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر

رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان «الفكر الالغائي الذي عم المشرق اوائل القرن الماضي، عاد ليظهر من جديد خلال السنوات الأخيرة، حاصداً مئات الاف الضحايا. ومن المؤكد أن عدم الاعتراف بمجازر الماضي وعدم المحاسبة عليها، شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر».
من جهته، رأى الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان، «انها ليست صدفة أن مصير الشعبين اللبناني والارمني متشابك بنسيج تاريخ مشترك، وصعوبات تغلبنا عليها معا بإلفة روحية – ثقافية»، وقال: «هذا يجعلني أفتخر بأن ابناء أمتي تمكنوا من اثبات وجودهم بشكل جيد كمواطنين لبنانيين جديرين».
ولفت الى أن «الجالية الأرمنية في لبنان ليست حلقة وصل متينة في علاقاتنا الثنائية فحسب، بل هي بمثابة النبض الروحي والثقافي والتعليمي للأرمن في جميع أنحاء العالم»، معرباً عن امتنانه «للبنان الشقيق لوقفته بجانبنا في اللحظات المأساوية من تاريخنا واحتضان ابناء الأمة الارمنية الذين نجوا من الإبادة الجماعية».
كلام الرئيسين عون وسركيسيان، جاء في خلال حفل العشاء الرسمي الذي اقامه الرئيس الأرميني على شرف رئيس الجمهورية والوفد المرافق، في حضور رئيسي مجلسي النواب والوزراء في أرمينيا وكبار اركان الدولة وعدد من سفراء الدول.
والقى الرئيس عون كلمة قال فيها: هي زيارتي الأولى لدولة أرمينيا، وإن كانت زيارة سياسية رسمية، إلا أنها تحمل طابعاً خاصاً ومميزاً؛ فهذه الأرض المثقلة تاريخياً بالإيمان والشهادة، لا يمكن أن يكون المرور فيها عابراً وتقليدياً. لقد اخترنا معلمين يشهدان على هذا التاريخ، زرناهما بالأمس، الأول كاتدرائية إتشميادزين، أقدم الكنائس في العالم، حيث يستشعر المرء في رهبة جدرانها وخشعة روحها صلابة إيمان، جعلت الشعب الأرمني سباقاً بين الشعوب والأمم في الإعلان رسمياً عن هويته وإيمانه في القرون الأولى، مع ما يحتاج ذلك من شجاعة وتضحية وسط الاضطهاد الروماني الذي كان في ذروته آنذاك».
اضاف: «المعلم الثاني كان النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية، هناك حيث تتسارع نبضات القلب أمام الشعلة التي لا تنطفئ، وأمام الصور القاسية لأطفال ونساء ورجال، تسطر ملاحم بطولة وتخبر عن عذابات شعب وجرح أمة. تلك المشاهد الموجعة تفضح فكراً إلغائياً عم مشرقنا أوائل القرن الماضي، رأى في الآخر المختلف عدواً يجب قتله وتدمير ثقافته وحضارته، فارتكب أبشع المجازر وخلف ملايين الشهداء، وكان شعبانا من ضحاياه، الشعب الأرمني قتل بالسيف والشعب اللبناني قتل بالجوع، وللأسف فإن هذا الفكر عاد ليظهر من جديد خلال السنوات الأخيرة، حاصداً مئات الاف الضحايا. ومن المؤكد أن عدم الاعتراف بمجازر الماضي وعدم المحاسبة عليها، شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر».
ولفت الى أن «ما يجمع شعبينا كبير وجذوره عميقة في تاريخنا، فالأرمن في لبنان ليسوا جالية، هم جزء لا يتجزأ من الشعب اللبناني، اندمجوا فيه وأثروا إيجاباً في اقتصاده وسياسته وثقافته، وحملوا هويته مع احتفاظهم بتقاليدهم وثقافتهم. ومزيج الثقافات هذا هو دائماً مصدر غنى للمجتمع اللبناني الذي يتميز بتعدديته وبكونه أرض لقاء لمختلف الطوائف ومساحة حوار يحتاج العالم لمثيلها اليوم».
وبعد انتهاء العشاء، صافح رئيس الجمهورية مضيفه مودعاً، شاكراً له «حسن الضيافة والحفاوة التي لقيها والوفد المرافق في خلال زيارته الرسمية الى ارمينيا»، ثم توجه الى مطار "Zvartnots" في يريفان، حيث قدمت له التشريفات الرسمية، واقلعت الطائرة الرئاسية بعدها الى بيروت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق