رئيسيسياسة عربية

الكويت: انتخابات حملت الكثير من المفاجآت وادت الى «مجلس شباب»

ما بين الاجماع على اعتبار الانتخابات التشريعية التي جرت في الكويت يوم السبت الفائت استثنائية، والخشية من ان يتكرر المشهد الذي ادى الى قدر كبير من الاحباط لدى الشارع اولاً، والمؤسسات الدستورية والشعبية ثانياً، يتوقف المحللون عند حالة كويتية جديدة لا تخلو من بذور التفاؤل.

الخشية من ان تتواصل لعبة شد الحبل بين الحكومة والمعارضة،. ومواصلة البعض من المعارضين عرقلة عمليات الانتاج والانجاز المحلي لحساب المعارضة العدمية، والتفرغ لما يعتبره بعض الوزراء والمسؤولين وبعض النواب الموالين «مماحكة» يدفع الوطن ثمناً لها. هنا، يتوقف المتابعون عند حالة خلافية مستعصية اسفرت عن ثلاثة انتخابات خلال 18 شهراً، وعن استقالات لعدد كبير من الحكومات. وعن عشرات الاستجوابات، وغيرها من وسائل المحاسبة النيابية.
اما بذرة التفاؤل، فتستند الى كم كبير من المعطيات التي ابرزها وجود قانون جديد يحد من قدرة المعارضة، خصوصاً الاسلامية على توظيف الاصوات وتوزيعها بشكل يراكم رصيدها ويرفع من نسبة المعارضة. ومنها ايضاً الوعي الكبير لدى الناخبين الذين بلغوا درجة الملل – بحسب تقارير كويتية – تشير الى اغفال القضايا الداخلية وفي مقدمتها الهم الاقتصادي، والتركيز على تنظيم مواجهات مع رموز حكومية.
وبين هذه وتلك، ثمة خشية من ان تؤدي تلك المعطيات الى استبعاد بعض السياسيين المخضرمين، لصالح شخصيات حديثة العهد بالسياسة، وبالتالي انخفاض في مستوى الاداء. وسط تلك الاجواء، جرت الانتخابات التشريعية الكويتية التي جاءت تنفيذاً لقرار قضائي، الغى المجلس السابق وامر بحله. وهي الانتخابات التي حملت كماً من المفاجآت التي اعتبرها البعض ايجابية، بينما رأتها المعارضة في غير صالحها.

التفاصيل والنتائج
كيف؟ وما هي التفاصيل؟ والنتائج؟
لم تفلح كل التوقعات التي كانت تشير الى تدني نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في الكويت يوم السبت الفائت، ولم يفلح المحللون في تشخيص الحالة الانتخابية عشية موعدها الدستوري، والذي جاء متزامناً مع رمضان، واجازة الصيف.
فالاقبال كان جيداً، وبلغ 52 بالمائة، مقابل 40 بالمائة في انتخابات المجلس المنحل. والانتخابات كانت ميسرة خلافاً للتوقعات التي وضعت سلسلة من العقبات ليس فقط في المجالات الاجرائية، وانما على مستوى النتائج.
الحكومة من جهتها اعلنت مسبقاً انها وفرت جميع متطلبات النجاح للعملية الدستورية التي جاءت تنفيذاً لقرار قضائي، وركزت على العامل الامني حيث ارسلت اعداداً كبيرة من رجال الامن الى مختلف المواقع بهدف توفير الاجواء الآمنة.
ومع ان التقارير تتحدث عن ان المعارضة لم تسلم بالواقع، وانها تخطط لافشال التجربة الجديدة، الا ان المعطيات التي انتجتها الانتخابات الاخيرة والتي تعتبر الثانية خلال ثمانية اشهر، تؤشر على اعادة توزيع سياسي، والى مؤشرات مريحة نسبياً.
وتفيد النتائج النهائية للانتخابات طبقاً لاعلان رسمي كويتي أن مرشحي الاقلية الشيعية التي تشكل حوالي ثلاثين في المئة من سكان الكويت، لم يحصلوا سوى على ثمانية من اصل خمسين مقعداً في البرلمان، وبتراجع واضح يقترب من النصف، حيث كانوا يشغلون في المجلس السابق 17 مقعداً.
وحقق الليبراليون تقدماً لافتاً، حيث فازوا بثلاثة مقاعد برلمانية، مقابل لا شيء في المجلس السابق. وعزز الاسلاميون السنة موقعهم بفوزهم بسبعة مقاعد مقابل خمسة في البرلمان السابق.
المؤشر الاكثر اهمية وبروزاً في الانتخابات الاخيرة هو ارتفاع نسبة المشاركة الى 52 ونصف بالمائة، طبقاً لبيان رسمي اعلنه الموقع الالكتروني لوزارة الاعلام، مقابل اربعين في المئة فقط في كانون الاول (ديسمبر)، حيث نسبة الامتناع كانت قياسية.
والمؤشر الآخر الاكثر لفتاً للانتباه يتمثل بان الفائزين الذين تم اعتمادهم رسمياً يشكل الشباب منهم نسبة مرتفعة، للمرة الاولى في تاريخ المجلس، وسط توقعات بوقوع النواب الجدد في حيرة حينما يختارون النائب الأكبر سناً ليكون رئيس السن في جلسة افتتاح دورة الانعقاد الاول لمجلس الامة، الذي يدشنه أمير البلاد. فالاكبر سناً من بين النواب هي الدكتورة معصومة المبارك المولودة عام 1947، اما الأكبر سناً من بين النواب الذكور فهو عدنان سيد عبد الصمد المولود عام 1950. وفي حال تولت الدكتورة معصومة منصب الرئيس الأكبر سناً، ستكون هذه سابقة في البرلمان الكويتي الذي لم يسبق أن ترأسته سيدة.

مشاركة العشائر
ويرى محللون ان ارتفاع نسبة الاقبال الى هذا الحد غير المتوقع، كان ناجماً عن مشاركة العشائر في الاقتراع، مقارنة مع المقاطعة الواسعة لانتخابات كانون الاول (ديسمبر). وجرت عمليات التصويت في حوالي مئة مركز للاقتراع شهد بعضها تدفقاً كبيراً للناخبين خصوصاً في مناطق العشائر، بينما بقيت اخرى هادئة.
واسهم الحر الشديد – حيث بلغت الحرارة 45 درجة مئوية – في منع بعض المقترعين من التوجه الى مراكز الاقتراع في اول انتخابات كويتية تنظم في رمضان.
وقاطعت التيارات الاسلامية والوطنية والليبرالية الاقتراع احتجاجاً على تعديل القانون الانتخابي، مقابل مشاركة واسعة من قبل التحالف الوطني الديموقراطي وهو تجمع ليبرالي قريب من التجار بالاضافة الى مشاركة القبائل الرئيسية.
وعشية الاقتراع السادس خلال سبع سنوات، دعت التيارات المعارضة الكبرى مجدداً الى مقاطعة الانتخابات، احتجاجاً على مبدأ الصوت الواحد الذي تم اعتماده في القانون الجديد بدلاً من اربعة اصوات للناخب في القانون السابق.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين رسمياً والذين يحق لهم التصويت، حوالي 440 ألف ناخب وناخبة موزعين على خمس دوائر انتخابية.
وبلغ عدد المرشحين في الدوائر الخمس 310 مرشحين، بعد أن أصدرت محكمة الاستئناف أحكامها بعودة 4 مرشحين إلى سباق الانتخاب، وإن كانت هذه الانتخابات قد تميزت بضبط عمليات شراء أصوات واحتجاز مرشحين ومعاونيهم بتهمة الشراء، فإن شراء أصوات الناخبين ليس بجديد على الانتخابات الكويتية، لكن تشدد وزير الداخلية في المراقبة والضبط فضح ما أمكن مما يدور على الساحة من مخالفات.

الكويت – «الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق