سينما

فيلم (همس الرمال)… سرد سينمائي عابر للأزمة يبحث في حضارة العرب

مثل خيط حريري ينساب دون نهاية من بين صفحات كتاب ألف ليلة وليلة ترصعه القصص الشعبية والحكايات القديمة ينسل الفيلم التونسي (همس الرمال) من شاشة السينما عبر حكاية واقعية تدور في الصحراء التونسية لكنها تجر في ذيلها حكايات وحكايات مفعمة بالأمل والحكمة والتأمل والمحبة.
الفيلم بطولة نورة صلاح الدين وهشام رستم مع مشاركة خاصة للممثلة درة زروق، ووضع الموسيقى التصويرية له الفرنسي أرماند عمار، والسيناريو والإخراج للناصر الخمير.
يتناول الفيلم قصة امرأة كندية من أصول عربية تصل إلى تونس بحثاً عن مكان غير محدد في الصحراء ويصطحبها دليل سياحي في الرحلة التي ما تلبث أن تتفرع إلى عدد لا متناه من الرحلات العابرة للزمن من خلال سرد الدليل السياحي لكل ما سمعه طوال حياته من قصص وحكايات متوارثة تمزج بين الحقيقة والخيال واليقين والسراب.
ويشارك الفيلم (95 دقيقة) في مسابقة المهر الطويل بمهرجان دبي السينمائي الدولي بدورته الرابعة عشرة. ويتنافس على جوائز هذه الفئة ضمن 18 فيلماً من الإمارات ومصر وتونس والجزائر وفلسطين وسوريا وكردستان.
وقبل عرضه العالمي الأول في المهرجان قال الخمير في تقديم فيلمه «صورة العرب اليوم في الإعلام حرب ودمار وقتل وتشريد وصخب وصياح، ماذا تبقى للسان السينما أن يقول؟… الهمس».
وأضاف «همس الرمال، قصة دليل سياحي يعود به الزمن إلى مسقط رأسه فتجره الذاكرة إلى حكايا الطفولة، حكايا شعبية، حكايا صوفية، حكايا دراويش.. حكايا عن القناعة والأخوة، حكايا عن القحط والجفاف، حكايا عن الخبز والأماني، حكايا عن الموت والحب، حكايا عن الدين والحقيقة».
الفيلم مصور بالكامل في الصحراء ويخلو من المشاهد الداخلية ويستغل فيه المخرج الكثبان الرملية والواحات والشلالات للتعبير عن جمال وإمكانيات هذه البقعة من الأرض وما تتمتع به من ثروات طبيعية.
أما الحوار فيأتي ثنائياً فقط بين الدليل السياحي والزائرة الكندية تخلله حكايات قصيرة لا تتعدى كل منها دقائق قليلة على الشاشة ويأتي سلساً محكماً لا يدع مجالاً للمشاهد للتشتت بين القصة الأصلية والحكايات الفرعية.
ويتصاعد الحكي في الفيلم على لسان الدليل السياحي ليصل الماضي بالحاضر فيسلط الضوء على ما آلت إليه أحوال العرب على وجه الخصوص في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد كل ما امتلكوه من حضارة وعلوم في القرون السابقة.
وقال الخمير رداً على سؤال لرويترز في نقاش مفتوح بعد عرض الفيلم بشان السيناريو «من أول فيلم لي وأنا أعمل على الخروج من النمط الأميركي أو الأوروبي، وأجد في مراجعي الحضارية مثل ألف ليلة وليلة والحكايات الشعبية وحكايات التصوف مرجعاً للحكاية ومرجعاً للعلاقة مع المتلقي».
وأضاف «في كل أفلامي لا يوجد قتل ولا ذبح ولا عنف، نحن نحكي حكاية فقط لكن يجب أن تكون موجهة للروح أكثر منها للإثارة».
وركزت الأعمال السابقة للناصر الخمير في مجملها، رغم تباعدها الزمني، على الصحراء حتى أطلق النقاد على أفلامه (الهائمون) و(طوق الحمامة المفقود) و(بابا عزيز) اسم «ثلاثية الصحراء».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق