بيئةدوليات

«قمة الكوكب الواحد» في باريس تقر التزامات لتمويل مكافحة التغير المناخي

حشدت «قمة الكوكب الواحد» في باريس الثلاثاء نحو 60 من قادة العالم ومئات الوزراء ورجال الأعمال والناشطين، في مسعى للمحافظة على اتفاق دولي هدفه التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري. وأقرت القمة التزامات كان أبرزها تعهد البنك الدولي بوقف تمويل المشاريع النفطية.
 
نحو ستين من قادة العالم ومئات الوزراء ورؤساء الشركات والناشطين اجتمعوا امس الثلاثاء في باريس، للمشاركة في «قمة الكوكب الواحد» في مسعى تمويل توجه الاقتصاد العالمي نحو الطاقة النظيفة، بعد عامين بالضبط من توقيع اتفاق دولي لتجنب أسوأ سيناريو للاحتباس الحراري.
وأقرت قمة باريس التزامات أبرزها تعهد البنك الدولي بوقف تمويل المشاريع النفطية.
وكان حذر خبراء عشية انعقاد القمة من أن هدف الاتفاق المتمثل بإبقاء الاحتباس الحراري أقل من درجتين مئويتين سيظل حلماً ما لم يتم استثمار ترليونات الدولارات في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
ودعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى القمة جزئياً كرد على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حزيران (يونيو) انسحاب واشنطن من الاتفاقية التي تفاوضت بشأنها 200 دولة طيلة أكثر من عقدين.
وقال رئيس وزراء فيجي فرانك بانيماراما الذي ترأس محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ التي جرت في بون الشهر الماضي «فيما التحدي ضخم، علينا القيام بكل ما في وسعنا لمواجهته. ندرك أن ذلك يعني الفرق بين الحياة والموت بالنسبة الى ملايين الناس المعرضين للخطر حول العالم».
وأضاف «هناك ترليونات الدولارات المخزنة في المؤسسات الاستثمارية الخاصة(…) علينا فك القفل عن هذا التمويل».
 
البنك الدولي سيوقف تمويل المشاريع النفطية!
من جهته، أعلن البنك الدولي أنه سيوقف تمويل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما اعتبارا من .2019 وتجمع نحو 200 متظاهر في شوارع باريس مطالبين فرنسا بالتوقف عن دفع «أي يورو إضافي على طاقة الوقود الأحفوري».
كما تعهدت المصارف والشركات الكبرى بالابتعاد عن الوقود الأحفوري المسبب لارتفاع حرارة الأرض. وأعلنت هذه المصارف والشركات تخصيص مليارات الدولارات لوقف العمل في مشاريع فحم ونفط وغاز في القمة التي هدفت لجمع الأموال.
لكن الدولة المضيفة فرنسا، وكذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي حذرت من أن الجهود لتحويل الاقتصاد العالمي إلى مستقبل من الطاقة الخضراء، لا تزال ضئيلة جداً وبطيئة جداً.
وقال بنك «اينغ» الهولندي إنه سيتوقف بشكل شبه كامل عن تمويل مشاريع لتوليد الطاقة من الفحم بحلول 2025، فيما أطلقت مجموعة من أكثر من 200 مستثمر  دولي بينهم عملاق قطاع المصارف «اتش.اس.بي.سي» حملة للضغط على الشركات الكبرى التي تصدر انبعاثات مسببة للاحتباس الحراري،  بينها «بي.بي» وإيرباص» و«فولكسفاغن» و«غلينكور» لمراعاة أكبر للبيئة.
وتتحمل البشرية بحرقها الكثيف للنفط والفحم والغاز الطبيعي مسؤولية الغازات السامة التي ترفع درجة حرارة الأرض وتسببت بارتفاع معدلات درجات الحرارة حول العالم بنحو درجة مئوية حتى الآن.
ويحذر خبراء من أنه بالوتيرة الحالية لانبعاثات الغازات السامة، بات العالم في طريقه نحو ارتفاع من ثلاث درجات في المعدل، ما قد ينتج عنه عواصف مدمرة وارتفاع منسوب مياه البحار وفيضانات وجفاف.

ترامب يوقف تمويل قضايا المناخ!
وسحبت إدارة ترامب الذي وصف التغير المناخي بأنه «خدعة»، تمويلات بمليارات الدولارات لقضايا المناخ، بما في ذلك ملياران من ثلاثة مليارات دولار تعهدت واشنطن بالمساهمة بها لما يسمى بـ «صندوق المناخ الأخضر».
ودعا ماكرون الثلاثاء باقي الشركاء إلى «تعبئة أقوى بكثير». وقال لصحيفة لوموند الفرنسية «نحن بعيدون جداً عن هدف اتفاقية باريس بالحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى ما دون درجتين مئويتين».
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «باتريسيا إسبينوزا» إن التحرك السياسي «لن يكون كافياً إذا لم نحدث ونعيد إطلاق البنية المالية العالمية ونجعل جميع أشكال التنمية منخفضة الانبعاثات ومرنة ومستدامة».
ولطالما شكلت المسائل المالية نقطة خلافية في خطط الأمم المتحدة المتعلقة بالمناخ حيث تصر الدول النامية على الحصول على مساعدة مالية لتتمكن من سد كلفة التحول إلى مصادر طاقة أقل تسبباً للتلوث ولمواجهة العواصف والجفاف والفيضانات الناجمة عن التغير المناخي.
 
ما قاله النجم شوارزنيغر!
وفي غياب أوباما، المدافع الأبرز عن قضايا المناخ والذي لعب دوراً أساسياً في إبرام اتفاقية باريس، سيتولى المهمة رجال الأعمال والقادة الحكوميون على مستوى الولايات والمناطق، حيث مثلهم في باريس حاكم نيويورك مايكل بلومبرغ ومحافظ كاليفورنيا السابق أرنولد شوارزنيغر ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غايتس.
وقال شوارزنيغر في باريس «لا يهم إن كان دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس، لأن القطاعين الخاص والعام والجامعات لم يتخلوا عنها. لم يتخل أحد عنها».
وقال وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري على هامش القمة إن عدم مشاركة بلاده في القمة «مخيبة للآمال، لا بل أكثر من ذلك، إنها عمليا عار عندما تؤخذ في الاعتبار الوقائع والعلم والحس السليم، وكل العمل الذي أنجز».
وبين القادة الذين حضروا قمة الثلاثاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم والرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي.
ولم يدع ترامب إلى اجتماع الثلاثاء حيث مثل الولايات المتحدة «أكبر ملوث عالمي» مسؤول من السفارة في باريس.
وتغيب عن القمة كذلك زعماء أبرز الدول المتسببة بالتلوث وهي الصين والهند والبرازيل وروسيا وكندا إضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر.

بكين تتحول للطاقة النظيفة
أكد المفاوض الصيني الرئيسي في ملف المناخ شي شينخوا على التزام بكين بالتحول إلى الطاقة النظيفة، عارضاً تفاصيل المشاريع الوطنية الجارية في هذا المجال. وقال «في ما يتعلق بمكافحة التغير المناخي، حققت الصين أموراً عديدة، كانت ضرورية لنموها المستدام».
وتعهدت الدول الغنية عام 2009 بجمع 100 مليار دولار سنوياً كتمويل مرتبط بالمناخ مخصص للدول النامية اعتباراً من العام2020. وأفاد تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه بناء على اتجاهات عام 2015، سيبلغ إجمالي التمويل الحكومي حوالي 27 مليار دولار بحلول هذا التاريخ.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية أنه سيكون هناك حاجة لاستثمارات تقدر بنحو 3،5  ترليون دولار كل عام في قطاع الطاقة حتى 2050 لإبقاء الاحتباس الحراري تحت درجتين مئويتين، وهو ما يعادل ضعف الإنفاق الحالي.
وحث الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي-مون الدول على الاتفاق على برنامج يصل إلى هدف 100 مليار دولار بحلول العام المقبل. وقال «إنه رقم ضخم لكنني أعتقد أنه قابل للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية».

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق