سياسة لبنانيةلبنانيات

سياسة التحدي تدمر البلد ولا خلاص الا بازاحة هذه الطبقة المتحكمة

القرارات العشوائية غير المدروسة هي السبب في الارتفاع لسعر الدولار الجنوني

مصير البلد في خطر حقيقي، لا سلطات فاعلة فيه، ولا قضاء مستقلاً يعمل على احقاق الحق، ولا ادارات رسمية تعمل لتسيير شؤون المواطنين، والانهيار المالي والاقتصادي وصل الى ما بعد جهنم. فالغلاء يفتك بلقمة العيش، التي بات تحصيلها شبه مستحيل، والرقابة غائبة فيما المحلات التجارية فالتة على هواها، لا رقيب ولا حسيب. اما اموال المودعين وهي جنى عمرهم فمحتجزة في المصارف، وبالاصح هي مسلوبة. هذه الصورة الشديدة السواد لا مغالاة فيها، بل انها تصور الواقع على حقيقته. فكيف يقابل المسؤولون هذا الوضع الكارثي.
نبدأ بمجلس النواب، ممثل الشعب الذي هو مصدر كل السلطات، فماذا يفعل؟ لقد تخلى عن مهامه الاساسية، وحول جلساته لانتخاب رئيس للجمهورية الى مسرحية هزلية، اصبحت موضع تندر. فبدل ان ينكب على اختيار الشخص المناسب في هذا الظرف العصيب، ليتولى شؤون البلد ويعمل ليلاً نهاراً على انهاضه من الهوة السحيقة التي يتخبط فيها، فانه يتلهى بالمناكفات والانقسامات وكل فريق يحاول ان يأتي بالرئيس الذي يخدم مصالحه، ولا تهمه مصلحة البلد. هكذا اعتادوا على ان يكون الحكم، وبالطبع فهم لا يعملون على ما فيه مصلحة البلد والناس. فالوضع القاتم يناسبهم اكثر.
اما الحكومة فليست افضل حالاً، وهي معطلة اولاً لانها حكومة تصريف اعمال، وهذا كافٍ لشلها، الا ان المصيبة الكبرى هي في سياسة التحدي المتبعة. عقدت جلسة لمجلس الوزراء وكانت محكومة بمواضيع الضرورة، ولكنها وضعت جدول اعمال من عشرات البنود، الامر الذي اثار خصومها. فبينها وبالتحديد بين رئيسها والتيار الوطني الحر تحد قاتل يعطل كل شيء. بعد الضجة التي اثارها انعقاد مجلس الوزراء، عقد اجتماع وزاري للملمة الوضع، الا ان الخلافات عصفت به، ولم يتم الاتفاق على شيء، وشكلت لجنة لتحديد المواضيع الملحة. فانقسمت على نفسها ولم تصل الى اي نتيجة، والغي اجتماع تشاوري اخر بسبب الانقسامات اياها. فالتيار الوطني الحر يريد ان تعالج القضايا الضرورية بمراسيم جوالة، لمنع الحكومة من الاجتماع والهدف طبعاً كما بات معروفاً، لا من اجل الحفاظ على الدستور ولا الميثاقية ولا اي شيء اخر، بل فقط من باب التحدي المشتعل بين التيار ورئيس الحكومة، وهي سياسة مضى عليها وقت وتعود الى ايام العهد الماضي. الذي انتهى دون تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات بسبب الشروط والشروط المضادة.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرفض المراسيم الجوالة كما اعلن امس امام نقابة المحررين، وهو عازم على عقد اجتماع لمجلس الوزراء عندما تطرأ امور ملحة وضرورية. وهنا ايضاً البارز في هذا الموقف هو رد التحدي باشد منه «وما حدا افضل من حدا». ومن باب رفع العتب يردد كل طرف المقولة عينها بوجوب انتخاب رئيس سريعاً للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة. ولكن الحقيقة هم يعملون على بقاء الوضع على حاله، لانه مناسب لهم ومدمر للبلد وللمواطنين، وهم خارج اهتمام الطبقة السياسية التي لا تهتم الا بمصالحها. باختصار مصير البلد على كف عفريت والسبب الطبقة المتحكمة التي قادت سياستها الى الخراب والدمار، وهي عاكفة على المضي بها. والا لكانت اهتمت بامور الناس وقد وصل سعر صرف الدولار الى 45 الف ليرة والحبل على الجرار. دون ان يتخذ المسؤولون غير المسؤولين اي تدبير يحمي المواطن الموجوع. ويشرح احد الخبراء سبب هذا الارتفاع الجنوني في سعر الدولار فيقول ان اقرار موازنة العام 2022 من قبل الحكومة ومجلس النواب رتب على الخزينة دفع ثلاثة رواتب دون اعادة النظر في اعداد الموظفين التضخمية. مع العلم ان نسبة معينة منهم يعملون باخلاص ويستحقون الثناء والمكافأة، فيما الباقون لا يعملون حتى ان بعضهم لم يسبق لهم ان تعرفوا على مركز عملهم ومع ذلك هم يقبضون رواتب كغيرهم. ازاء هذا الوضع الذي رتب اعباء ومبالغ كبيرة وبما ان الخزينة فارغة عمد مصرف لبنان الى طبع المزيد من العملة اللبنانية، وهذا ما ساهم في الانهيار القاتل لسعر الليرة اللبنانية. انها السياسة العشوائية التي اشتهرت بها الطبقة السياسية المتحكمة، ان من خلال المجلس النيابي او من خلال الحكومة. واذا لم يحصل تغيير ويتم ابعاد المتحكمين بشؤون البلد والاتيان باشخاص يتمتعون بالكفاءة ونظافة الكف وبالوطنية الحقيقية، فاننا لن نتمكن من تحقيق اي نتيجة. وستبقى الامور على حالها الى ان يدمر البلد نهائياً. وقد اوشك على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق