تونس: 1،7 مليون توقيع لاسقاط حكومة النهضة

حتى المقترحات التي تحمل تصورات لحلول وسطية للازمة التونسية، لم تعد مقبولة، حيث رفضت المعارضة ممثلة بما اطلقت على نفسها حركة «تمرد التونسية» مقترحاً تقدم به الائتلاف الحاكم وينص على التزام باستقالة الحكومة في مرحلة معينة، وضمن برنامج وفاقي.
تصاعدت حدة التوتر، وتعمقت الخلافات سياسياً وامنياً في تونس، وسط تخوفات من ارتفاع وتيرة الاغتيالات، وتزايد حدة المواجهات بين الجيش والتيارات السلفية المتطرفة. وبين هذه وتلك ثمة عريضة مليونية يجري التوقيع عليها للمطالبة باستقالة الحكومة الائتلافية، ما يعني ان هناك اصراراً على استقالة الحكومة يقابله تشدد في رفض ذلك المطلب.
فقد عرض الائتلاف الحاكم في تونس استقالة الحكومة المؤقتة الحالية خلال أربعة اسابيع، ولكن بعد انطلاق الحوار الوطني مع المعارضة. وجاء هذا العرض ضمن سلسلة من المشاورات المضنية التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الراعية للمحادثات بين السلطة والمعارضة لايجاد مخرج للأزمة السياسية التي تهدد البلاد.
ولم تفض كل المقترحات السابقة الى أي قبول من الجانبين بينما تقدم الاتحاد بمبادرة تدعو الى حل الحكومة والابقاء على المجلس الوطني التأسيسي بآجال محددة ومراجعة التعيينات في الادارة التونسية القائمة على الولاء الحزبي.
وقال حسين العباسي الأمين العام للاتحاد ان تلك المهلة تعتبر بمثابة مهلة للفرقاء السياسيين للتوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة كفاءات وتحديد مهامها وفترة عملها.
وتطالب جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم اطياف المعارضة بحل الحكومة بشكل فوري والانطلاق بتشكيل حكومة كفاءات تتولى الاشراف على الانتخابات وانقاذ البلاد من الفوضى الاقتصادية.
«تمرد تونس»
وفي تلك الاثناء، واصلت حركة «تمرد تونس» نشاطها التصعيدي لاسقاط الحكومة، حيث اكد محمد بالنور قائد الحركة ان عدد التونسيين الذين وقعوا على وثيقة حل المجلس التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة، بلغ حدود مليون و700 ألف توقيع، مشيراً إلى أن العدد في تزايد. وأكد بالنور في تصريحات صحافية أن الحركة لا يمكن أن تخون قضيتها وتتنكر لمئات الآلاف من الموقعين عن اقتناع على تلك الوثيقة.
وأضاف بالنور أن قيادات الحركة ستواصل الضغط على الحكومة الحالية من أجل حل المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة المنبثقة عنه، وذلك بغض النظر عن المبادرات السياسية وجولات الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة. واتهم قائد «تمرد تونس» الائتلاف الثلاثي الحاكم بقيادة حركة النهضة بمحاولة تضييق الخناق على الحركة وزرع بذور الفتنة بين أعضائها في أكثر من مناسبة.
ونفى بالنور أن تكون حركة تمرد تونس حصلت خلال أي فترة من فترات نشاطها على تمويلات مشبوهة، وقال إن تبرؤ الحركة من بعض أعضائها كان بسبب غياب وضوح بعض مصادر التمويل التي أغدقت أموالاً غير معروفة المصادر على الحركة، دون أن يوضح من قدم تلك الأموال.
وحول المفاوضات الحالية التي تدور بين الحكومة والمعارضة وإمكانية توصلها إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة السياسية وموقف الحركة من ذلك، قال بالنور: إن مسودة الدستور التونسي في صيغتها الحالية لا يمكن أن تمر على أنظار المجلس التأسيسي، وانه من الضروري – حسب تعبيره – عرض المشروع على لجنة خبراء في القانون الدستوري لتعديل بعض فصوله التي وصفها بـ «السوداء».
من جهة ثانية، ذكرت تقارير إعلامية تونسية ان عشرات من السجناء نجحوا في الفرار من سجن مدني جنوب البلاد بعد ان أشاعوا حالة من التمرد داخل السجن. وأفاد راديو موزاييك المحلي بان 49 سجيناً فروا من السجن المدني بمدينة قابس جنوب العاصمة بعد أن تظاهر عدد من السجناء بمرض أحدهم ثم قاموا بتعنيف الحارس وسلبه مفتاح الزنزانة. وقالت الاذاعة إن السجناء المعتدين حرروا عدداً آخر من رفاقهم ثم تسللوا خارج اسوار السجن. وأضافت أن قوات الشرطة والجيش قامت على الفور بتطويق السجن وتحريك دوريات في المفترقات والمناطق القريبة منه. ولم يتم القبض الا على 10 سجناء فيما تستمر عمليات التمشيط بحثاً عن باقي الفارين.
تنظيم ارهابي
في تلك الاثناء، وفي اعقاب الاعلان الحكومي الذي صنف جماعة أنصار الشريعة كتنظيم ارهابي، اتهمت الجماعة الحكومة بالعمل على «جر البلاد الى حمام دماء بهذا التصنيف»، ونفت أي ارتباط لها بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. ورفضت الجماعة في بيان نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي ذلك التصنيف وتعهدت بالرد عليه بشتى الوسائل. وتمسكت بموقفها المناهض لحكومة الائتلاف بقيادة حزب النهضة، والتي وصفتها بـ «الحكومة الطاغوتية». وكان علي العريض رئيس الحكومة والقيادي في حركة النهضة اعلن اواخر الشهر الفائت تصنيف جماعة انصار الشريعة بتونس «تنظيماً ارهابياً» واصدار بطاقة جلب دولية ضد مؤسسها سيف الله بن حسين المكنى بـ «أبو عياض». وقال العريض أن الجماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وأن لها جناحاً أمنياً وآخر عسكرياً واتهمها باغتيال المعارضين شكري بلعيد في 6 شباط (فبراير) الماضي ومحمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الماضي وبالتخطيط لتنفيذ هجمات «ارهابية» في البلاد. وبعدها أعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو ان تصنيف جماعة انصار الشريعة تنظيماً ارهابياً يترتب عنه بالضرورة حظر اي نشاط لها وتجريم اي انتماء اليها، مضيفاً أن التصنيف جاء بناء على أدلة واعترافات منتمين الى الجماعة اعتقلتهم اجهزة الامن.
من جهة ثانية، نفت تونس مجدداً ما تردد من أنباء عن إقامة قاعدة عسكرية أجنبية في جنوبها وبأي نقطة من ترابها. جاء هذا النفي على لسان، توفيق الرحموني الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الذي أوضح أن القرار الجمهوري الذي صدر مؤخراً والمتعلق بإعلان جزء من الصحراء التونسية كمنطقة حدودية عازلة، جاء على إثر تنامي التهديدات الأمنية، مستعرضاً ما أسماه بـ «الإجراءات الاستباقية» التي اتخذتها وزارة الدفاع بخصوص تركيز العديد من الوحدات الترابية وتحديد بوابات الدخول وتسيير دوريات لمراقبة جزء مهم من التراب التونسي. وكانت الأنباء قد تحدثت عن مشروع إقامة قاعدة عسكرية أميركية في محافظة «قبلّي» في الجنوب التونسي وهي أنباء نفاها أيضاً نور الدين البحيري الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، واصفاً إياها بـ «الشائعات التي تهدف الى زرع البلبلة وزعزة استقرار البلاد».
تونس – «الاسبوع العربي»