سياسة لبنانية

جعجع: ما حصل في مجلس الوزراء جرعة دعم سياسية ديبلوماسية لنظام الأسد على حساب لبنان

عقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مؤتمراً صحافياً في معراب بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، منتقداً «محاولات بعض الأفرقاء التنسيق مع نظام بشار الأسد بهدف تعويمه، كمثل اقتراح زيارة بعض الوزراء لسوريا لأهداف اقتصادية».
وقال: «شكلت هذه الحكومة وفق أسس واضحة، فنحن نعرف كلبنانيين أن لدينا اختلافات كبيرة في وجهات النظر سواء على المستوى الاستراتيجي أو السياسة الخارجية أو المشاركة في القتال في سوريا أو توحيد السلاح داخل الجيش اللبناني وسواها، ولكننا اتفقنا على أن هذه الخلافات لن تحل اليوم فتوافقنا على تمرير شجون اللبنانيين وشؤونهم الى حين التوصل الى حل المعضلات الموجودة. ولكن صراحة، منذ أن شكلت الحكومة بدأ البعض بخرق هذا المبدأ ومخالفته، فعلى سبيل المثال بعد شهرين على التأليف وبعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأسبوعين من جولة خليجية ناجحة، نفاجأ بتصريحات للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يهاجم فيها بشكل عنيف دول الخليج، وبعدها سمعنا تصريحات أخرى تدعو الى إدخال مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين الغرباء الى لبنان بحجة إمكان تعرض لبنان لهجوم اسرائيلي، والمستغرب أن البعض يتناسى وجود أفرقاء آخرين في لبنان وان هناك حكومة شرعية مسؤولة تحدد ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها في هذا السياق، عدا عن الكثير من الخروقات لمبدأ وجود الدولة».
وإذ لفت الى «أننا كنا نعض على الجرح ونطرح الموضوع داخل مجلس الوزراء إيماناً منا بعدم ترك البلد سائباً»، انتقد جعجع «كل المحاولات التي شهدها مجلس الوزراء ومن ضمنها محاولة اليوم لاستخدام لبنان وحكومته لتعويم نظام بشار الأسد. فمنذ تشكيل الحكومة بدأ البعض، لاعتبارات إقليمية معروفة، استخدام مجلس الوزراء اللبناني لإعطاء نوع من الشرعية لنظام بشار الأسد».
وذكر جعجع «بمحاولة بعض الأفرقاء إقناع اللبنانيين بعدم إمكان إعادة النازحين إلا من خلال التواصل مع الحكومة السورية»، مستشهداً بالقرارات «التي اتخذتها كل من الحكومتين التركية والأردنية في هذا الاتجاه بحيث أعادتا نحو 100 ألف نازح الى مناطق خفض التصعيد في سوريا بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية، ونحن نطالب بأن نحذو حذوهم»، مجدداً التأكيد «أن هؤلاء النازحين ما كانوا لينزحوا لولا نظام بشار الأسد».
وتساءل: «مع أي حكومة سورية يريدون التواصل؟ فنحن نعي أن سوريا مقسمة الى مناطق نفوذ وإحداها يحكمها بشار الأسد، الى جانب مناطق نفوذ تركية وأميركية وروسية وأردنية وسواها»، داعياً الحكومة اللبنانية الى «ضرورة اتخاذ القرار بإعادة النازحين بالتعاون مع الجمعيات الدولية والحكومتين التركية والأردنية اللتين هما المدخلان الأساسيان لعودة النازخين الى مناطق خفض التوتر في سوريا».
واستهجن «كيف يطرح البعض داخل الحكومة موضوع تنسيق الجيش اللبناني مع الحكومة السورية، فيما يتحضر لخوض معركة صاعقة على داعش في القاع ورأس بعلبك وضمن حدودنا اللبنانية، لذا يكفي ضحك على الناس، إذ من المستحيل تعويم نظام بشار الأسد على حساب لبنان».
وأضاف: «فوجئنا اليوم بأن بعض الوزراء يريدون زيارة سوريا بصفة رسمية لإتمام بعض الاتفاقات الاقتصادية والمشاركة في معارض لإعادة الإعمار، وكأن هناك اقتصاداً في سوريا، أليست هذه مزحة كبيرة ومصدر غش للرأي العام اللبناني عبر التصوير له أننا سنأتي بالمن والسلوى من سوريا الى لبنان، ولا سيما ان سوريا ما زالت في صلب الحرب التي يمكن أن تتصعد أكثر في ظل صراع الحدود بين سوريا والعراق الذي لا نعرف كيف سيتطور؟ وفي حال كان لا بد من إعادة إعمار، يجب أن يتزامن مع حل سياسي للأزمة السورية».
ووضع جعجع «ما حصل اليوم في مجلس الوزراء في إطار إعطاء جرعة دعم سياسية ديبلوماسية لنظام بشار الأسد على حساب لبنان، بينما جامعة الدول العربية ومجموعة من الدول الصديقة ترفض الاعتراف بهذا النظام، فهل السبب هو المساهمة في الجهد الاقليمي الذي يقوم به حزب الله لمصلحة مشروع أكبر من لبنان وحتى من سوريا؟ وهل يمكن لأحد أن يضر شعبه لإفادة مشروع آخر في مكان آخر لا علاقة لنا به من قريب ولا من بعيد؟ طبعا لا».
وأكد «أن الأمور كما طرحت اليوم في مجلس الوزراء غير مقبولة على الإطلاق، فنحن لن نقبل بأي شكل بأي تعاط رسمي بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية، لسبب بسيط هو أن الأخيرة غير موجودة، ونحن نعتبر ان هذه المحاولات هي في غير مكانها وتضر بالشعب اللبناني وتعزلنا عن بقية الدول العربية والمجتمع الدولي، وبالتالي لن تقدم أي شيء للبنان إلا مزيداً من عدم الاستقرار والقفز نحو المجهول. أما في حال رغب أي وزير في زيارة سوريا فليقم بذلك بصفته الشخصية، فكثر يقومون بزيارات خاصة لا ترتب أي مفاعيل رسمية على لبنان»، آملاً «ان يتخذ مجلس الوزراء قراراً واضحاً وصريحاً في هذا الخصوص».
وحذر من «هذه التصرفات التي تهدد وجود الحكومة، إذ لا يمكن المزاح في هذه الأمور والادعاء أننا سنقوم بإعادة إعمار سوريا وإقامة علاقات اقتصادية وإعادة النازحين، فالتعامل مع نظام الأسد لا يحقق هذه المطالب البتة»، مناشداً «كل الأفرقاء التوقف عن كل هذه المحاولات والعودة الى التقيد بالأسس التي قامت عليها هذه الحكومة والانصراف الى تخفيف الهموم التي يعانيها المواطنون كالكهرباء والمياه والطرقات وفرص العمل وسواها، بدلاً من إدخال لبنان في المعمعة السورية والصراع في الشرق الأوسط، وهذه جريمة ما بعدها جريمة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق