رئيسيسياسة عربية

مصر: الغام «الدستورية» تربك الاخوان

مجموعة من الالغام تفجرت مجدداً في حضن جماعة الاخوان المسلمين التي ما زالت تعتقد بأن لديها القدرة على «اخونة» الدولة بجميع مفاصلها، وبصورة شبه كاملة. واللافت هنا ان الالغام التي تفجرت خلال ايام عدة فقط، وبصورة تبدو وكأنها دفعة واحدة، تركزت في المجالات الدستورية، وبما يمكن ان يكون ضربة قاتلة للمشروع الاخواني الذي اتكأت عليه الجماعة في كل اجراءاتها. والذي تخطط لان يكون سلاحها الرئيس في مواجهة الخصوم مستقبلاً.

اعضاء الجماعة الاسلامية، ورأس حربتها، الرئيس مرسي، فقدوا العديد من اسلحتهم، ويحاولون عبثاً حفظ توازنهم ومحاولة الامساك بدفة القيادة، وتوجيهها الوجهة الاقل خسارة. غير ان الواقع يؤشر الى عكس ذلك، وتحديداً الى خسارات متلاحقة للاوراق التي كانوا يمسكونها بين ايديهم. الامر الذي يطرح كماً من التساؤلات حول المستقبل. كيف سيكون؟ وهل هناك اية اوراق يمكن اللعب بها في «الوقت الضائع»؟
ابرز تلك الالغام قرار المحكمة الدستورية القاضي بتثبيت حق الترشح والانتخاب لمنتسبي القوات المسلحة والاجهزة الامنية. القرار الذي اثار ازمة اخوانية يعتقد محللون انه يصعب عليهم فك عقده، وأسس لحالة جدلية تمثلت برفض الاخوان للقرار، وتأييد المعارضة له. فقد رفضت المحكمة الدستورية مشروع قانون إنتخاب مجلس النواب، ومباشرة الحقوق السياسية، وبررت الرفض بأن القانون حرم الجيش والشرطة من التصويت وقامت بتثبيت ذلك الحق، الامر الذي اثار عاصفة من الجدل تمثلت باعتقاد البعض، وخصوصاً القوى الاسلامية بأن إشراك القوات المسلحة أو جهاز الشرطة في العملية السياسية يضر بالأمن القومي المصري، ويبذر الشقاق والتحزب في صفوف الجيش، وبالتالي فإنه مرفوض.
وفقاً لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فإن السماح للجيش والشرطة بالتصويت والترشح في الإنتخابات يضر بالأمن القومي المصري. ووصف قياديون في الحزب القرار بـ «الكارثة الكبرى»، وتوقعوا ان يؤدي إلى فوضى سياسية في البلاد.

احتجاجات اخوانية
وبحسب قياديين اخوانيين فإن عمليات التصويت أو الترشح وما يتبعها من دعاية إنتخابية لا يمكن أن تجرى داخل الثكنات العسكرية أو أقسام الشرطة ومديريات الأمن. وبالتالي هناك تساؤلات مضمونها: كيف سيقوم الناخب بالدعاية لنفسه في المؤسسة العسكرية والشرطة؟ وكيف يسمح للشرطة والجيش بتأمين الانتخابات في الوقت نفسه لهما مع حق التصويت؟ وخلصت وجهة النظر تلك الى ان الخطوة تمثل إزدواجية خطرة على العملية السياسية، وتمس بنزاهة الإنتخابات.
وأشاروا إلى أن الدستور لم ينص على ذلك، وانه عندما أكد على حق المواطنة والمساواة بين المواطنين، كان هناك استثناء في القانون يعمل به منذ عهد مبارك وفي دستور 1971، ويقضي بعدم أحقية الشرطة والجيش في التصويت على اعتبارهما جهات حساسة، ودورهما الانحياز للشعب وليس لحساب جهة أو تيار سياسي معين.
ولفت قياديون من الاخوان إلى أن السماح بتصويت الجيش والشرطة في الانتخابات يمثل خطورة في الانتخابات الرئاسية، خصوصاً في حالة ترشح شخصية عسكرية من الجيش أو القوى الأمنية. واشاروا الى ان اياً من المؤسستين سوف ترجح كفة مرشح على آخر، ما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص. واتهموا المحكمة الدستورية بالتربص بالمؤسسات المنتخبة، منذ وصول الرئيس محمد مرسي الى الحكم.
وفي الجانب الآخر، رحبت بعض القوى السياسية الليبرالية بتوصيات المحكمة الدستورية بالسماح للجيش والشرطة بالتصويت والترشح. وقالت جبهة الإنقاذ المعارضة، إن تصويت أفراد وضباط القوات المسلحة وجهاز الشرطة حق أصيل من أهم حقوق المواطنة، واشارت إلى أنهم كانوا يتمتعون بهذا الحق حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضي. والى ان قرر الرئيس السابق محمد حسني مبارك الغاء هذا الحق.
وجاء في بيان للمعارضة ان الثورة قامت ضد كل مظاهر الفساد في عهد مبارك، بما فيها الفساد التشريعي. وأن جماعة الإخوان والأحزاب الإسلامية ترفض تصويت قوات الجيش والشرطة في الإنتخابات خشية التصويت ضد مرشحيها في أي إنتخابات، لا سيما في ظل إنخفاض شعبيتها في هذه الأوساط.

اللغم الثاني
اما اللغم الثاني، فيتمثل بقرار المحكمة الدستورية العليا – اعلى محكمة مصرية-، بعدم دستورية قانون مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه الاسلاميون، والذي يتولى سلطة التشريع بصفة مؤقتة، بالاضافة الى قانون معايير الجمعية التأسيسية للدستور والتي وضعت دستور البلاد. وقالت المحكمة الدستورية العليا في قرارها ان القانون الذي اجريت على اساسه انتخابات مجلس الشورى غير دستوري، وهو ما ينطبق ايضاً على القانون الذي اختير على اساسه اعضاء الجمعية التأسيسية للدستور التي صاغت دستور البلاد.
وقال المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة الدستورية العليا وقاضي تلك القضية، ان «مجلس الشورى سيظل في موقعه حتى انتخاب مجلس نواب جديد ولكن دون ان تكون له سلطة التشريع. وكان عدد من المحامين اقاموا دعاوى قضائية ضد مجلس الشورى معترضين على القانون الذي اجريت على اساسه الانتخابات».
واجريت انتخابات غرفتي البرلمان المصري (مجلس الشعب ومجلس الشورى) وفق قانون الانتخابات عينه، والذي حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي، ما ادى الى حل البرلمان المصري الذي سيطر عليه الاسلاميون حينذاك ايضاً. وصاغت الجمعية التأسيسية للدستور، والتي سيطر عليها الإسلاميون، دستور البلاد. وانسحب ممثلو القوى المدنية من الجمعية بحجة تعنت الاسلاميين وعدم الاخذ بمقترحاتهم. واقر الدستور المصري في استفتاء على مرحلتين في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. في سياق مواز، أعلن عدد من الأحزاب السياسية الإسلامية والمدنية تشكيل حكومات ظل لمواجهة فشل حكومة الدكتور هشام قنديل، والضغط على الرئيس محمد مرسي لتغييرها. أما الأسباب فقد اختلفت من حزب الى آخر، حيث اتخذت الأحزاب الإسلامية التي كانت مساندة لمؤسسة الرئاسة ولحزب الحرية والعدالة هذه الخطوة رداً على عدم اختيار أعضاء منها في التعديل الوزاري المحدود الأخير، مثل حزب الوطن السلفي، في حين أعلنت جبهة الإنقاذ تشكيل حكومة موازية كخطوة لزيادة شعبيتها وتقديم نفسها كبديل لحكم الإخوان.
أما حزبا الوسط وغد الثورة فيحاولان تشكيل حكومة ظل تحسباً لحصولهما على عدد مقاعد برلمانية تمكنهما من المشاركة في الحكومة المقبلة.

القاهرة – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق