نقل التلفزيون الرسمي عن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قوله يوم الأربعاء إن طهران ستلتزم بالاتفاق النووي مع القوى العالمية المبرم في عام 2015 ما دامت تلك القوى ملتزمة به لكنها «ستمزقه» إذا انسحبت الولايات المتحدة منه.
جاء حديث خامنئي بعد خمسة أيام على تبني الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنهج جديد أكثر حدة مع إيران إذ رفض التصديق على التزام طهران بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في عهد سلفه باراك أوباما وقال إنه ربما يلغيه في نهاية المطاف.
وقال خامنئي في كلمة ألقاها على الطلاب في طهران ونقل عنها التلفزيون الحكومي «لا أريد أن أضيع وقتي في الرد على نوبات جنون الرئيس (الأميركي) الحيوان».
وأضاف «يجب ألا تلهينا حماقة ترامب عن خداع أميركا… إذا قطعت الولايات المتحدة الاتفاق فنحن سنمزقه… على الجميع أن يعلم أن أميركا ستتلقى مجدداً صفعة… وسيهزمها الإيرانيون»
وأدت خطوة ترامب إلى خلاف بين واشنطن والأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، التي قالت إنه ليس بوسع واشنطن اتخاذ إجراء أحادي بإلغاء الاتفاق المتعدد الأطراف الذي صدقت عليه الأمم المتحدة.
ورحب خامنئي، وهو أعلى سلطة في إيران، بدعم تلك الدول لكنه قال إنه ليس كافياً.
وقال «الدول الأوروبية أكدت مساندتها للاتفاق وأدانت ترامب… نحن نرحب بذلك لكن مطالبة ترامب بعدم إلغاء الاتفاق لا تكفي. على أوروبا الوقوف ضد الإجراءات العملية (التي اتخذتها) أميركا».
ووافقت إيران، بموجب الاتفاق، على تقليص برنامجها المثير للجدل لتخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات الدولية التي شلت اقتصادها وشهد المفتشون النوويون التابعون للأمم المتحدة مرارا بالتزام إيران ببنود الاتفاق.
ويتهم ترامب إيران بدعم الإرهاب ويقول إن اتفاق عام 2015 لا يفعل ما يكفي لمنعها من امتلاك سلاح نووي. وتقول إيران إنها لا تسعى لذلك وترجع نمو الجماعات المتشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية إلى سياسات الولايات المتحدة وحلفائها.
وبرفض ترامب التصديق على التزام إيران بالاتفاق يصبح أمام الكونغرس الأميركي 60 يوماً لتحديد ما إذا كان سيعيد فرض العقوبات الاقتصادية التي رفعت عن إيران بموجب الاتفاق.
«لا تتدخل»
وفي ما يمثل تغيراً كبيراً في السياسة الأميركية قال ترامب كذلك إن واشنطن ستنتهج أسلوباً يتسم بقدر أكبر من المواجهة مع إيران بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية ودعمها للجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط.
وتعهدت طهران مراراً بمواصلة السعي لامتلاك ما تصفها بالقدرات الصاروخية الدفاعية في تحد لانتقادات غربية. وقالت الولايات المتحدة إن موقف إيران ينتهك روح اتفاق 2015 إذ أن الصواريخ يمكن أن تزود برؤوس نووية.
وقالت طهران إنها لا تسعى إلا للحصول على الطاقة النووية لاستخدامها في الأغراض المدنية من خلال برنامجها لتخصيب اليورانيوم وإن البرنامج لا علاقة له بجهود تطوير الصواريخ.
وحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المشرعين الأميركيين يوم الاثنين على عدم إعادة فرض العقوبات على طهران لكنهم ناقشوا كذلك برنامج إيران الصاروخي الذي يرغبون في تفكيكه.
وقال خامنئي «عليهم تجنب التدخل في برنامجنا الدفاعي… لا نقبل أن يمارس الأوروبيون التنمر وأن تكون لهم مطالب غير منطقية على غرار أميركا».
وأضاف «هم (الأوروبيون) يسألون لماذا تملك إيران صواريخ؟ لماذا تملكون أنتم صواريخ؟ لماذا توجد لديكم أسلحة نووية؟».
وفرضت إدارة ترامب عقوبات جديدة من جانب واحد تستهدف أنشطة إيران الصاروخية. ودعت واشنطن طهران لوقف تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. وتقول إيران إنها لا تملك مثل تلك الخطط.
وتملك إيران واحداً من أكبر برامج الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط وتعتبره دفاعاً احترازياً ضرورياً في مواجهة الولايات المتحدة وخصوم آخرين خصوصاً دول الخليج العربية وإسرائيل.
وقال خامنئي «الأميركيون غاضبون لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمكنت من إحباط مخططاتهم في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة».
ويخشى مؤيدو الاتفاق أن يؤدي قرار ترامب بعدم التصديق عليه إلى انهياره في نهاية المطاف وهو ما سيفضي إلى مزيد من التوتر في الشرق الأوسط والذي تخوض فيه إيران منذ عقود حرباً بالوكالة مع السعودية حليفة الولايات المتحدة.
وقال محللون ومطلعون على هذا الملف إنه إذا انهار الاتفاق سيتعزز موقف المتشددين الإيرانيين المناهضين للغرب على حساب الرئيس حسن روحاني الذي خطط لإبرام هذا الاتفاق بهدف إنهاء العزلة السياسية والاقتصادية لإيران.
رويترز