رئيسيسياسة عربية

نفط ونهب… هل أصبح «داعش» على حافة الإفلاس؟

انخفضت عائدات تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال سنتين إلى نصف ما كانت عليه حسب تقرير جديد عن الوضع المالي للتنظيم. ويرتبط هذا التقهقر مباشرة بالصعوبات العسكرية التي يواجهها التنظيم المتطرف وفقدانه المزيد من الأراضي.

لا تقتصر الصعوبات التي تواجه تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي على المجال العسكري، إذ تتقلص عائداته المادية بسرعة مذهلة في حين يحاول الحفاظ على النفوذ في مدينة الموصل حيث تواجهه القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي.
وانخفضت هذه العائدات إلى النصف في ظرف سنتين، حسب تقرير «المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي»  ICSR (التابع لكلية كينغ في لندن) قدم خلال مؤتمر ميونيخ للأمن (ألمانيا) يوم السبت 18 شباط (فبراير).
كانت العائدات السنوية للتنظيم الجهادي في 2014 تتراوح بين 970 مليون و1،8 مليار دولار في حين صارت في 2016 منحصرة بين 520 و870 مليون دولار حسب تقديرات جاءت في تقرير بعنوان «تراجع الخلافة: تقديرات للوضع المالي للدولة الإسلامية». ويفسر التقرير الفارق الكبير بين المبالغ الراجعة لعام واحد بـ «التغييرات الكبيرة في التقديرات فمن المستحيل أن نضبط بالتحديد المبالغ التي يملكها التنظيم الإرهابي».

ضرائب ونفط ونهب
ويقول جون هولاند-ماكوان، وهو أحد معدي التقرير، لفرانس24 «إذا كان من الصعب أن يكون تقويم الوضع المالي للحركة دقيقاً، فإننا متأكدون في كل الأحوال من اتجاهها العام وهو الانخفاض الهام لعائدات المال».
من جهته يؤكد أيمن جواد التميمي لفرانس24، وهو مختص في الشبكات الإرهابية وباحث مشارك في مركز «هرتزليا» المتعدد الاختصاصات في إسرائيل وفي «منتدى الشرق الأوسط» الأميركي، أن «تراجع عائدات تنظيم الدولة الإسلامية حقيقي ويظهر ميدانياً عبر تقلص الامتيازات التي كان يحظى بها المقاتلون على غرار التمتع بالكهرباء والحق في استخدام عربات». وتأتي عائدات التنظيم المتطرف أساسا من الضرائب والنهب والنفط وبدرجة ثانوية من فديات مقابل إطلاق سراح رهائن.
ويصيب هذا النزيف خصوصاً عائدات «النهب والغرامات والحجوزات». فحسب المعطيات التي جمعها باحثو «المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي»، كان التنظيم الإرهابي قد استمد من هذه الممارسات ما بين 500 مليون و1 مليار دولار في 2014 مقابل 200 مليون دولار فقط على أقصى تقدير في 2016. ويبرهن هذا التقهقر على مدى ارتكاز النظام الاقتصادي للتنظيم على السيطرة على الأراضي وأيضاً على التوسع الذي يمكنه من الاستيلاء عليها وسلبها.
وتشكل هذه المعلومات الجديدة من جهة أخرى سبباً إضافياً للصعوبات العسكرية التي يواجهها التنظيم المتطرف في مواجهة جهود التحالف الدولي. فيقول أيمن جواد التميمي «لا شك أن التراجع المالي مرتبط بشكل كبير بخسارة الأراضي وبالضربات الجوية» التي أضرت بالتجهيزات النفطية الواقعة تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وكان ذلك متوقعاً، ففي أيار (مايو) 2016 نشر «مركز تحليل الإرهاب» CAT تقريراً يفيد بأنه رغم أن النكسات العسكرية للتنظيم قد أضعفت نظامه الاقتصادي فإن التحالف الدولي لم ينجح في إفراغ جيوبه بالكامل. ويقول جون هولاند-ماكوان «في الواقع كانت عائدات تنظيم الدولة الإسلامية قد ازدادت عام 2015 رغم التراجع الميداني ما يفسر ارتفاعاً قوياً في عائدات الضرائب الراجعة لتركيز إدارة أكثر تنظيما في المراكز الحضرية”. لكن لن يجدي ذلك على المدى الطويل ويشهد على ذلك التهلهل الاقتصادي التدريجي للتنظيم بعد سنتين من النكسات في العراق وسوريا.
وقد يتدهور الوضع المالي لتنظيم «الدولة الإسلامية» أكثر في حال فقد السيطرة على الموصل. فتعتبر معركة النفوذ على هذه المدينة الواقعة في شمال العراق، والتي بدأت في تشرين الأول (اكتوبر) 2016، حاسمة على المستوى الاقتصادي حسب خبراء «المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي». فيقول جون هولاند-ماكوان «قد تشكل خسارة الموصل نكسة مالية كبرى للتنظيم الإرهابي لأن المدينة هي مركز تجاري مهم ولا تزال تشمل حتى اليوم أكثر من مليون نسمة».

لا تأثير مباشراً على التهديد الإرهابي
أمام تراجع عائداته، يبدو أن التنظيم يواجه صعوبات في إيجاد حلول بديلة. فصحيح أن تنظيم «الدولة الإسلامية» قد رفع الضرائب في الأراضي التي يسيطر عليها لكن لا شيء يؤشر على نجاحه في تنويع موارده وفق ما أكد الخبراء الذين اتصلت بهم فرانس24. وعلى عكس حركات إرهابية أخرى «يرفض تنظيم الدولة الدولة الإسلامية فتح المجال أمام هبات خارجية فيبقى بذلك مخلصاً لتعاليم تنظيم القاعدة في العراق (والذي تفرع عنه تنظيم «الدولة الإسلامية») الذي كان يوصي بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي مالياً» وفق خبير «المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي».
وكل هذه المعطيات تدفع معدي تقرير «المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي» إلى الإقرار بأن النظام المالي للتنظيم قد فشل. لكن هذا التدهور المالي لن يمنع التنظيم المتطرف من إعداد هجمات إرهابية في الخارج. وهذه النقطة الأخيرة هي المشكلة الأساسية في الملف الاقتصادي التي تعقد الحرب ضد الجهاديين. فيوضح جون هولاند-ماكوان «الاعتداءات الإرهابية المرتكبة في الغرب لا تكلف غاليا وهي عموماً ممولة» من المنفذين.
ويتابع الخبير أنه بتفقير تنظيم «الدولة الإسلامية»، يحد التحالف خصوصاً من «قدرة التنظيم على التحرك في العراق وسوريا والمضي في زعزعة المنطقة، وذلك في حد ذاته أمر جيد». ويضيف أنه من المهم أن على الدول، إن شاءت تفادي هجمات إرهابية، أن تستهدف رسالة التنظيم المتطرف ولا تكتفي بمحاربته اقتصادياً.

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق