أبرز الأخبار

الجلبي ونجم الاوفر حظاً في خلافة المالكي، والازمة العراقية على اعتاب التدويل

حتى اللحظة يبدي نوري المالكي تشبثه بمنصب رئيس الوزراء، ويسعى جاهداً للحصول على تجديد لولاية ثالثة. ويواصل المالكي توجيه الاتهامات لاطراف اقليمية بالتدخل في شؤون العراق. ويهدد ويتوعد بحشد جيش من المتطوعين من اجل اعادة تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش بمساندة مجموعات قتالية متعددة المشارب، وترفض حكم المالكي.

في الاثناء، بدأت قوى دولية بمد يدها الى الساحة العراقية، اما تلويحاً بتدخل، أو رفضاً لمشاريع سياسية وامنية ترغب اطراف أخرى بالتاسيس لها على الساحة. الامر الذي فسره محللون بانه مشروع لتدويل الملف، وفتحه على كل الاحتمالات. ولكن وسط معلومات عن خلافات داخلية في قوى الثورة حيث يتمسك تنظيم داعش بفرض توجهاته على المجموع وخصوصاً في مجالات ادارة شؤون «المناطق المحررة».
فبعض التقارير تشير الى تعمق الخلافات، وصولاً الى عمليات اختطاف واعتقال ومواجهات بين مسلحي تنظيم دولة العراق والشام الاسلامية «داعش» وتنظيم جيش النقشبندية بزعامة نائب الرئيس العراقي السابق عزة الدوري والجيش الاسلامي في العراق وجيش انصار السنة بسبب محاولات داعش الهيمنة على المشهد العسكري وفرض سيطرته الكاملة على ساحات المواجهات العسكرية واخضاع الجماعات المسلحة الاخرى لإرادته وممارساته على الارض.
من ذلك ما حدث في محافظة كركوك، حيث استمرت الاشتباكات بين تنظيمي داعش وجيش النقشبندية في عدد من قرى ناحية الرياض جنوب غرب المحافظة في تنافس على كسب مواطئ قدم على الارض، واثر اعلان داعش مصادرة السلاح من جميع التنظيمات المسلحة الأخرى وعدم السماح لها بأي نشاط الا بعد مبايعتها.

قتلى وخطف
وقتل في هذه الاشتباكات 17 مسلحاً من عناصر التنظيمين بينهم 9 من افراد جيش النقشبندية و8 من عناصر داعش الذي قام ايضاً بإختطاف أحد قياديي النقشبندية، وهو عضو بقيادة قطر العراق لحزب البعث المنحل قرب منطقة حمرين جنوب كركوك.
وعلى الصعيد نفسه، اكد مصدر أمني في محافظة ديالى اعدام تنظيم داعش ثلاثة من أشقاء القيادي في الجيش الاسلامي ابو جاسم الجبوري بأطراف منطقة حمرين عاصمة المحافظة. واشار الى أن اعدام اشقاء الجبوري ادى الى تأزم العلاقة بين داعش والجيش الاسلامي وسط تأكيدات بأن الجبوري توعد بالانتقام لأشقائه.
وفي محافظة ديالى نفسها، أصدر تنظيم داعش وثيقة أسماها «وثيقة السعدية» تم نشرها في اطراف ناحية السعدية بالمحافظة تمنع رفع أية راية غير راية التنظيم. وتتلخص الوثيقة  بثلاث نقاط رئيسية يمنع فيها التنظيم رفع أي راية غير رايته، والالتزام بقرارات المحكمة الشرعية للتنظيم، اضافة الى تحذير من فتح أي قنوات تعاون مع اعداء داعش. كما شكل التنظيم 4 محاكم شرعية في محافظة نينوى، حيث استخدم كنيسة وثلاثة جوامع مقرات لمحاكمه، اضافة الى تشكيل محكمة شرعية أخرى في محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت. وأعلن داعش اخضاع جميع سكان المناطق تحت سيطرته لإحكام هذه المحاكم، منذراً بعقوبات صارمة ضد المخالفين للشريعة الاسلامية.
وفي قضاء بيجي التابع لمحافظة صلاح الدين، انشأ داعش محكمة شرعية في منطقة الصينية التي يسيطر عليها المسلحون بشكل كامل.
في الاثناء، تواصلت الدعوات الاقليمية والدولية من اجل تشكيل حكومة عراقية تتجاوز موضوع الانقسامات. وفي هذا السياق، قالت مسؤولة كبيرة بالأمم المتحدة إن العراق يحتاج إلى حكومة أكثر استيعاباً تتجاوز الانقسامات الطائفية والدينية للقضاء على الاضطرابات التي يواجهها وهو أمر لا يمكن لأحد تحقيقه غير الساسة العراقيين أنفسهم.
وقالت رئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيلين كلارك إنه لا يمكن إنهاء الأزمة في العراق وفي سوريا المجاورة إلا من خلال حل سياسي.


دعوة لاحياء المؤسسات
كما دعا الشيخ احمد الصافي – معتمد المرجعية الشيعية العليا بزعامة علي السيستاني في كربلاء – امام الآلاف من المصلين الشيعة، البرلمان العراقي الجديد الى عقد اولى جلساته لتسمية رئيس للبرلمان ورئيس للجمهورية وتكليف رئيس وزراء جديد لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وقال المرجعية نطالب السياسيين جميعاً الالتزام بالتوقيتات الدستورية وعدم التجاوز عليها لتشكيل حكومة جديدة فاعلة تتدارك أخطاء الحكومة السابقة.
واضاف أن دعوة المرجعية للتطوع لم تكن من منطلق طائفي لأن المرجعية بعيدة عن الممارسات الطائفية بل دعت جميع الشعب العراقي من جميع طوائفه للتطوع لمقاتلة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، هذه الجماعة التكفيرية التي تستهدف العراق ومقدساته من جميع الطوائف.
في الاثناء، وعلى الرغم من تمسك نوري المالكي بحلم التجديد له رئيساً للوزراء لولاية ثالثة، تشير التقديرات الى أن بوصلة خلافته تتجه بقوة حالياً نحو أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي، وطارق نجم، القيادي في حزب الدعوة،  بعدما أبدت كل من واشنطن وطهران، اللاعبين الأكبرين في الشؤون العراقية، الموافقة عليهما لتشكيل الحكومة الجديدة، وفي حال عدم الاتفاق على أحدهما، فإن الأمر سيترك إلى مجلس النواب لطرح الاسمين عليه، واختيار أحدهما خلال جلسته الأولى المتوقعة في مطلع الشهر المقبل.
الا ان مصادر متابعة تتوقف عند محاولات المالكي المستميتة الى تعطيل اية عملية انتخاب تبعده عن ذلك الموقع. ومن ذلك محاولاته المتكررة لتهريب نصاب الجلسة البرلمانية التي يفترض ان تناط بها مهمة تسمية رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وتكليف احدى الشخصيات بتشكيل الحكومة.

عودة كيري
الى ذلك، عاد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المنطقة في مهمة تتعلق بالملف العراقي، وتقديم تصورات اميركية لحل الازمة. عودة كيري اثارت – كما يبدو – ردود فعل واسعة، استنكرت في مجملها ما اطلق عليه «التدخل الاميركي» في الموضوع العراقي.
وفي اول رد فعل على تلك الخطوة، أعلن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي رفضه الشديد للتدخل الأميركي في العراق، وقال إن بإمكان العراقيين أنفسهم إنهاء العنف في بلادهم.
ونقل عن خامنئي، خلال لقائه رئيس وكبار مسؤولي السلطة القضائية، وكذلك مدراء العدليات والنيابات العامة لمراكز المحافظات أن واشنطن تريد وضع العراق تحت سيطرتها وزرع «أتباعها المطيعين» في السلطة.
وأضاف خامنئي قوله إن الصراع في العراق ليس طائفياً، ولكنه يدور بين من يريدون العراق في المعسكر الأميركي ومن يريدون استقلاله. وقال إن قوى الهيمنة الغربية، وخصوصاً نظام الولايات المتحدة، تسعى إلى استغلال جهالات وعصبيات عدد من العناصر العميلة عديمة الإرادة.
وتابع المرشد الأعلى إن الهدف الأساس من وراء القضايا الأخيرة في العراق هو حرمان شعبه من المنجزات التي حققها، وأهمها السيادة الشعبية رغم التواجد والتدخل الأميركي. ورأى خامنئي أن أميرکا مستاءة من الانتخابات العراقية التي جرت اخيرا، واصفا تلك الانتخابات بانها جرت «بمشارکة شعبية واسعة، واختيار من يريده الشعب»، وقال ان الولايات المتحدة تريد أن يكون العراق خاضعاً لنفوذها، وأن يحكم فيه من يكون طوع أمرها.
ودان تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين يحاولون من خلالها الإيحاء بأن ما يجري في العراق الآن هو حرب مذهبية. وأضاف أن ما يجري في العراق ليس حرباً بين الشيعة والسنة، بل إن قوى الهيمنة تسعى عبر استغلال «فلول نظام صدام البائد» كأدوات أساسية والعناصر التكفيرية المتعصبة كبيادق إلى زعزعة الأمن والاستقرار في العراق وتهديد وحدة أراضيه.
وأكد خامنئي أن عناصر الفتنة في العراق تكنّ للسنة المؤمنين والمعتقدين باستقلال العراق الحقد نفسه الذي تكنّه للشيعة، وقال إن الصراع الأساس في العراق اليوم هو بين الذين يريدون إلحاقه بالمعسكر الأميرکي والذين يريدونه مستقلاً.
وفي الختام، قال المرشد الإيراني إن العراقيين أنفسهم قادرون على مواجهة الفتنة وإخمادها، مؤكداً معارضته لتدخل الأميركيين والآخرين في الشؤون الداخلية للعراق، معبراً عن اعتقاده بان الحكومة والشعب والمرجعية الدينية في العراق قادرة على إخماد نار الفتنة.

اوباما يلمح الى التقسيم
الى ذلك، وفي قراءة اميركية لتطورات الموقف في العراق المح الرئيس الاميركي باراك اوباما الى احتمالية ان تفضي المجريات الحالية الى تقسيم ذلك البلد. وفي هذا السياق، صرح اوباما انه ليست هناك قوة اميركية تستطيع ابقاء العراق موحداً اذا لم يبتعد قادته السياسيون عن الطائفية، ويعملوا من اجل توحيد البلاد.
وقال اوباما لشبكة سي ان ان الجمعة غداة اعلانه عن ارسال 300 مستشار من القوات الخاصة الى العراق، ان التضحيات الاميركية «اعطت العراق فرصة لاقامة نظام ديموقراطي مستقر»، لكنها ضاعت.
وقال اوباما في المقابلة «ليست هناك قوة نار اميركية قادرة على ابقاء البلد موحداً». واشار الى انه ابلغ ذلك الى رئيس الوزراء نوري المالكي. ولكل المسؤولين الاخرين في داخل البلاد.
ودعا الرئيس الاميركي الى جهود جديدة للقادة العراقيين من اجل اقامة نظام سياسي «شامل» لكل الاطراف، وبما  يبقي البلاد موحدة، ويسمح بطرد مقاتلي «الدولة الاسلامية في العراق والشام» التي استولت على مدن عدة، بينها الموصل.
كما اعلن اوباما ان الولايات المتحدة مستعدة لارسال حتى 300 مستشار عسكري الى العراق بهدف «تدريب ومساعدة ودعم» القوات العراقية في مواجهة الجهاديين السنة، مبدياً الاستعداد لتوجيه ضربات محددة الهدف اذا استدعى الامر. واشار الى ان هؤلاء المستشارين الذين ينتمون على الارجح الى القوات الخاصة لن يكونوا قوات تخوض معارك.
وقال اوباما من البيت الابيض انه بعد ثمانية اعوام من الحرب في العراق وسقوط نحو 4500 قتيل، فان «القوات الاميركية لن تعود الى القتال في العراق، لكننا سنساعد العراقيين في معركتهم ضد الارهابيين الذين يهددون الشعب العراقي والمنطقة والمصالح الاميركية». واكد ان واشنطن مستعدة ايضاً لانشاء «مراكز عملانية مشتركة في بغداد وشمال العراق لتقاسم المعلومات الاستخباراتية وتنسيق التخطيط» لعمليات ضد جهاديي الدولة الاسلامية في العراق والشام.

بوتين يدعم المالكي
في المقابل، اعلن الكرملين ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكد لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «الدعم التام» للحكومة العراقية في معركتها ضد الجهاديين السنة.
وقالت الرئاسة الروسية في بيان انه خلال مكالمة هاتفية مع المالكي «اعرب فلاديمير بوتين عن دعم روسيا التام لجهود الحكومة العراقية الهادفة الى تحرير اراضي الجمهورية سريعاً من الارهابيين».
واضاف الكرملين «تم التشديد على ان نشاط المتطرفين الذين يخوضون معارك على اراضي سوريا اكتسب طابعا يتجاوز حدود الدول وبات يشكل تهديداً للمنطقة برمتها». ويتعرض المالكي لانتقادات داخلية واميركية كونه مارس التهميش بحق العرب السنة ما ادى الى هذا الهجوم الواسع للمتمردين المستمر منذ التاسع من حزيران (يونيو).
وفي وقت سابق الجمعة، اعلن احد مستشاري الكرملين يوري اوشاكوف ان اوباما وبوتين سيبحثان «في الايام المقبلة» التطورات في العراق. والاسبوع الفائت، اعتبرت موسكو ان تقدم الجهاديين في العراق يظهر الفشل «الكامل» للتدخل العسكري الاميركي في هذا البلد بين 2003 و2011.
الى ذلك، أكد البنتاغون أن إيران أرسلت «عدداً قليلاً من العناصر» إلى العراق لمساعدة حكومة المالكي على مواجهة المتمردين، موضحة أنه لا مؤشر إلى انتشار واسع لوحدات عسكرية. في وقت ذكر دبلوماسيون غربيون أن قائد فيلق القدس الايراني توجه إلى بغداد لتقديم المشورة إلى المالكي.
وتشكل تصريحات الناطق باسم الوزارة الأدميرال جون كيربي أول تأكيد علني للحكومة الأميركية على وجود عناصر إيرانيين في العراق، حيث تواجه حكومة بغداد «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي سيطرت على مناطق في البلاد.

تواجد ايراني
وقال كيربي في مؤتمر صحافي «هناك عدد من العناصر الثوريين، لكن لا معلومات لدينا عن وجود وحدات كبيرة على الأرض»، مشيرًاً على ما يبدو إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ولم يذكر البنتاغون أي تفاصيل إضافية عن طبيعة الإيرانيين الموجودين في العراق أو عملياتهم، بينما ذكرت وسائل الإعلام أن طهران بدأت جهوداً لدعم القوات العراقية.
وقال كيربي «سندع الإيرانيين يتحدثون عن أفعالهم». وأضاف «لدينا معلومات عن وجود بعض العناصر داخل العراق»، مشيراً إلى أن هذا الانتشار يشمل «عدداً قليلاً» من العناصر. وذكر دبلوماسيون غربيون أن قائد فيلق القدس قاسم سليماني توجه إلى بغداد لتقديم المشورة إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في هذه الأزمة.
وأعلنت الولايات المتحدة في بداية الأسبوع أنها منفتحة على إجراء مشاورات مباشرة مع إيران حول هجوم الإسلاميين المتطرفين السنة، الذين يهددون العراق، مع رفضها أي تعاون عسكري مع طهران. وأعلنت واشنطن أنها سترسل 300 مستشار عسكري إلى العراق، وطلبت من إيران مساعدة العراق في شكل لا يؤجّج التوتر بين الشيعة والسنة.
إلا أن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان صرح بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما يفتقد إلى «إرادة جدية» لمحاربة الإرهاب. وقال إن “التصريحات الأخيرة لأوباما دليل على أن البيت الأبيض لا يتحلى بالإرادة الجدية لمحاربة الإرهاب في العراق وفي المنطقة».
ميدانياً، وسعت جماعات مسلحة يقودها تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» نفوذها نحو مناطق جديدة في محافظة الانبار غرب العراق بعد يوم من السيطرة على مدينة القائم التي تضم معبراً حدودياً رسمياً مع سوريا.
وسيطر المسلحون بالكامل على منطقة القائم، ووسعوا صباحاً سيطرتهم نحو مناطق محيطة بها جنوباً وشرقاً. واكد مصدر امني ان المسلحين فرضوا سيطرتهم كذلك على مقر للجيش في منطقة تقع الى الجنوب من مدينة القائم.

احمد الحسبان

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق