سياسة لبنانية

الجيش اللبناني للمرة الاولى في منطقة غير مرسمة قرب الحدود مع سوريا

فوق جبال جرداء في شمال شرق لبنان قرب الحدود غير المرسمة مع سوريا، ينتشر جنود بزيهم المرقط ومدرعاتهم المموهة، في منطقة اتاح طرد تنظيم الدولة الاسلامية منها للجيش اللبناني الدخول اليها للمرة الاولى.
ويأتي ذلك بعد نحو اسبوع من المعارك مع تنظيم الدولة الاسلامية في منطقة جرود رأس بعلبك وجرود القاع، والتي انتهت باتفاق قضى بانسحاب عناصر التنظيم المتطرف من جانبي الحدود اللبنانية السورية.
وقال احد عناصر القوات الخاصة في الجيش اللبناني لوكالة فرانس برس «قبل الدواعش لم يكن هناك وجود للجيش اللبناني (في هذه المنطقة)، لم يكن هناك احد ابداً».
واضاف «حين تقدمنا الى المنطقة، ازلنا علم داعش ووضعنا للمرة الاولى العلم اللبناني»، موضحاً «لم تكن هذه الطرقات موجودة في السابق، فتحناها لكي نتمكن من ادخال سياراتنا» في اشارة الى طرقات تمر بين التلال الرملية.
ويتشارك لبنان وسوريا حدوداً على طول 330 كيلومتراً غير مرسمة في اجزاء كبيرة منها خصوصاً في شمال شرق البلاد.
وهذا ما جعل الحدود طوال سنوات منطقة سهلة للاختراق من قبل المهربين. كما حافظ الجيش السوري على تواجده في بعض المواقع المحاذية لتلك الحدود غير المرسمة ما كان يشكل عائقا في بعض الاحيان امام المزارعين اللبنانيين في هذه المنطقة.

«وجود ثابت»
واتفق لبنان وسوريا في العام 2008 على تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود المتداخلة بينهما في مناطق عدة، الا ان الترسيم لم يتم وزاد النزاع الدائر في سوريا منذ العام 2011 الامور تعقيداً.
وفي هذه المنطقة الجبلية في اقصى جرود رأس بعلبك، استراح بعض الجنود الى جانب سياراتهم المدرعة او جلسوا في خيمهم العسكرية، واتخذ آخرون موضعاً قتالياً فوق مدرعات معززة برشاشات آلية.
واكد جندي من اللواء السادس في الجيش لفرانس برس «هذه المرة الاولى التي يكون فيها للجيش اللبناني وجود ثابت في هذه المنطقة».
وقال آرام نيرغيزيان الخبير في الشؤون اللبنانية السورية في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره الولايات المتحدة، «هذه المرة الاولى التي يقترب فيها الجيش والحكومة اللبنانيان من السيطرة بشكل كامل على الحدود مع سوريا».
ولفت الى ان العديد من المواقع الجديدة للجيش اللبناني تتواجد في مناطق غير متفق عليها بين البلدين، وهي الاقرب الى المنطقة التي يقول لبنان انها الحدود الفعلية بينهما.

«رواية» الامن القومي
ومنذ اندلاع النزاع السوري في العام 2011، لم تعد تلك المنطقة تقتصر على مهربي البضائع بل شهدت ايضاً تسلل لاجئين يفرون من الحرب في بلادهم او حتى مسلحين، كما تساقطت عليها القذائف من الجانب الآخر من الحدود.
وفي العام 2014، خاض الجيش اللبناني معارك عنيفة في بلدة عرسال القريبة من الحدود مع مسلحين تابعين لجبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية قدموا من سوريا.
وانتهت المعارك بعد ايام بخروج المسلحين من البلدة، لكنهم تمكنوا من احتجاز 30 عسكرياً لبنانياً.
وانكفأ مقاتلو جبهة النصرة الى جرود عرسال ومقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية الى جرود القاع وجرود رأس بعلبك.
وشن الجيش اللبناني في 19 آب (اغسطس) حملة عسكرية لطرد تنظيم الدولة الاسلامية، بالتوازي مع معركة بدأها حزب الله اللبناني والجيش السوري ضد التنظيم المتطرف في القلمون الغربي على الجهة السورية من الحدود.
وبعد معارك عنيفة ضيق خلالها الجيش اللبناني الخناق على الجهاديين، تم الاحد الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار على جانبي الحدود.
وبموجب الاتفاق الذي تفاوض عليه حزب الله مع تنظيم الدولة الاسلامية، انسحب التنظيم المتطرف الاثنين من المنطقة الحدودية الى محافظة دير الزور، التي يسيطر على الجزء الاكبر منها في شرق سوريا.
ووصف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله مساء الاثنين في خطاب متلفز انسحاب التنظيم المتطرف بـ «النصر العظيم جداً والكبير جداً» للحزب والجيش اللبناني على حد سواء.
ويقاتل حزب الله منذ العام 2013 بشكل علني الى جانب قوات النظام السوري.
ويمتلك حزب الله ترسانة ضخمة من السلاح ويعتبر احد اقوى الاحزاب السياسية في لبنان. ويشكل امتلاكه للسلاح نقطة خلاف بين اللبنانيين، فيما يتفق الكثيرون على الموقف الايجابي من الجيش اللبناني.
وراى نيرغيزيان انه بعد تعزيز الجيش اللبناني لانتشاره على الحدود مع سوريا «قد تشكل امكانياته تحدياً لحزب الله».
وخلص بالقول «قد تكون المعركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في لبنان انتهت، لكن الاختلاف في الرواية المتعلقة بالامن القومي اللبناني قد بدأت».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق