دولياترئيسيسياسة عربية

أردوغان – تيلرسون: مسعى لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا

تباحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء الخميس مطولاً مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في لقاء هدفه تخفيف حدة التوتر بين أنقرة وواشنطن، على خلفية العملية العسكرية التركية في عفرين السورية. وتركيا هي آخر محطة من جولة تيلرسون في الشرق الأوسط.

أجرى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون محادثات مطولة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء الخميس في أنقرة، في محاولة لتهدئة العلاقات المتوترة على خلفية العملية العسكرية التي تشنها تركيا في شمال سوريا ضد الأكراد المتحالفين مع واشنطن.
وأفاد مسؤولون أتراك بأن أردوغان عبر خلال لقائه تيلرسون «بشكل واضح» عما «تريده» تركيا، وخصوصاً في شأن سوريا والعراق، وفي ما يتعلق أيضاً باللائحة الطويلة من المسائل الخلافية التي تسمم العلاقات بين واشنطن وتركيا الحليفتين في حلف شمال الأطلسي.
وقال المسؤولون «تم خلال الاجتماع مناقشة الأحداث الإقليمية بدءاً بسوريا والعراق وقضية مكافحة الإرهاب والعلاقات الثنائية (…) وتم التعبير بشكل واضح (لتيلرسون) عما تريده أنقرة حول هذه القضايا».
من جهته اكتفى متحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول إنه كانت هناك «محادثة مثمرة ومفتوحة» بين أردوغان وتيلرسون «بهدف إتاحة تقدم بشكل يصب في مصلحة البلدين». وأمل في «تحقيق مزيد من التقدم» خلال اجتماع بين تيلرسون ونظيره التركي مولود تشاوش أوغلو الجمعة.

الأهم «تهدئة التوتر»
ولم يدل تيلرسون بأي تصريح. ورداً منه على سؤال صحافيين حول اللقاء الذي دام ثلاث ساعات ونصف بينه وبين أردوغان وحضره أيضاً تشاوش أوغلو، قال وزير الخارجية الأميركي «ما زال لدينا عمل».
والمهمة الرئيسية لوزير الخارجية هي تهدئة غضب تركيا إزاء السياسة الأميركية في سوريا، وهو خلاف أسفر عن أكبر أزمة في العلاقات الثنائية منذ حرب العراق في 2003.
وتشكل تركيا المحطة الأخيرة من جولة لتيلرسون في الشرق الأوسط، غير أنها ستكون الأكثر توتراً بين كل محطاته.
والعملية التي تشنها تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين السورية أضافت مشكلة جديدة قد لا يكون ممكناً التغلب عليها في علاقات ثنائية يشوبها توتر متزايد. وقال محللون إن مستوى التوتر مشابه لعام 2003 عندما رفضت تركيا السماح للقوات الأميركية بالعمل من أراضيها أثناء حرب العراق.
وتواجه قوات تركية في عفرين مقاتلين متحالفين بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في المعركة ضد الجماعات المتطرفة. وقد أكد تيلرسون في بيروت أن بلاده لم تمنح وحدات حماية الشعب الكردية سلاحاً ثقيلا حتى تسترده منهم كما تتهمها أنقرة.

منبج بعد عفرين؟
ونقل وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس رسالة إلى نظيره التركي نور الدين جانكلي خلال لقاء في بروكسل مفادها، أن «علينا إعادة التركيز على الحملة لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية». وقال عضو في وفد تيلرسون «الوضع معقد كفاية. يجب ألا نزيده تعقيداً».
وقال جانكلي «طلبنا منهم وقف كل أنواع الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية وانسحابها» من تحالف عربي-كردي. وأعلن ماتيس أنه سيقدم «دعماً أكبر وأنشط» خصوصاً من خلال تقاسم معلومات في محاربة حزب العمال الكردستاني في العراق.
وقد يتفاقم الوضع في حال نفذت تركيا تهديداتها بالتقدم نحو منبج على بعد نحو 100 كلم من عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية إلى جانب عسكريين أميركيين.
وكان أردوغان اتهم واشنطن في وقت سابق الشهر الحالي بإرسال آلاف الشاحنات وطائرات محملة بالأسلحة إلى وحدات حماية الشعب في سوريا، متسائلاً عن أسباب بقاء الولايات المتحدة هناك إذا تم إلحاق الهزيمة بالجهاديين.
كما زاد أردوغان من حدة التوتر بدعوته القوات الأميركية إلى مغادرة مدينة منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب شرق عفرين، ما يثير مخاوف من اشتباكات بين الحلفاء. كذلك حذر من أن الولايات المتحدة قد تتعرض لخطر «صفعة عثمانية» في سوريا، وهي «ضربة يمكن أن تقتل خصماً بالسكتة الدماغية» وفقاً لإحدى الأساطير.
وبالنسبة الى انقرة، فإن وحدات حماية الشعب تتبع حزب العمال الكردستاني المحظور الذي تدرجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في اللائحة السوداء باعتباره جماعة إرهابية. لكن واشنطن تعتبر وحدات حماية الشعب حليفا ضد الجهاديين كما أن العملية العسكرية التركية تشتت الجهود الرامية إلى تأكيد هزيمة المتطرفين الإسلاميين بشكل دائم.
وقد حذر تشاوش أوغلو هذا الأسبوع بأن العلاقات بين البلدين «وصلت إلى مرحلة حرجة. إما أن يتم إصلاحها أو أن تنهار بالكامل».

قضية غولن!
وقد تضررت العلاقات مع تركيا بعد الانقلاب الفاشل في 2016  إثر شعور لأنقرة بالغياب الملحوظ للتضامن الأميركي معها والغضب منها إزاء رفضها تسليم فتح الله غولن، المتهم بتدبير الانقلاب.
ولم يتم تعيين سفير أميركي لدى تركيا بعد مغادرة جون باس منصبه العام الماضي، وقد أنهى الجانبان في كانون الأول (ديسمبر) الماضي خلافا حول خدمة التأشيرات.
والشهر الماضي، ردت أنقرة بعنف على إدانة المصرفي التركي محمد هاكان أتيلا فى نيويورك بتهمة انتهاك العقوبات ضد إيران.
وقد أعربت واشنطن عن قلقها حيال اعتقال العديد من مواطنيها، فضلاً عن اثنين على الأقل من الموظفين الأتراك في البعثات الأميركية، في الحملات التي شنتها أنقرة خلال فترة ما بعد الانقلاب.
والأسبوع الماضي، حكم على العالم التركي سركان غولج الذي يعمل مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، ويحمل الجنسية الأميركية، بالسجن سبع سنوات ونصف لأنه من أتباع حركة غولن. وقد أعلنت الخارجية الأميركية أن غولج تمت إدانته من «دون أدلة ذات مصداقية».
وهناك قضية أخرى تتعلق بالقس الأميركي أندرو برونسون، الذي كان مسؤولا عن كنيسة في أزمير، ويحتجز منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2016.
وقد أدى هذا التوتر إلى إثارة الرأي العام التركي، حيث أبدى 83 بالمئة آراء غير محبذة تجاه الولايات المتحدة، حسبما أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «أميركان بروغرس» هذا الأسبوع.

فرانس24/ أ ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق