أبرز الأخبارسياسة عربية

استعراض قوة فوق سوريا بين الولايات المتحدة وايران

روسيا تهدد وواشنطن تتمسك بحق الدفاع عن النفس

استعرضت الولايات المتحدة وإيران قوتهما العسكرية باستخدام أساليب لم يسبق لها مثيل لردع هجمات على حلفائهما ومصالحهما فيما حذرت موسكو واشنطن يوم الاثنين بأنها ستتعامل مع أي طائرات للتحالف بقيادة الولايات المتحدة تحلق في منطقة عملياتها على أنها أهداف محتملة وذلك بعدما أسقطت القوات الأميركية طائرة سورية.
وتصاعد التوتر يوم الأحد بعد أن أسقط الجيش الأميركي الطائرة قرب الرقة لقصفها قوات متحالفة مع الولايات المتحدة على الأرض كما أطلقت إيران صواريخ على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا وذلك في تحرك هو الأول من نوعه بالنسبة الى البلدين في الحرب السورية.
وفي حين استهدفت الضربة الإيرانية تنظيم الدولة الإسلامية فإنها أيضاً إبراز للقوة العسكرية في جزء من سوريا يمثل أولوية كبيرة لدمشق وحلفائها وتأتي في أعقاب تشاحن مع واشنطن في الآونة الأخيرة حول قطاع من الحدود السورية – العراقية.
وقال قائد عسكري موال لدمشق إنها «رسالة» لكل الأطراف في الحرب بأن هذا يمكن تكراره موضحاً أن طهران وواشنطن رسمتا «خطوطاً حمراء» في الأيام الأخيرة.
ورداً على إسقاط الطائرة السورية أصدرت روسيا، وهي كإيران حليفة للرئيس السوري بشار الأسد، تحذيراً للولايات المتحدة قائلة إنها ستعتبر أي طائرات تحلق غربي نهر الفرات أهدافاً لكنها لم تصل إلى حد القول إنها ستسقطها.
وتعكس التطورات تصاعد المنافسة على المناطق التي يتراجع فيها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية داخل سوريا مما يجعل قطاعات من الأراضي متاحة للسيطرة ويطرح سؤالاً عما ينتظر السياسة الأميركية التي تستند أولاً وقبل أي شيء إلى أولوية القضاء على المتشددين.
وقالت الولايات المتحدة إن الطائرة العسكرية السورية التي أسقطتها يوم الأحد أسقطت قنابل قرب مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية وهو تحالف تدعمه واشنطن ويضم مقاتلين من العرب والأكراد يحارب لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة من الدولة الإسلامية.
وردت وزارة الدفاع الروسية يوم الاثنين بتعليق تعاون مع واشنطن يهدف لتفادي أي حادثة جوية في سوريا حيث تنفذ القوات الجوية الروسية ضربات دعما لجهود الأسد ضد مقاتلي المعارضة والدولة الإسلامية.
وقال الجيش السوري إن طائرته أسقطت بينما كانت تنفذ مهمة ضد الدولة الإسلامية.
لكن قوات سوريا الديمقراطية اتهمت الحكومة السورية يوم الاثنين بمهاجمة مواقعها بالطائرات والمدفعية والدبابات.
وقال طلال سلو المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية «إننا نؤكد بأن استمرار النظام في هجومه على مواقعنا في محافظة الرقة سيضطرنا إلى الرد بالمثل».
وتوغلت القوات الحكومية السورية هذا الشهر في محافظة الرقة من ناحية الغرب لكنها تفادت الصراع مع قوات سوريا الديمقراطية حتى آخر واقعة.
وقال القائد العسكري الموالي لدمشق وهو ليس سوريا وتحدث إلى رويترز طالباً عدم ذكر اسمه «قوات سوريا الديمقراطية متعجرفة. قد تقع مشاكل بينها وبين سهيل الحسن» في إشارة إلى ضابط سوري يقود حملة الحكومة في محافظة الرقة.
وقال يزيد صايغ وهو زميل كبير بمركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت «النظام (السوري) دائماً ما يختبر ويدفع الحدود».
«لا أعتقد أن الأميركيين يختبرون الخطوط الحمراء. إنهم يقولون: هذا خط أحمر بالنسبة الينا وإذا اختبرتموه فسنرد لكن هذا لا يعني أننا نغير الاستراتيجية الآن لأنهم يريدون أيضاً طمأنة الروس».

«رسالة واضحة» من إيران
وقالت الولايات المتحدة إن تحركاتها الأخيرة ضد القوات الحكومية السورية والجماعات المتحالفة معها كانت بهدف الدفاع عن النفس ووقف الهجمات على قوات التحالف بقيادة واشنطن أو حلفائها المحليين.
ومن بين هذه التحركات عدد من الضربات الجوية على القوات الموالية للحكومة التي تسعى للتقدم صوب قاعدة عسكرية أميركية في جنوب شرق سوريا قرب الحدود مع العراق حيث يدرب الجيش الأميركي مقاتلي معارضة يحاربون الدولة الإسلامية.
والمنطقة ذات أهمية استراتيجية لطهران فيما تسعى لتأمين ممر بري لحلفائها في العراق وسوريا ولبنان وتأسيس «هلال شيعي» للنفوذ يثير منذ وقت طويل قلق دول حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
واستهدفت الصواريخ التي أطلقها الحرس الثوري الإيراني يوم الأحد التنظيم المتشدد في محافظة دير الزور التي تصبح بوتيرة متسارعة آخر موطىء قدم للمتشددين في سوريا وأولوية عسكرية معلنة لحلفاء طهران في الحكومة السورية.
وكشفت الهجمات عن عمق الوجود العسكري الإيراني في سوريا إذ سمحت طائرات إيرانية بدون طيار انطلقت من مناطق محيطة بدمشق لقادة الحرس الثوري بتقويم الضرر الذي تسببت به الصواريخ على الفور.
وقال اثنان من كبار قادة الحرس الثوري إن الهدف من الضربات هو توصيل رسالة لمنفذي هجومين في طهران الأسبوع الماضي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنهما وراح ضحيتهما 18 شخصاً وكذلك أنصارهم.
ونقل الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي الإيراني عن أمير علي حاجي زاده قائد القوة الجو فضائية بالحرس الثوري قوله «أتمنى أن يفهم الإرهابيون وداعموهم الإقليميون والدوليون الرسالة الواضحة لهذا الهجوم».
وانطلقت ستة صواريخ يتراوح مداها بين 650 و700 كيلومتر من غرب إيران وحلقت فوق أراض عراقية وقصفت الأهداف في دير الزور.
وعرض التلفزيون الرسمي لقطات بالأبيض والأسود من الجو على موقعه الإلكتروني يوم الاثنين وقال إنها تظهر لحظة سقوط الصواريخ. وشوهد مقذوف يسقط على مبنى وسحابة من الدخان الأسود الكثيف تتصاعد بعد ذلك.
وأعاد التلفزيون الرسمي يوم الاثنين عرض لقطات فيديو لبداية الهجوم وظهر فيها عدد من الصواريخ تقطع السماء في الليل.
ودافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن الهجوم في تغريدة على تويتر يوم الاثنين. وكتب يقول «تحمي القدرة الصاروخية لإيران مواطنيها في دفاع مشروع عن النفس وتحرز تقدماً في الحرب العالمية للقضاء على داعش والإرهاب المتشدد».
لكن مسؤولين إيرانيين آخرين كانوا أكثر صراحة في تقويمهم للهجوم. ونقل الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي عن النائب الإيراني جواد كريمي قدوسي قوله «قبل أن يكون رسالة للإرهابيين فإن هذا الهجوم رسالة لداعمي الإرهاب في المنطقة…».

حق الدفاع عن النفس
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر «تصاعد القتال في ما بين الفصائل الكثيرة التي تنشط في هذه المنطقة لا يفيد أحداً. وينبغي للنظام السوري وللآخرين في النظام أن يدركوا أننا سنحتفظ بحق الدفاع عن النفس لقوات التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية».
وأعلن الجيش الأميركي أنه سيغير مواقع طائراته فوق سوريا لضمان سلامة الطواقم الجوية الأميركية التي تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستعمل لإبقاء خطوط الاتصالات مفتوحة مع روسيا في ظل التوترات الجديدة.
وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد إن الولايات المتحدة تعمل على استعادة خط اتصال مع روسيا بشأن مناطق «عدم الاشتباك» في سوريا والذي يستهدف تفادي وقوع حوادث عرضية فوق سوريا.
وذكر دانفورد أنه لا تزال هناك اتصالات بين مركز للعمليات الجوية الأميركية في قطر والقوات الروسية على الأرض في سوريا وأضاف «سنعمل على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري في الساعات المقبلة لإعادة العمل بمناطق عدم الاشتباك».
وأصدرت القيادة المركزية الأميركية بياناً قالت فيه إن الطائرة السورية المقاتلة كانت تسقط قنابل قرب قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة في مسعاها لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة.
وأضافت أن إسقاط الطائرة كان «دفاعاً جماعياً عن النفس» وأن التحالف تواصل مع السلطات الروسية عبر الهاتف من خلال خط «عدم الاشتباك من أجل تهدئة الوضع ووقف إطلاق النار».

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق