سياسة لبنانية

الحريري: نحن جميعاً حكومة ودولة وجيشاً في خدمة المواطن

رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، عصر امس، في السراي الحكومي، مصالحة بين عائلتي عبد الواحد ومرعب والمؤسسة العسكرية، وذلك في لقاء حضره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وزير الدفاع يعقوب الصراف، وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي، والنواب: خالد زهرمان، نضال طعمة وخضر حبيب، النائب السابق فارس سعيد، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء سعدالله حمد، الأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير، مفتي عكار الشيخ زيد زكريا بكار، وممثلون عن عائلتي المرحومين الشيخ أحمد عبد الواحد ومحمد مرعب وشخصيات دينية وفعاليات عكارية.

دريان
استهل الحفل بكلمة للمفتي دريان قال فيها: «أنا في غاية السرور والسعادة أن ألتقي، برعاية دولة الرئيس الحريري، مع أهلنا وأبنائنا وأخواننا وأخواتنا من عكار، التي لها في قلوب اللبنانيين محبة كبيرة، ونحن دائماً نعول على وحدة عائلاتنا، وعلى الاستقرار والأمن والسلامة والاطمئنان في كل مناطقنا اللبنانية. عكار عزيزة على قلوبنا، ونريد منها أن تكون منطقة حاضنة للأمن والاطمئنان، حاضنة للتسامح والعيش المشترك. لقاؤنا اليوم برعاية الرئيس الحريري، من أجل شد أواصر المحبة والمودة بين عائلاتنا، دولة الرئيس همه الدائم أن يكون الناس معاً بمحبة ووئام. قد يعترض مسيرتنا في بعض الأحيان، أثناء عيشنا المشترك، بعض المشاكل والأزمات والحوادث، ولكننا جميعاً علينا أن نتعالى على الجراح من أجل أن نكون كما أمرنا الله سبحانه وتعالى، معتصمين بحبله المتين».

الحريري
ثم تحدث الحريري فقال: «أهلاً بكم في السراي، التي هي بيت لكل اللبنانيين. أعرف أن الخسارة كبيرة جداً، خصوصاً للعائلة، فمهما فعلنا ومهما حاولنا أن نفعل، أنتم أكثر من تأثر بما حصل، وما وقع عليكم وقع علي، ولكن وجودنا مع بعضنا البعض ووقوفنا سوياً ومحبتنا هو وحده ما يمكن أن يخفف هذه الخسارة. ليس هناك من أمر يمكن أن يعيد شعور الأب أو الزوج حين يكون بين عائلته، ولكن محبة الناس هي التي يمكن أن تعوض، وخصوصاً عائلتكم الكريمة التي تكون إلى جانبكم. هذا ما عشته أنا وما أنتم تعيشونه اليوم».
وأضاف: «في نهاية المطاف، فإن المصالحة هي لوجه الله، وقد تكون من أحب الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، ولكم فيها أجر إلى يوم الدين بإذن الله. لذلك أشكركم كعائلة، لأنكم خطوتم هذه الخطوة الصعبة ولكنها باتجاه الصواب والوحدة لمصلحة بلدكم ومنطقتكم. فإعطاء البعض فرصة للانتقام لا يسيء إلا لما كان يسعى إليه الشيخ عبد الواحد رحمه الله».
وختم قائلاً: «لذلك نحن هنا لكي نطوي صفحة الماضي ونقول أن المستقبل هو لجيل الشباب الذين سيكونون إن شاء الله بمستوى والدهم وهذه العائلة الكريمة. واعتبروا أن لديكم أخاً اسمه سعد الحريري دائماً، وإن شاء الله تكون هذه المصالحة مباركة للجميع، ونقتدي بالأهل الذين هم بالفعل يقتدى بهم، فرحمه الله كان مثالا بالأخلاق والصفات الحسنة والصدق والصداقة، فرحم الله أمواتنا جميعاً».

تعقيب دريان
ثم عقب دريان بالقول: «أود أن أؤكد أننا في لبنان، في كل المناطق ولا سيما عكار، التي هي خزان الجيش اللبناني، ليس لدينا أي مشروع سوى مشروع الدولة القوية القادرة والعادلة. وأنا أعرف أن أهل عكار لن يكونوا إلا إلى جانب المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، وهم يعتبرون أنفسهم أنهم مع الجيش اللبناني كشخص واحد، وأملنا وأمل دولة الرئيس في هذا الأمر أن نظهر عكار كصورة للعيش المشترك ومثالاً لكل لبنان في المحافظة على الاستقرار والأمن».

شقيق عبد الواحد
بعد ذلك تحدث شقيق الشيخ احمد عبد الواحد الشيخ علاء الدين فتوجه إلى الرئيس الحريري قائلاً: «تعلمون مكانتكم في قلوبنا، حضرنا مع أفراد العائلة واضعين نصب أعيننا موقعكم الشخصي في هذه القضية. لقد وقفتم معنا منذ اللحظة الأولى موقفاً رجولياً، وأنتم يا دولة الرئيس تمونون علينا. نتمثل بحكمتكم وصبركم على مصابكم باستشهاد الرئيس رفيق الحريري».
وأضاف: «وبرعايتكم يا دولة الرئيس، ومباركة دار الفتوى، وعلى رأسها صاحب السماحة، وافقت عائلتا عبد الواحد ومرعب على المصالحة مع المؤسسة العسكرية التي نعتبرها الضامن الوحيد للسلم الأهلي في بلدنا، معاهدين محبي الشهيد الشيخ أحمد أن نبقى على عهده ونكمل مسيرته التي آمن بها واستشهد من أجلها. ونعاهدك أيضاً يا دولة الرئيس أن نبقى على نهج ودرب الرئيس الشهيد رفيق الحريري لإكمال هذه المسيرة التي تؤمن بالله وصون الوطن والذود عنه جنباً إلى جنب مع مؤسستنا العسكرية وسائر القوى الأمنية. إن مبادرتكم هذه ليست بغريبة عليكم، حيث قمتم بخطوات جبارة لإنقاذ وطننا وصونه والحفاظ عليه، وما نفعله اليوم هو جزء يسير من عطاءاتكم وتضحياتكم».
وختم قائلاً: «هناك من تسول له نفسه بأننا تنازلنا عن حقنا في هذه القضية، نعم تنازلنا وسامحنا في هذه القضية لأننا مسلمون، وإن المؤمن يصاب على قدر إيمانه، وتركنا القصاص من الجاني لله رب العالمين. نعم تنازلنا عن حقنا في هذه القضية من أجل الحفاظ على وطننا لبنان، ونقول: «ما في حدا أكبر من بلده». نعم، تنازلنا من أجل حقن الدماء كي لا ندع مجالاً للاستغلال بعيداً عن العنف والتطرف وحفاظاً على المؤسسة العسكرية التي هي منا ونحن منها».

الصراف
من جهته قال الصراف: «لا أستطيع إلا أن أشكر الرئيس الحريري على أمرين، الأول أنك ابن شهيد، تخاطب وتجمع أولاد شهداء وتقول لهم جرحي جرحكم وألمي ألمكم، فهذه بادرة عظيمة وتستحق كل احترام وتقدير. ثانياً أقول، وبصفتي ابن عكار، وأخ للأخوة المشايخ، أن تستضيف يا دولة الرئيس عائلتنا العكارية أمر كبير جداً. هذه المناسبة ليست مصالحة كما سبق أن ذكر، فلم ولن يكون هناك أي خلاف بين مؤسسة الجيش وأي مواطن لبناني، لا بل على العكس، هذه المؤسسة لا تحيا ولن تحيا بدون أدعيتكم وصلواتكم، وبدون دعمكم السياسي يا دولة الرئيس، وبدون ظل عمامتك يا سماحة المفتي».
وأضاف: «كل عائلة وكل رب عائلة يخطىء، والحمد الله أن ربنا يلهم ليس فقط السماح ولكن أيضاً الدعم والانفتاح والمحبة، واليوم موسم محبة، وما أجمل تكليل هذه المحبة بلقائنا بداركم».
وختم قائلاً: «أود أن أشكركم، ليس فقط بصفتي وزير دفاع، ولكن أيضاً بصفتي ابن عكار وأخ لكل يتيم من عكار».

رد الحريري
وفي الختام رد الحريري بالقول: «أود أن أشكر الجميع ممن أتى إلى هنا، وأؤكد أننا كدولة وكحكومة علينا مسؤوليات، بأن لا يتكرر الخطأ، هذا منهجنا الأساسي. لا شك أن الخسارة كانت كبيرة، ومن سيبقى مع هذه الخسارة هم بالدرجة الأولى أهله وأخوته، وكذلك المشايخ الأفاضل الذين واكبوا غضب الشارع والعائلة، كان لهم الدور الكبير في تهدئة البال والنصح بأن الكره والغضب لن يفيدا أحداً. الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية كلها في خدمة المواطن، وستكون في خدمة المواطن دائما. وما دمت أنا حيث أنا، سأبقى حريصاً على ذلك. نحن جميعاً، حكومة ودولة، في خدمة المواطن. أهل عكار هم الخزان الأكبر للجيش الذي أثبت بطولاته في معارك عدة دفاعاً عن الوطن والمواطن. هذه المصالحة ستكون إن شاء الله مباركة وتفتح بابا لتحسين الأداء في هذه المؤسسة وتجنب الأخطاء الكبرى، وتصبح مثالاً في التعامل بالمستقبل. وتأكدوا جيداً أنه لو كان الشهداء ينظرون إلينا ورأوا هذا المشهد، لن يكونوا إلا سعداء، لأنهم كانوا أصلاً لا يطالبون إلا بالسلام والسلم الأهلي».

مفتو لبنان ومصر والأردن
وكان الرئيس الحريري قد استقبل وفداً من المشاركين في المؤتمر الذي نظمته دار الفتوى اللبنانية بالتعاون مع مؤسسة «بيرغهوف» حول «دور المؤسسات الدينية الرسمية في تعزيز عملية السلام والحوار»، ضم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتي مصر الدكتور الشيخ شوقي علام، مفتي الأردن الدكتور الشيخ محمد الخلايلة، وكيل الأزهر الدكتور الشيخ عباس شومان وعدد من علماء الدين، في حضور الدكتورين رضوان السيد ومحمد السماك.
وجرى خلال اللقاء عرض لأهداف المؤتمر وأهمية الحوار بين الأديان في محاربة التطرف، ودور المؤسسات الدينية الرسمية في هذا الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق