رئيسيسياسة عربية

سقوط حلب هل يضع إيران على أعتاب «هلال شيعي» من النفوذ؟!

لعبت إيران دوراً محورياً في حملة الرئيس السوري بشار الأسد لسحق مقاومة المعارضة وهي الآن قريبة من إقامة «هلال شيعي» من النفوذ الإقليمي يمتد من الحدود الأفغانية إلى البحر المتوسط.

لا يوجد شك يذكر في أن السيطرة على حلب بعد سنوات من القتال وعلى حساب آلاف الأرواح ستجعل الأسد في منعة من هجمات المعارضة التي تسعى جهدها لإنهاء حكمه. ومن غير المرجح أن يتسنى انتصار من هذا القبيل من دون إمداد إيران المستمر للأسد بالمقاتلين الشيعة والمال والسلاح.
وظهر بجلاء الدور المركزي الذي تلعبه الدولة ذات الأغلبية الشيعية – والقوة التي تتمتع بها – يوم الأربعاء عندما تأجل إخلاء الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة بعدما قال مسؤولون من المعارضة إن طهران وضعت شروطا جديدة.
وذكرت مصادر من المعارضة والأمم المتحدة أن إيران طالبت بإجلاء متزامن للمصابين من قريتين تحاصرهما المعارضة.
وتضع الحرب الأهلية الأسد المدعوم من روسيا وإيران في مواجهة جماعات معارضة تساندها الولايات المتحدة وقوى عربية خليجية وتركيا.
ولم تساعد مشاركة إيران منذ أكثر من خمس سنوات – في البداية عن طريق توفير المستشارين العسكريين ثم تدريب وتسليح ميليشيات شيعية – في تشكيل الصراع السوري فحسب وإنما عززت نفوذها في أنحاء المنطقة.
فللمرة الأولى أمكن لطهران ممارسة سلطتها على مساحة واسعة في الشرق الأوسط تمتد عبر العراق وسوريا إلى لبنان – وهو قوس نفوذ كانت قوى عربية سنية تحذر منه منذ سنوات.
وقال هلال خشان أستاذ الدراسات السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت «نعرف أن الإيرانيين صبورون للغاية. هم لا يتوقعون مكافآت فورية. لذلك ثابروا ويحصدون ثمار صبرهم».
«لا يخالجني شك في أن هذا القوس أو الهلال الشيعي سيتشكل. الإيرانيون سينشئون دائرة نفوذهم من العراق حتى لبنان».

البحر المتوسط
هذا ليس فقط بسبب السقوط الوشيك لحلب ولكن أيضاً جراء المكاسب التي حققتها الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد – وهي حليف وثيق لطهران – في معركة استعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقاتل الآلاف من مقاتلي الفصائل الشيعية المسلحة الذين دربتهم إيران إلى جانب الحكومة في العراق. وبعضهم قاتل بالفعل في سوريا لدعم الأسد وتعهد بالعودة إذا لزم الأمر.
وفي العراق يقاتلون للسيطرة على تلعفر وهي مدينة بين الموصل والحدود الغربية للعراق مع سوريا والتي – إذا استعيدت – فستسمح لإيران بوصول عسكري دون عوائق تقريباً حتى البحر المتوسط.
ولإيران بالفعل قدر كبير من النفوذ في لبنان حيث لديها علاقات تاريخية عميقة مع الطائفة الشيعية وتمول حزب الله أقوى حركة سياسية وعسكرية في البلاد والتي تقاتل أيضاً في سوريا دعما للأسد.
ومن شأن إقامة «هلال شيعي» أن يمنح طهران نفوذاً سياسياً هائلاً في المنطقة في ظل تنافسها المرير مع الرياض ويسمح لها بحماية الطوائف الشيعية في هذه البلدان.
كما سيمثل تهديداً عسكرياً لإسرائيل عن طريق سوريا ولبنان اللتين يعتبرهما المسؤولون الإيرانيون رادعاً لأي عدوان تجاه إيران.

القادة العسكريون الإيرانيون
يقول دبلوماسيون ومحللون إن إيران بدأت منذ فترة مبكرة ترجع إلى 2012 تسليح وتدريب ودفع أموال لآلاف المقاتلين الأفغان والباكستانيين وكذلك لمسلحي حزب الله من لبنان للقتال إلى جانب الأسد.
وهؤلاء المقاتلون الذين يشرف عليهم قادة الحرس الثوري الإيراني المتمرسون الذين اكتسب بعضهم خبرة تعود إلى الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي تمكنوا في مناسبات عديدة من عرقلة تقدم قوات المعارضة السورية.
ومن بين هؤلاء القادة قاسم سليماني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني – الذراع المسوؤلة عن العمليات خارج إيران – الذي ترددت أنباء عن التقاط صور له على جبهات القتال في العراق وسوريا في السنوات الأخيرة.
ونقل دبلوماسي غربي عن مقاتلي المعارضة قولهم إنه عندما كان للقادة العسكريين الإيرانيين وجود على الأرض كان أداء الجيش السوري أفضل.
وكان لقرار إبقاء كبار القادة العسكريين الإيرانيين على الجبهة ثمن إذ قتل ما لا يقل عن ستة جنرالات إيرانيين في سوريا. لكن باستخدام مقاتلي الفصائل الشيعية المسلحة من دول أخرى تمكنت طهران من إبقاء العدد الإجمالي للقتلى الإيرانيين منخفضاً.

تهديد وجودي
وفي المقابل تمكن الحرس الثوري والزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي من إقناع المواطنين الإيرانيين بالحرب.
وراحت مؤسسات إخبارية محافظة قريبة من الحرس الثوري تنشر موضوعات عن التهديد الوجودي الذي تمثله الدولة الإسلامية والحاجة لقتال التنظيم في سوريا منذ أعلنت إيران عن دورها في الصراع في 2012.
وفي وقت سابق هذا العام قال خامنئي إنه إذا لم تشارك إيران في الحرب في سوريا لحاربت العدو نفسه داخل الجمهورية الإسلامية.
ودأب المنشدون الإيرانيون المعروفون بالمداحين على الإشادة بالمقاتلين الشيعة المتجهين إلى سوريا والعراق الذين عرفوا «بالمدافعين عن الضريح» في مقاطع مصورة نشرت على الإنترنت وحظيت بشعبية واسعة.
وفي معرض طهران للكتاب في أيار (مايو) قام الزوار بالتقاط صور لأنفسهم وهو يضعون خوذة وحزاماً ذخيرة على خلفية صورة لمدينة مقصوفة تشبه حلب.
وقال الدبلوماسي الغربي «من الأسهل للحكومة أن تروج لحرب ليست ذات شعبية كبيرة أو ضرورية ما دام الدم الذي يسال فيها ليس إيرانياً في المقام الأول. وبإسنادها (لمقاتلين آخرين) فقد أبقوا الألم بعيدا عن معظم الإيرانيين».

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق