رئيسيسياسة عربية

«أسود دجلة» يطالبون بفيدرالية في العراق

تنهمر قذائف المورتر على مسافة قريبة، ومع هذا ظل المقاتلون العشائريون السنة الذين يستعدون لمهاجمة تنظيم الدولة الإسلامية منشغلين بإخفاقات الفئة السياسية بالعراق أكثر من انشغالهم بالمتشددين الذين يسعون للقضاء عليهم.
تجمع رجال وامرأة واحدة من حشد (أسود دجلة) في قرية شيالة الإمام القريبة من الموصل وأعرب بعض قادتهم عن عدم الثقة في رجال السياسة وتحدثوا عن ضرورة تغيير الحكم في العراق فور دحر الدولة الإسلامية.
وقال الشيخ محمد الجبوري قائد المجموعة إن العراق بحاجة لإصلاح جاد وإن هذا وحده هو السبيل إلى وحدة العراق.
وحشد أسود دجلة جزء من الحشد الشعبي الذي تشكل لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن اجتاح المتشددون شمال العراق عام 2014 دون مقاومة تذكر من جانب الجيش.
ويتألف الحشد الشعبي في معظمه من الشيعة لكنه يضم أيضاً سنة مثل حشد أسود دجلة المكون من 655 مقاتلاً.
وجهود أسود دجلة والقوات الحكومية للسيطرة على قرى عدة تأتي في إطار حملة لإخراج الدولة الإسلامية من معقلها بالموصل ثاني أكبر مدن العراق.
وعلى السطح تضفي مشاركة أسود دجلة في العملية مصداقية على الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد والتي تتهمها الأقلية السنية بتهميش أبنائها. وتنفي الحكومة ذلك.
ويجاهد رئيس الوزراء حيدر العبادي لإقناع العشائر السنية التي ساعدت القوات الأميركية في هزيمة القاعدة خلال فترة الاحتلال من عام 2003 إلى 2011 بالانضمام للمعركة ضد الدولة الإسلامية. وقد أعلن حرباً على الفساد داخل الحكومة والجيش لكنه يلقى مقاومة.
ويشير استعراض القوة في شيالة الإمام إلى حدوث تقدم مع وقوف الجنود وأبناء العشائر جنبا إلى جنب.
لكن البعض يتشكك في أن رجال السياسة لديهم النية أو الرغبة في توحيد العراق الذي تتنازعه الصراعات الطائفية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح صدام حسين.
بل إن قائداً آخر لحشد أسود دجلة هو عبد الرحمن علي يرى أن الدولة الإسلامية جزء من مؤامرة كبرى لإضعاف السنة وهو فكر يبرز مدى عمق انعدام الثقة داخل العراق.
وقال في تصريحات لرويترز «الكل يعرف أن الدولة الإسلامية ستنهزم. المؤامرة تهدف لإلحاق الضرر بالعراق وخصوصاً السنة بعد أن نحرر الموصل… ساستنا وراء هذا».

وحدة أو انقسام
قال مسؤولون إن عملية الموصل – وهي أكبر عملية برية منذ 2003 – يمكن أن تنهض بالعراق أو تقصمه ويحذرون: إن هي أشعلت توترات طائفية في المدينة التي يغلب عليها السنة فقد تفضي إلى انقسام العراق.
لكن إن مضت الحملة بسلاسة ورأى الناس أن الإدارة الجديدة في الموصل لا تتسم بالطائفية، فإن ذلك قد يساعد على وحدة البلاد.
وقال علي إن قيام فيدرالية على غرار المنطقة الكردية شبه المستقلة بشمال العراق هو أفضل الخيارات حتى رغم الاحتكاكات مع بغداد حول إيرادات النفط.
ومثله مثل كثير من السنة – تلك الأقلية التي كانت تهيمن على الأوضاع في عهد صدام ثم رأت صعود الغالبية الشيعية إلى السلطة – لا يعلق علي آمالاً كبيرة على إرساء نظام حكم يوزع المناصب وفقاً للطوائف. فالسنة أنفسهم منقسمون ويفتقرون لزعامة قوية ناهيك عن حالة التشرذم داخل العراق ككل.
وبينما كان الرجال يتبادلون أطراف الحديث، أطلق مقاتلون من الدولة الإسلامية المزيد من قذائف المورتر باتجاههم. وقبل يوم واحد هاجم انتحاريون المنطقة التي تتراص فيها منازل أسمنتية يعلوها التراب وتشرف على الصحراء.
وعلى بعد بضع مئات من الأمتار كان جنود يقفون على سطح مبنى يتتبعون عن بعد سيارتين اشتبهوا بأنهما ملغومتان.
جلس نشوان الصحن أحد أبناء العشائر الذين شاركوا في قتال المتشددين الإسلاميين في العراق منذ 11 عاماً بدءاً بالقاعدة ثم الدولة الإسلامية يستمد الدفء من نار كانت دجاجات مذبوحة تشوى عليها. وعلى صينية وضعت أكباد نيئة. وإلى جانبه كان يجلس جندي شيعي.
عبر الاثنان عن تأييدهما لوحدة العراق لكنهما اجتمعا أيضاً على عدم الثقة في نجاح السياسيين في إخماد التوترات الطائفية التي أشعلت نيران الحرب الأهلية عامي 2006 و2007.
انتقد الصحن كل الساسة بمن فيهم السنة أبناء طائفته وقال «الفيدرالية ستكون جيدة لو أن لدينا زعماء جيدين… نحن نحرر هذه القرى التي يعيش فيها السنة ومع هذا لم يزرنا السياسيون السنة الذين تقع دوائرهم هنا مرة واحدة على خط الجبهة».
المقاتلة الوحيدة في أسود دجلة كانت تمسك ببندقية كلاشنيكوف وتوعدت الدولة الإسلامية بالهزيمة. قالت بزهو «آخر مرة جاءوا إلى بيتي وهددوني.. رشقتهم بالحجارة ووصفتهم بالكلاب».
ذبح مقاتلو الدولة الإسلامية حماها وسلفها. غير أن قصتها تبرز حجم التعقيدات الطائفية والعرقية ومدى انعدام الثقة بالعراق.
فعندما فرت هي وزوجها هذا العام إلى المنطقة الكردية المستقرة نسبياً قبض عليه المقاتلون الأكراد، إذ كانوا يشتبهون في أنه مقاتل بالدولة الإسلامية.

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق