سياسة لبنانيةلبنانيات

الدبلوماسية غير مستعجلة والمجلس النيابي متنازل عن مهامه والوزراء يتصرفون بلا حسيب او رقيب

لم تتوصل الدبلوماسية حتى الساعة الى هدنة توقف القتال في غزة، ولو لفترة، يتم خلالها التقاط الانفاس، واطلاق عدد من الرهائن لدى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. فهل هي عاجزة ام انها غير جدية، تاركة الامر قيد المراوحة حتى تحقيق اهداف معينة؟
على الرغم من الضغوط التي تمارس على اسرائيل لوقف قتل الابرياء في غارات متواصلة ومتنقلة بين المناطق في غزة، يدير رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو الاذن الصماء، ويواصل الحرب وقتل المدنيين بحيث فاق عدد الضحايا 32 الفاً. وفي كل يوم يرتفع العدد بالعشرات واحياناً بالمئات، رغم استمرار المفاوضات التي تجري في الدوحة ويحضرها الجانب الاسرائيلي وممثلون عن حماس. وقد وصفت هذه المفاوضات بالصعبة والمعقدة، وقد ينتهي شهر رمضان دون التوصل الى الهدنة المنشودة.
اما الجنوب اللبناني المرتبط بحرب غزة، فقد فشلت كل الوساطات في فك هذا الارتباط، واستمر القصف المتبادل بين جيش العدو الاسرائيلي وحزب الله. تهدأ الاشتباكات حيناً لتستأنف الطائرات الحربية الاسرائيلية غاراتها على البلدات الجنوبية، وصولاً الى البقاع، موقعة الاصابات البشرية ومدمرة العديد من المنازل. ويرد حزب الله على هذه الاعتداءات مستهدفاً نقاطاً عسكرية للعدو ومحققاً فيها اصابات مباشرة. وتتواصل الجهود لاعادة الهدوء الى هذه المنطقة وتطبيق القرار 1701، الا انها فشلت في محاولاتها حتى الساعة، مما يوحي بتصاعد الخطر على لبنان.
ويقول رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اننا ما زلنا ضحايا العدوان الاسرائيلي، الذي يواصل انتهاك القانون الدولي، من خلال استهداف المدنيين والبنية التحتية، ويستمر في التدمير المتعمد للنظم البيئية الطبيعية والزراعية، وفي ظل الاضطرابات الناجمة عن زعزعة الاستقرار الاقليمي والعالمي، حيث اصبح السلام اكثر عرضة للخطر من اي وقت مضى.
على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية لا تزال ابواب المجلس النيابي مقفلة بوجه النواب، وهذا يعني ان الظروف لم تنضج بعد لتنفيذ هذا الاستحقاق. وهذا معيب بحق السياسيين اللبنانيين، لانهم لو احترموا الدستور لما انتظروا الظروف ولا الوساطات الخارجية، ولكانوا توجهوا الى المجلس النيابي وطبقوا الدستور، ولا يغادرون الا بعد انتخاب رئيس. ولكن هذا المجلس معطل منذ انتخابه قبل حوالي السنتين. لذلك فان التحرك الذي تقوم به اللجنة الخماسية هو من اجل تمضية الوقت، بانتظار ان يحين اوان الانتخاب. ولو كانت لديها معطيات، لما ارجأت اتصالاتها بالكتل السياسية الى ما بعد الاعياد، بل كانت كثفت جولاتها للوصول الى النتيجة المنتظرة. من هنا يمكن القول ان كل ما يحصل اليوم على هذا الصعيد هو مجرد تقطيع للوقت. ويبقى التأكيد ان المسؤولية اولاً واخيراً تقع على عاتق السياسيين اللبنانيين الذين تؤكد الوقائع انهم ليسوا على قدر المسؤولية.
فالمجلس النيابي الذي رفض انتخاب رئيس للجمهورية رغم الظروف المصيرية التي يمر بها البلد، والتي تحتم ان يكون على رأس السلطة، رئيس يتولى القيادة لمواجهة القضايا الكبيرة، هذا المجلس تخلى عن جميع مهماته. فهو بصفته هيئة انتخابية لا يستطيع ان يشرع وتستغل حكومة تصريف الاعمال، وهي نصف حكومة، تفلتها من رقابة المجلس النيابي لانها مستقيلة وتصرف الاعمال، فينصرف وزراؤها او بعضهم الى التصرف على هواهم، دون رقيب او حسيب. فوزارة الاتصالات دأبت منذ تشكيل هذه الحكومة على جلد المواطنين، وكأنها تريد ان تمنع الاتصال في ما بينهم. فبعد الهدر الذي طبع اعمال هذه الوزارة، عمد المسؤولون فيها الى فرض رسوم باهظة جداً. ولحقت هذه الزيادات الانترنت والهاتف الارضي والخليوي. ولكنها لم تكتف بذلك. فبعد ان استوعب المواطنون هذه الزيادات على مضض، عمدت اليوم الى فرض زيادة جديدة كبيرة على الهاتف الارضي دون اي مبرر او تبدل في الاوضاع. فمن المسؤول ومن يحاسب هذه الوزارة واين المجلس النيابي الذي يعطيه القانون الحق بمنع اي زيادة دون موافقته؟ ان غيابه اعطى هؤلاء الفرصة ليزيدوا من قهر المواطنين. منذ مدة وجهت الجهات المعنية اتهامات الى ستة وزراء تعاقبوا على وزارة الاتصالات وضيعوا على الخزينة اكثر من مئة مليون دولار. فلو ان المسؤولين في هذه الوزارة يستعيدون هذه الاموال، لما كانت هناك حاجة الى مد الايادي الجشعة الى جيوب اللبنانيين، التي تمزقت من كثرة ما امتدت الايادي اليها. فمن يحاسب هؤلاء؟ والى متى سيبقى هذا الظلم يطارد المواطنين في لقمة عيشهم؟… والسؤال الاهم الى متى سيبقى هذا الشعب راكعاً مستسلماً امام طبقة جشعة، دمرت البلد وهي مستمرة في اطماعها، دون ان تحسب له حساباً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق