الأسبوع الثقافيثقافة

اللوفر يفتح ابوابه لعهد الفن الهولندي الذهبي و«بائعة الحليب» ضيفة الشرف

افتتحت الأربعاء في متحف اللوفر بباريس معارض مخصصة للفن الهولندي في عهده الذهبي تتضمن سلسلة من أشهر اللوحات لا سيما لفيرمير ولرامبرانت، والتي لم يسبق أن تعرض في متحف كبير.
 
افتتح متحف اللوفر الأربعاء في باريس معارض لقرابة 30 من أشهر لوحات مجموعة ليدن (التي تعتني منذ 2003 بأعمال رسامي مدينة ليدن الهولندية). فتعرض أعمال رامبرانت، أحد كبار أساتذة فن الرسم في الغرب، وأيضاً جان ستين وجان ليفينس وفرانس فان مياريس وجيرار دو.. دون أن ننسى فيرمير.
كان لرامبرانت أثناء حياته شأن كبير، واشتهر بلوحات متعددة الشخصيات كان قد برع في إضفاء الحياة عليها عبر استخدام منقطع النظير لتأثيرات الضوء، ووضع الألوان بحرية ليعكس الحالة العاطفية والنفسية. واشتهر أيضاً باستعمال ماء الذهب في بعض اللوحات. وعالج رامبرانت مواضيعه بأسلوب مسرحي انفعالي وصور نفسه في لوحات متعدده تعبر عن شخصيته في مراحل حياته الطويلة والتغيرات التي مرت به وظهر بلون أصفر قاتم.
وتأتي هذه المعارض التي تتيح للعين فرصة التمتع بأبرع ما صنع في فن «المشاهد القصصية»، ضمن موسم مخصص للقرن الذهبي الهولندي. امتدت هذه الفترة من تاريخ هولندا من 1584 إلى 1702 وكانت فيها البلاد أول قوة تجارية في العالم في وقت كانت فيه باقي أوروبا تتخبط في غياهب الركود والتقهقر الاقتصادي. وخلال القرن الذهبي جلبت هولندا إليها العديد من الأشخاص من مختلف الآفاق حيث كان فيها العمل متوفرا وحرية الرأي والمعتقد مضمونة. وتحولت في تلك الفترة البلاد إلى مركز للعلوم والفنون، مع تأسيس جامعة ليدن، يقيم فيها الأدباء والمثقفون وتزدهر فيها الطباعة والنشر والتعليم.
يشكل هذا المعرض في اللوفر سابقة لمجموعة ليدن التي لم تدخل يوماً متحفاً كبيراً رغم أنها أعارت 170 مرة لوحات لأعرق المؤسسات الأوروبية والأميركية واليابانية. ويقول توماس كابلان صاحب المجموعة «اتخذنا قراراً مدروساً بعمق. لا يجب أن نعيش مع الفن الذي نجمعه، بل يجب أن نجعله مفتوحاً أمام الجمهور».

تفضيل اللوفر على 14 متحفاً
بل وذهب رجل الأعمال النيويوركي إلى أبعد من ذلك مع متحف اللوفر إذ أهداه عملاً فنياً كبيراً يتمثل في لوحة «إيليازار وريبيكا قرب البئر» لفيردينان بول وهو أمهر تلامذة رامبرانت. وأصل الحكاية أن كابلان ربح صفقة بيع لوحة فيردينان بول دون أن يعلم ضد اللوفر في مزاد علني. فيقول «اللوفر هو متحفنا المفضل فلدينا بيت في باريس ونحن نعشق فرنسا»، لذلك اختار كابلان أن يهدي اللوحة للمتحف الفرنسي في حين تمتد شبكة علاقات مجموعة ليدن إلى 14 متحفاً عبر العالم.
واشتهر رامبرانت بالقوة التعبيرية لنظرته التي تتميز بها أعماله ولوحاته الشخصية، بالإضافة إلى معرفته العلمية بنظريات النور والعتمة، وكذلك القيم الإنسانية النبيلة لأفكاره وتأملاته الشخصية حول الإنسان.

«بائعة الحليب» ضيفة شرف
من جهة أخرى وإلى جانب معرض «أشهر لوحات مجموعة ليدن – قرن رامبرانت»، يمكن للزوار أن يختتموا الموسم الهولندي بمعرض مخصص لفيرمير فيه نسج للتأثيرات التي تربط المعلم بشبكة من الفنانين أبدعوا في رسم «المشاهد القصصية» عن الحياة اليومية والتي كانت في أوجها في أواخر القرن السابع عشر. ويعتبر فيرمير من أهم فناني ذلك القرن في أوروبا، وولد في بلدة دلفت التي رسم منها مشهدا طبع التاريخ كأحد أجمل اللوحات (منظر لدلفت). ورغم قلة الأعمال التي تركها ومن أهمها لوحات مشاهد داخلية وبعض البورتريهات، فإنها تحمل كلها النظرة الداخلية الباطنية التي تميز بها فيرمير.
«الرسالة»، «صانعة المخرمات»، «الجغرافي»، «بائعة الحليب».. تعرض 12 لوحة زيتية، أي ما يمثل ثلث أعماله المعروفة، في اللوفر وسط 70 لوحة إجمالاً لعديد الفنانين المهمين على غرار جيرار دو وجيرار تربورغ وجان ستين وبيتير دي هوخ وغابرييل ميتسو. وتحولت الأيقونة «بائعة الحليب» لفيرمير رمزاً لهولندا. فإلى جانب لوحة «فتاة ترتدي قرطاً من اللؤلؤ» الملقبة بـ «موناليزا الشمال» «اكتسبت بائعة الحليب مكانة هامة في المخيلة الجماعية وليس فقط الهولندية» وفق بليز دوكو أحد منظمي المعرض. فكان لـفيرمير اهتمام كبير بالطبيعة الجامدة للأشياء، ووظف لأجل ذلك موهبته في التعامل مع التأثيرات الضوئية، وطريقته المتقنة في إبراز التفاصيل والبنية المادية للأشياء وكذلك حرصه الدائم على توافق سلم الألوان.
ويحتفظ بـلوحة «بائعة الحليب» في متحف «ريجكسموزيوم» بأمستردام، وهي لوحة لا تسافر كثيراً ولم تعرض في باريس منذ 1966. وحلولها في العاصمة الفرنسية فرصة للزوار لاكتشافها أو إعادة التمتع بدقة تدرج الضوء والظلال في طياتها، فهي لن تتبع اللوحات الأخرى عند انتقال المعرض إلى «الناشيونال غاليري» بدبلن (17 حزيران/يونيو 17 ايلول/سبتمبر 2017) ولا «الناشيونال غاليري أوف آرت» بواشنطن (22 تشرين الاول/أكتوبر 2017/21 كانون الثاني/يناير 2018).

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق